الرئيسية / مجتمع واقتصاد / مجتمع / مواد مجتمعية مختارة / الحقوق القانونية اللاجئين السوريين في تركيا.. بين الخوف ودعم المنظمات

الحقوق القانونية اللاجئين السوريين في تركيا.. بين الخوف ودعم المنظمات

حسام جبلاوي

أدت حملات الترحيل الأخيرة التي طالت اللاجئين السوريين في تركيا وارتفعت وتيرتها مؤخراً إلى خلق مخاوف كبيرة لدى السوريين من التوجه إلى أقسام الشرطة والأمن والمطالبة بحقوقهم القانونية أحياناً في المحاكم رغم تعرضهم للظلم في بعض الأحيان.

وباتت أي مشكلة قانونية ولو صغيرة تشكل هاجساً للكثير من حملة بطاقة الحماية المؤقتة، بعد رصد حالات ترحيل بحق المخالفين.

انتهى الحال بالشاب ربيع عبد العال قبل أشهر بالترحيل من تركيا بعد مشكلة حدثت له في العمل بولاية مرسين.

وقال ربيع (29 عاما) في حديث لـ “صدى الشام” إن المشكلة كانت بسبب تأخر صاحب العمل بتسليم رواتبه وحصل جدال كاد يتطور لاشتباك بالأيدي، ثم فوجئ بتقديم شكوى ضده وبأنه هدد صاحب العمل، مضيفاً أنه احتجز لعدة أيام ولم يخضع لأي محاكمة وانتهى به الحال في مركز ترحيل ونقل إلى سوريا دون أن يتمكن من التواصل مع أي محامي.

لم يستطع الشاب العشريني العودة إلى تركيا بشكل نظامي، رغم وجود عائلته وأطفاله هناك وتقطعت به السبل وحيداً في ريف حلب على أمل أن يجد حلاً قريباً لمشكلته.

وينص قانون الحماية المؤقتة في تركيا على أنه “يتم توفير الحماية المؤقتة للأجانب الذين أجبروا على مغادرة بلادهم ولا يمكنهم العودة إلى البلاد التي غادروها وقد وصلوا إلى تركيا أو عبروا حدودها باندفاع جماعي باحثين عن الحماية العاجلة والمؤقتة”.

خوف وقلق من الترحيل

ومع تداول أخبار الترحيل بين السوريين مع أي مشكلة أمنية أو شكوى أو دعوى في المحاكم بات الكثير منهم يخشى المطالبة بحقوقه القانونية، في حال التعرض لأي مشكلة وبات الخوف السمة الأبرز مع أي موقف.

يروي عبد الرحمن قدور لـ”صدى الشام” إحدى المواقف التي تعرض لها مؤخراً وشعر فيها بالضعف وبأنه دون قانون يحميه موضحا:” حدث خلاف بسيط بين أولادي وأبناء جيراني خلال اللعب في الحارة هاجم جاري منزلنا، وكنت خارج المنزل وأهان أولادي وزوجتي شعرت بالعجز لأنني لا أدري ما الذي سيحدث في حال قدمت شكوى، فالكثير من السوريين انتهى المطاف بهم في مراكز الترحيل بعد أي مشكلة في مراكز الشرطة”.

وفي تقرير سابق لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” قالت المنظمة إنه في حالات الاعتقال، يُنقَل اللاجئون السوريون إمّا إلى مراكز الشرطة المحلية لفترات قصيرة وإما مباشرة إلى مركز ترحيل، وعادة ما يكون “مركز ترحيل توزلا” في اسطنبول. وأوضحت أن هناك مراكز ترحيل أخرى بما في ذلك في بنديك، وأضنة، وغازي عنتاب وأورفة.

وأضافت: “في كل الحالات، صادر المسؤولون التركيون هواتف السوريين ومحفظاتهم وغيرها من الأمتعة الخاصة. كما رفضت السلطات طلبات اللاجئين بالاتصال بأقاربهم أو محاميهم”.

هل يحصل اللاجئون على حقوقهم؟

وينص قانون الحماية المؤقتة الذي أقرته الجمعية العامة لمجلس الأمة التركي بتاريخ 4 نيسان 2013 للتعامل مع لجوء السوريين إلى البلاد، بسبب الحرب على الحق في البقاء في تركيا حتى يتم التوصل إلى حل أكثر دواماً، والحماية من العودة القسرية إلى سوريا، وكذلك التمتع بالحقوق والاحتياجات الأساسية.

كما يضمن نظام الحماية المؤقتة مجموعة من الحقوق والخدمات والمساعدة للمستفيدين من الحماية المؤقتة, يشمل ذلك، ضمن جملة من الأمور، الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية والمساعدة الاجتماعية والدعم النفسي والوصول إلى سوق العمل والحقوق القانونية.

وفيما يتعلق بمدى حصول السوريين على حقوقهم القانونية في تركيا قال رئيس تجمع المحامين السوريين في تركيا المحامي غزوان قرنفل لـ “صدى الشام”: “حتى الحقوق المنصوص عليها بقوانين الحماية المؤقتة التي أقرتها تركيا والمطبق على السوريين لا يحصل عليها السوريون، ويمكن القول إنهم بلا حماية بسبب مزاجية تطبيق القانون، ومن مزاجية الأجهزة الإدارية والموظفين”.

وأضاف: “لا يوجد حق ثابت يمكن للسوري أن يتمترس خلفه لأن اللاجئ ببساطة يمكن أن يرحل فورياً”.

وأكد قرنفل أنه مطلع على كثير من حالات ترحيل السوريين بسبب شكاوى كيدية، والمشكو منه غالبا يتم اتخاذ قرار من دائرة الهجرة بترحيله طالما تم تقديم شكوى بحقه سواء لقسم الشرطة أو النيابة العامة.

ومجرد تسجيل دعوى لها بعد جنائي أو جزائي بحقه ولو كان الأمر ليس خطيرا كمشاجرة، او ازعاج طالما أنه سوري فهو عرضة للترحيل، حتى لو قرر القضاء إطلاق سراحه وتبرئته.

وأِشار المحامي إلى أن هذه الأسباب تدفع السوري للتفكير ألف مرة والخوف من أن يقدم أي شكوى لأن الشكوى قد تنقلب ضده.

وختم بالقول:” طالما ليس هناك إطار قانوني واضح يمثل درع حماية للاجئ السوري فإن هذا اللاجئ سيبقى في مهب الريح وهذا الدرع موجود صورياً، لكنه على أرض الواقع لا يتم إنفاذه والالتزام فيه”.

خوف من مراكز الأمن

ومع تداول أخبار الترحيل بين السوريين عند أي مشكلة في مراكز الشرطة بات الخوف هو السمة الأبرز، وبرزت الكثير من التساؤلات حول الحلول.

وفي هذا الصدد قال المحامي الناشط في مجال الدفاع عن حقوق اللاجئين السوريين في تركيا طه الغازي لـ “صدى الشام” إن نظام قانون الحماية المؤقتة أقر ل اللاجئ السوري توكيل محامي في مراكز الاحتجاز “لكن رئاسة الهجرة في طريقة تعاطيها مع السوريين تنسف كل البنود القانونية التي تجيز له هذا الحق لأن اللاجئ السوري من أول لحظة توقيفه يمنع فورا من التواصل مع عائلته وذويه ومحاميه ويدخل ضمن الاحتجاز التعسفي والقسري”.

ونتيجة لهذا الواقع لجأ الكثير من السوريين خلال الفترة الأخيرة إلى توكيل محامي من باب الحذر خوفا من أي يقع في مركز ترحيل.

وأكد الغازي أن هذا الواقع يدفع اللاجئين للخوف من مراجعة بعض مراكز الشرطة بسبب الخوف من المزاجية لبعض عناصر الشرطة.

منظمات وجمعيات تدعم اللاجئين قانونيا

وخلال السنوات الأخيرة نشطت عدة منظمات وجمعيات في تقديم خدمات قانونية واستشارات للاجئين السوريين دون أي مقابل مثل منظمة آسام، ومنظمة حقوق اللاجئين التركية (mülteci haklari) وهو برنامج تموله الدولة التركية من قبل نقابات المحامين ويهدف إلى مساعدة الأشخاص غير القادرين على تحمل أتعاب محام ورسوم المحكمة.

كما تقدم جمعية اللاجئين بشكل مجاني استشارات قانونية مجانية وإرشادات من خلال محامي تركي يتكلم العربية في اسطنبول، ودعم أفراد يعيشون في مواقف ضعف.

وتقدم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عبر مكاتبها المنتشرة في الولايات التركية المساعدات القانونية في حالات التعرض للتوقيف في المراكز الأمنية أو التعرض لأية حالات أخرى تستدعي المساعدة القانونية.

وتشمل المساعدات القانونية التي تقدمها المفوضية المساعدة القانونية للقضايا المرفوعة ضد القرارات الإدارية بما في ذلك تعطيل التأمين الصحي، والترحيل، والاحتجاز الإداري، ورفض طلبات الحماية الدولية، وقرارات الانسحاب أو قرارات عدم المقبولية، وكذلك القضايا الأخرى التي تقع تحت القانون المدني (مثل الطلاق، والحضانة)، قانون الإيجارات والقانون التجاري وقانون العمل.

تروي اللاجئة السورية سناء نجاري (36 عاماً) تجربتها مع مكتب الأمم المتحدة في ولاية إسطنبول بعد لجوئها إليه لمساعدتها في قضية الطلاق مع زوجها وتحصيل حقوقها.

وتقول سناء إنها كانت عاجزة عن دفع التكاليف المادية لمحامي وكان زوجها رافضاً تطليقها رغم رغبتها بذلك، بسبب الظروف الصعبة التي تعيشها وبالفعل تمكنت من تقديم طلب للمحكمة عبر المحامي الذي ساندها في الجلسات وقدم لها كل النصائح القانونية.

تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR” صحفيون من أجل حقوق الإنسان

شاهد أيضاً

انخراط الجامعيين السوريين المجنسين في الحياة السياسية التركية

قتيبة سميسم – أنقرة لعل الطلبة السوريين هم الفئة الأكثر قدرة على الاندماج الكامل في …

مشاريع نسائية سورية تنتظر الدعم جنوب تركيا

حسام جبلاوي خسرت رولا بوشي وهي أم لأربعة أطفال أيتام متجر الألبسة الذي كان يعيلها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *