حسام جبلاوي
معاناة مضاعفة تعيشها مريضات السرطان السوريات في تركيا، فرضتها قيود التنقل بين الولايات التركية والانتظار، وبيروقراطية الاجراءات والصعوبات المادية.
تقيم عبير آغا وهي مريضة سرطان في ولاية مرسين وتعاني منذ أشهر من تعقيدات العلاج وبطئه فضلا عن اجراءات إذن السفر والإحالة الطبية.
بدأت قصة الشابة عبير التي تبلغ من العمر 36 عاما قبل نحو 7 أشهر بعد تشخيص إصابتها بسرطان الرئة ومنحت تحويلة طبية إلى ولاية أضنة للعلاج.
تقول عبير لموقع “صدى الشام”:” المشكلة بالإجراءات البطيئة فالتحاليل والصور تأخذ أحيانا شهورا، والمواعيد بطيئة احتاج لأسبوع وأكثر للحصول على موعد، هذا عدا عن صعوبات طلب إذن السفر والتنقل وعائق اللغة، والتكاليف المادية لاسيما الجرعات التي لا تغطيها الإقامات السياحية والتأمين”. وأردفت:” فوق آلامي أشعر بأنني في دوامة لا تنتهي، لا زلت حتى اليوم مهمومة بالفحوصات والتنقل من مكان إلى آخر”.
ألم الانتظار
في شهر تموز/ يوليو الفائت استأنفت السلطات التركية استقبال مرضى السرطان السوريين للعلاج في أراضيها بعد توقف دام قرابة 6 أشهر بسبب كارثة الزلزال، ولكن وفق شروط وآليات جديدة.
كانت وفاء حاج عمر وهي نازحة سورية تقيم في مخيمات ريف اللاذقية واحدة من كثير من المرضى الذين انتظروا الحصول على علاجهم لأشهر بعد تشخيص إصابتها بسرطان في الدم.
تروي المرأة الأربعينية معاناتها مع رحلة العلاج وما تعرضت له من صعوبات بداية مع دخولها بمفردها بلا أي مرافق في مكان لا تعرف فيه أحدا وصولا إلى بطيء الاجراءات والتكاليف الكبيرة عليها.
وتوضح قائلة:” دخلت في منتصف شهر آب الفائت منحت حينها بطاقة مؤقتة للعلاج مدتها ثلاثة أشهر فقط، كنت وحيدة دون أي داعم من عائلتي. توجهت بداية لمشفى منطقة دورت يول في هاتاي كما طلب مني وتم تحويلي لمشفى آخر بولاية أنقرة لأبدأ فترة علاجي.
تتابع وفاء بتنهد وصوت متعب:” في أنقرة كانت الأمور بطيئة جدا، تحويلة المشفى كانت صلاحيتها خمسة أيام، عرضت خلالها على طبيب وحولني لقسم معالجة الأورام لكن الكارثة أن انتقالي لقسم العلاج استغرق عدة أيام واحتجت الى صور شعاعية وتحاليل وكانت مدة التحويلة انتهت فاضطررت للعودة إلى الحدود (المسافة 650 كم) وتجديد ورقة التحويل من المشفى الأول.
تقيم وفاء في دار يتبع لجمعية الأمل التي تهتم بمرضى السرطان بأنقرة وتلقت عدة جرعات لكنها لا تخفي خشيتها من قدرتها على الاستمرار في العلاج الذي قد يطول لأكثر من عام بسبب التكاليف المادية التي تفوق قدرتها، وأكدت أنها تأخرت أحيانا عن مواعيد جرعاتها بسبب عدم توافر ثمن الأدوية.
الإحالة الطبية ومشاكلها
في حديث لموقع “صدى الشام” يؤكد الطبيب السوري محمد بارودي العامل في مركز صحي بالريحانية أن هناك بطئا كبيرا في سير العملية العلاجية لمرضى السرطان من ناحية التشخيص والصور والتحاليل المطلوبة. وقال بارودي لموقع “صدى الشام” إنه اطلع على حالات كثيرة يكون فيها الوضع الصحي للمريض مُتدهورا، لكن لا يُؤخذ في الحسبان هذا الأمر ويجري التعامل مع المرضى بالسرطان كغيره من الأمراض الأخرى، أي لابدّ من استكمال الأوراق؛ للحصول على المطلوب من العلاج، ولا تراعى الحالات الإسعافية والمُستعجلة.
وأوضح أن المريض يحتاج في بداية كل مرحلة علاجية مختلفة عن سابقاتها إلى إحضار إحالة طبية، وهو أمر شاق جدا وروتيني، كما أن صلاحية البطاقة التي يحملها مرضى السرطان عند دخولهم تركيا هي ثلاثة أشهر وهي غير كافية المدة ويضطرون عند انتهائها للعودة إلى الحدود وتجديدها بعد إحضار الوثائق والثبوتيات اللازمة.
صعوبات إضافية
ولاء أوسي شابة لم تتجاوز ال 20 عاما لها قصة مختلفة في مرحلة العلاج. دخلت قبل نحو شهرين من مخيمات ريف إدلب بعد تشخيص إصابتها بكتلة سرطانية بالدماغ بمكان حساس جداً مسؤول عن الهضم والبصر.
بعد وصولها تركيا كانت مهددة في حال إجراء استئصال الورم بأن تخسر بعض الوظائف المهمة متل الجهاز الهضمي والنظر، وتنقلت بين مشافي دورت يول وأضنة ومرسين وغازي عنتاب بحثا عن طبيب يجري لها العملية لكن الجميع رفض بسبب خطورة هذه العملية.
واجهت ولاء كما تروي لموقع “صدى الشام” الكثير من المصاعب التي لم تكن تتوقعها منذ دخولها إلى تركيا ومنها غياب أي مرافق وتضيف: ” أحيانا كنت أفقد توازني ولا أستطيع تسيير أموري بنفسي ولم أكن قادرة على الحركة في بعض المواقف شعرت بالضعف في الكثير من المواقف وفكرت بالتراجع عن العلاج بسبب هذا الأمر.
وأردفت موضوع الإحالة الطبية أيضا شيء معقد كلما اريد الدخول إلى الطبيب يجب أن أحضر إحالة من مدينه أخرى تبعد ٤ او٥ ساعات وكل دخول إلى نفس الدكتور يحتاج نفس الأمر في كل مرة، وهذا أمر في غاية الصعوبة وخاصه انني متعبه ومده الاحالة يكون دخول لمره واحده فقط، لا تستطيع الدخول مرتين بنفس الإحالة.
كما تحدثت ولاء عن مشكله اللغة وعدم توافر مترجمين فعندما تحتاج إلى مترجم لا تستطيع الوصول إليه أو حتى يعتبرك غير موجود.
وأشارت ولاء في ختام حديثها إلى صعوبة التنقل والإجراءات التي تحتاج إلى وقت طويل جدا فعندما يطلب صورة يعطى للمريض دور بعد شهر وبعد الشهر عندما تذهب وتقطع مسافات طويلة يخبرك بأن تأتي بعد ١٥ يوما لأخذ النتيجة فهذا الوقت كله تعب وانتظار وألم للمريض الذي ترك عائلته وأهله وجلس في مكان لا يعرف فيه أحد وهو يتألم.
مبادرات لدعم المريضات
في ظل المصاعب التي تواجهها مريضات السرطان السوريات في تركيا برزت بعض الجهود من جمعيات إنسانية وفرق تطوعية لتأمين مراكز إيواء للمريضات ومساعدتهن في التنقل.
وفي هذا الصدد قال المنسق العام لجمعية الأمل لمكافحة السرطان الدكتور غياث مارتيني إن الجمعية تعمل على متابعة المريض من الداخل السوري عبر مكاتب التنسيق وحتى وصوله إلى المعبر التركي وتساعد في الإجراءات اللازمة من الوثاق لإحالة المريض إلى المشفى المختص، كما تستقبل المريض أو المريضة ومرافقه في مركز الجمعية بحسب الولاية المحوَّل إليها المريض.
كما تساعد الجمعية في نقل المريض أو المريضة ومرافقه إلى القسم الذي سيقيم فيه، والذي يحتوي على سرير مجهز ولوازم الإقامة إضافة إلى تأمين نشرات التغذية المطلوبة لمريضات ومرضى السرطان، وتعليمات تتعلق بمواعيد الطعام اليومي، ومواعيد انطلاق سيارات المراكز إلى المشافي وأماكن وقوفها و مواعيد عودتها، ومتابعة المريض بنقله إلى المشفى لفتح الملف الطبي فضلا عن صرف الوصفات الطبية و التي لم تعد مشمولة بالتأمين الصحي كون المريضة تدخل إلى تركيا بكيملك سياحي و هي تتطلب مبالغ كبيرة يصعب على المريض تأمينها.
وتقدم الجمعية بحسب الطبيب الترجمة وهي من أكبر العوائق أمام المريض إضافة إلى متابعة تجديد الإحالات، حيث مدة الإحالة خمسة أيام صالحة لمرة واحدة فقط وتحتاج إلى التجديد من مركز إصدارها في ولاية هاتاي.
وبدأت الجمعية هذه الخدمات منذ نهاية عام 2013 وقدمت منذ ترخيصها خدمات لأكثر من 10 آلاف مريض ومريضة وأقامت مراكز لخدمة المريضات والمرضى في عدة ولايات تركية مثل أضنة وعنتاب وهاتاي وإسطنبول وأنقرة.
مركز ملهم لرعاية المرضى
كما أقام فريق ملهم التطوعي نهاية العام الفائت دارا لمرضى السرطان في مدينة أضنة التركية، لمتابعة علاج مرضى السرطان السوريين القادمين من شمالي سورية وتأمين الايواء لهم طوال فترة علاجهم.
وقال عبد الله الخطيب وهو مسؤول المكتب الإعلامي في فريق ملهم إن الدار مؤلفة من ثلاثة طوابق بطاقة استيعابية تصل إلى 48 مريضا. يمكن فيها استقبل النساء والرجال والأطفال.
وأوضح أن فكرة إنشاء المركز جاءت بعد الاطلاع على معاناة مرضى السرطان وعدم وجود مكان لإقامتهم وبعضهم تستمر فترة علاجه عام وأكثر. مضيفا أن الفريق يؤمن للمرضى والمريضات الإقامة المجانية طوال فترة العلاج مع الطعام ولوازم الحياة الأساسية وخدمات الترجمة للمرضى في المشافي والمواصلات . كما يمكن أن يساعد في تأمين العلاج لبعض الحالات.
“تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR” صحفيون من أجل حقوق الإنسان”
You’re welcome! I appreciate your willingness to engage further. If you have any specific questions or topics you’d like to delve into, feel free to share them. Whether it’s about recent developments in technology, intriguing scientific discoveries, captivating literature, or anything else on your mind, I’m here to provide insights and assistance. Simply let me know how I can help, and I’ll be happy to assist you further!
This website has quickly become my go-to source for [topic]. The content is consistently top-notch, covering diverse angles with clarity and expertise. I’m constantly recommending it to colleagues and friends. Keep inspiring us!