ريما العبد
في ظل المجتمعات العربية، تُعد ظاهرة الزواج المبكر واحدة من أبرز التحديات التي تواجه النساء، حيث تتجذر هذه العادة في النسيج الاجتماعي والثقافي، وتتأثر بعوامل اقتصادية ودينية وتربوية.
في سوريا، تلعب العادات والتقاليد دورًا محوريًا في تشكيل مفهوم الزواج، حيث تُفرض على الفتيات في كثير من الأحيان قيود تقليدية تحد من حريتهن في اختيار شريك الحياة دون مراعاة لرغباتهن أواستعدادهن. مما يؤثر على حقهن في التعليم ويحد من فرصهن في العيش بحرية.
يُعزى انتشار الزواج المبكر في العديد من الحالات إلى الفقر والضغوطات الاجتماعية، حيث تُرى الفتاة كعبء مالي يمكن التخفيف منه عبر تزويجها، كما تلعب العادات والتقاليد البالية دورًا في تعزيز هذه الظاهرة.
تتحمل النساء اللواتي يُجبرن على الزواج المبكر عواقب وخيمة، بما في ذلك العنف الأسري والاستغلال الجنسي، وغالبًا ما يُحرمن من حقوقهن الأساسية ويُعانين من مشاكل صحية ونفسية. ومع ذلك، هناك نساء شجاعات في المجتمع السوري يتحدين هذه العادات ويسعين لتغيير مسار حياتهن، مما يُلهم الأجيال القادمة ويُساهم في تحقيق التقدم نحو مجتمع أكثر عدالة ومساواة.
السيدة نور، والتي تعمل في مجال الحلاقة النسائية: تقول” واجهت صعوبات كبيرة في التكيف مع مسؤوليات الزواج المبكر وفقدت شعور الطفولة ولم أتمكن من ممارسة الأشياء التي أحبها فقد تركت المدرسة بسن مبكرة
وعانيت من ضغوط نفسية واجتماعية بسبب قلة الخبرة في التعامل مع الحياة الزوجية، لم أكن محظوظة بما يكفي لتجنب هذه التجربة المؤلمة ”
وتتابع نور ” تمكنت بعدها من إنهاء عقد الزواج وبدأت بإجراءات المطالبة بحقوقي القانونية، وسعيت لتعليم نفسي وتطوير مهاراتي الشخصية من خلال البحث والالتحاق بدوات مهنية وتضيف، انخرطت في انشطة مجتمعية تدعم النساء ولمشاركة تجربتي مع فتيات اخريات.
وتوجه نور رسالة لكل الفتيات اللواتي يواجهن خطر الزوج المبكر، تمسكن بحقوقكن ولا تستسلمن فلديكن القدرة على التغلب على هذه الظروف وتحقيق أحلامكن “، وتضيف ” لابد من سن قوانين صارمة لمنع زواج القاصرات وتطبيقها بشكل فعال وأن نساعد الفتيات على الحصول على التعليم والتدريب المهني لتمكينهن اقتصادياً ”
أما السيدة مريم أحمد تقول أنه بحكم العادات والتقاليد فقد أجبرني اخي على الزواج بسن صغيرة ولم أكن على دراية كافية بالزواج ومفاهيمه.
وتتابع، بقيت متزوجة لمدة ثماني سنوات، ولدي ثلاثة أولاد، أتيت إلى تركيا في سنة 2020 لوحدي بعد أن حصلت على الطلاق ولم أكن أملك شيئ، بدأت من الصفر عانيت كثيراً في البداية لأحصل على عمل، وتقول بدأت بأعمال غير مأجورة، أو بأجر قليل حتى استطيع الوقوف على قدمي، وبعدها عملت بالميديا (تصوير) والأن لدي عملي الخاص المتعلق السوشيال ميديا.
أما بالنسبة لتغيير نظرة المجتمع تجاه زواج القاصرات، فإن ذلك يتطلب جهود مشتركة من كل أطياف المجتمع إذ لابد من توفير برامج تثقيفية، وتوعية، حول اضرار زواج القاصرات سواء من الناحية الصحية والنفسية والاجتماعية، وتوفير فرص تعليمية مناسبة لهن بحيث يكون التعليم وسيلة فعالة لمنع زواج القاصرات.
وتضيف، إن أهم الخطوات لدعم الفتيات اللواتي يتعرضن لخطر الزواج المبكر هي توفير دورات تدريبية وورش عمل، تساعدهن على تطوير مهارتهن، وزيادة فرصهن في سوق العمل، وتقديم دعم نفسي لتجاوز الأثار الناتجة عن زواجهن المبكر.
دور القانون
المحامية نجلاء حمال، عند سؤالها عن العقوبات المقررة في القانون التركي لمن يقوم بتزويج قاصر، وعن الإجراءات القانونية التي يمكن اتخاذها لحماية القاصرات من هذه الظاهرة أجابتنا كما هو موضح في المقطع الصوتي
أما المحامية خلود مبارك، عند توجيه نفس السؤال لها قالت أن الزواج بقاصرلم تتجاوز السادسة عشر من عمرها يعرض لعقوبة من ستة أشهر إلى سنتين، إلا أن هناك استثناءات في القانون التركي، حيث يجوزللقاضي السماح بزواج القاصر بعد فحوص طبية يخضع لها كل من الزوج والزوجة.
وفي الختام، تظل قصص النساء السوريات مصدر إلهام لا ينضب. فمن خلال الألم والأمل، تتشكل روايات الصمود التي تعكس القوة الكامنة في كل امرأة. ومع كل فجر جديد، تُولد العزيمة من جديد لمواجهة التحديات وصناعة الغد.
“تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR” صحفيون من أجل حقوق الإنسان”