الرئيسية / رأي / فداءً لفلسطين

فداءً لفلسطين

عبد العزيز المصطفى

تذكر كتبُ المذكراتُ السّياسية أنّ رئيس وزراء بريطانيا “ونستون تشرشل” أراد أن يُلقي خطابًا بمجلس العموم البريطاني، فاستدعى أحدَ مستشاريه ليسمعه الخطاب ويأخذ رأيه فيه قبل أن يُلقيه.
استمع المستشار لخطاب رئيس الوزراء ومدح فيه جزالةَ اللغةِ وبلاغةَ العباراتِ، ثم توقف فجأة وتلعثمَ في الكلام!!
طلب منه “تشرشل” أن يكمل رأيه دون ترددٍ، أكمل المستشارُ فقال له: “يا سيدي لم أعرف هل أنت مع القرار الذي تناقشه أم ضده؟!!” عندها فرح “تشرشل” وشكر مستشاره قائلًا له: “هذا الذي أريده حتى لا يعرف أحدٌ موقفي من الموضوع الذي أتكلمُ عنه!!!”
للأسف حين نستمع لبعض المسؤولين الذين يخرجون كلّ ساعة علينا للتحدث عن المآسي في فلسطين نتساءل: هل هم مع وقف المجازر أم استمرارها وتحريض المجرم على المزيد؟!!
لا رمادية في رفض القتل والإجرام، فإمّا أن يكون وبدون لبسِ أو لا!!
عودٌ على العنوان إذ تخلّدُ الكتبُ التأريخية قصةَ تضحيةٍ خلال الحرب العالمية الأولى فتقول: إنَّ بحارين ألمان بقيادة الأدميرال “جراف شبي” أثناء قيامهم بواجبهم العسكري، غرق طرادُهم في مياه جزر “الفوكلاند” بجنوب المحيط الأطلسي، عام/1915/م بفعل هجوم بريطاني شرسٍ عليهم، بيد أنّ خمسة من البحارين رفضوا رمي العلم الألماني، وذهبوا موتى في قاع المحيط وهم يحملون علم ألمانيا القيصرية، احترامًا لقُدسية العلم عندهم!
تُرى ونحن تتابعُ صورَ الصمودِ الأسطوري للشعبِ الفلسطيني المكلوم، الذي تضيق العبارات وتتلاشى الحروف على شفاهنا خجلًا من بطولاتهم، ما الذي يمكننا أن نقوله عنهم؟!!
ما الذي سيسجله التاريخ عنهم؛ يخرجُ أحدهم من تحت الركامِ لا شيء سوى القول: فداءً للقدس، فداءً لفلسطين، حسبي الله ونعم الوكيل!!
أيُّ إيمانٍ بالأرضِ هذا الذي يدفعهم، إنه الإيمان بالقضية العادلة يجعلهم لا يأبهون لقتلٍ أو دمار!!
إنه الإصرار على عدم تكرار النكبة ثانية، ولسانُ حالِ الجميعِ يرددُ: لن نكرر مآسي آبائنا وأجدادنا، لن نلدغ من الجُحر مرتين، ندافع عن مقدساتنا، ننتصر أو نرحل وهاماتنا مرفوعة.

شاهد أيضاً

فلنختار ظرف ومكان موتنا

عبد العزيز المصطفى خلال الحرب العالمية الثّانية كان الشغلُ الشاغل لهتلر هو كيفية القضاء على …

أخشى ما أخشاه

عبد العزيز المصطفى يذكرُ الفيلسوفُ الصيني” هان فاي زي” الذي عاش في القرن الثالث قبل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *