الرئيسية / رأي / قراقوش ومجلس الأمن!!

قراقوش ومجلس الأمن!!

عبد العزيز المصطفى

يقال بأنّ قراقوش وكان عبدًا مملوكيًا، أشقر الشّعر، أبيض الوجه، أعتقه “صلاح الدين الأيوبي” وجعله أميرًا وقاضيًا على مدينة “عكا” وكان قراقوش يميل إلى البيض ويكره غيرهم من شعوب الأرض.
فأتت إليه ذاتَ يومٍ سيدةٌ حجازيةٌ تشكو جاريتها الرومية الشقراء، قائلة له يا سيدي القاضي: “لقد أساءت جاريتي الأدبَ معي!!”
فأحضر “قراقوش” الجاريةَ ونظر إلى بياضها وسواد السّيدة الحجازية، وقال للسيدة الحجازية: أيتُها الحجازية ويلك ما أنا بأحمق أو مغفلٍ!!
وأمر بجعل السّيدة هي الجاريةُ والجاريةِ هي السيدةُ، فجاءت الحجازيةُ التي أصبحت جاريةً إلى سيدتها الجديدة ترجوها أن تعتقها لوجه الله!! ففعلت.
فقال لها “قراقوش”: جزاكِ الله خيرًا لقد أحسنتِ صُنعًا مع الحجازية”
للأسف إنّ المتابع لحالِ قراراتِ مجلس الأمن اليوم، ومعه جلّ الهيئات والمنظمات التي تنادي صبح مساء بحقوق الإنسان تشبه حال القاضي قراقوش؛ يشاهدون الكيان المحتل يعربدُ ويقتل ويستهدف الشجر والحجر ولا مقدس عنده، يستبيح دورَ العبادةِ والمستشفيات، وإذا ما أعلن عن إدخال شحنة غذاء، أو صرّح عن نيته إعلان هدنة لساعاتٍ في فلسطين، ينبري هؤلاء لشكره!
أيُّ مصيرٍ ينتظرُ مستقبلَ البشريّة، وقد وصل الحالُ لما وصل إليه؛ أطفالٌ بعمر الورود، لم تتجاوز أعمارُهم أيامًا معدوداتٍ تُنتهك حرمُاتهم، أمام مرأى ومسمع العالم أجمع!!
إنّه زمن الذل السّياسي الذي يعيشه العالم المتحضر، ومعه انعدامُ الأخلاق والقيم، زمن الهوان، زمنُ شريعةِ الغابِ، زمنٌ صارَ المدافعُ فيه عن عرضه وأرضه يوصفُ بأبشعِ الصفات، وتحاربه أقوى الدول وأكثرها تحضرًا وحديثًا عن المدنيّة والحضارة!!
ولم يكتفوا بذلك فحسب بل شجعوا القاتلَ المجرمَ بحجة حق الدفاع النفس، ومنحوه فرصةً تلو أخرى؛ ليحقق المزيد من القتل وويلات الحرب، ظنًا منه أنه سيجلب الأمن والأمان لمستوطنيه من خلال فوهة الدبابة وصواريخه المنهمرة على أرض فلسطين، وحرمانه المدنيين الماءَ والطعامَ والدواءَ وأبسطَ متطلبات الحياة!! حقًا إنّ الذين يساندون المجرم المحتل في إمعانه وهمجيته هم “قراقوش العصر”.

 

شاهد أيضاً

فلنختار ظرف ومكان موتنا

عبد العزيز المصطفى خلال الحرب العالمية الثّانية كان الشغلُ الشاغل لهتلر هو كيفية القضاء على …

أخشى ما أخشاه

عبد العزيز المصطفى يذكرُ الفيلسوفُ الصيني” هان فاي زي” الذي عاش في القرن الثالث قبل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *