تمارة الكردي – صدى الشام
تخشى السوريات في كهرمان مرعش الحمل، ليس لأعراضه أو خوفاً من الفقر، إنما هرباً من دخول قسم النسائية في مستشفى نجيب فاضل الحكومية والتي تشكل كابوساً لهن بسبب النظام المتبع هناك، حيث يخصص كل يوم طبيب للسوريات الأمر الذي يحول بينهن وبين متابعة حملهن عند طبيب واحد ما يضطرهن في كل مرة لإعادة التحاليل وشرح وضعهن من البداية، بحسب إفادة بعض الحالات من هناك.
بدأت في الشهر العاشر والطبيب لم يحدد لي موعد القيصرية
تقول فاطمة سعيد في حديثها لصدى الشام: بعد ولادتي الأولى بثماني سنوات انا حامل للمرة الثانية، الفرحة التي اشعر بها لا توصف، ذهبت إلى المشفى من أجل متابعة الحمل عند الطبيب، في زيارتي الأولى كانت معاينتي لدى طبيبة طمأنتني عن الجنين، وأعطتني بعض الفيتامينات وقالت لي تعالي بعد شهر، أضافت: ذهبت في المرة الثانية وكنت قد اخذت موعداً عند الطبيبة، لكن لم يسمحوا لي بالدخول إلى الطبيبة، والسبب أنه في كل يوم يوجد طبيب واحد فقط يسمح لحاملين بطاقة الحماية المؤقتة من السوريين بالدخول إليه، وهذا الطبيب لا يكون لديه أدنى فكرة عن وضع المريضة.
تتابع سعيد: مع اقتراب موعد ولادتي، راجعت المشفى وطلب الطبيب مني أن اقوم بمراجعته بعد 15 يوماً، وانتظرت هذه المدة حتى بدأت أشعر بألم الولادة، فعدت إلى المشفى وكنت قد بدأت بشهري العاشر ولكن الطبيب المسؤول عن السوريات آنذاك رفض تحديد موعد لعملية القيصرية وقد تذرع بأنه الطبيب الذي طلب مراجعتي في هذا اليوم غير موجود في المشفى وبأن موضوع ولادتي لا يخصه، وقد طلب مني أن أعود بعد أسبوع للمراجعة، وما أن مرت أربعة أيام حتى نزل ماء الرحم ولم أعد أحتمل الانتظار فعدت للمشفى ولكن الطبيب الموجود رفض اجراء العملية.
استنجدت بجارتي التركية والتي بدورها طلبت سيارة أجرة وأخذتني إلى مستشفى خاص.
عقبت الأخصائية النسائية حنين ش. على الحالة: في مثل هذه الحالات عند بقاء 10 أيام لإتمام الشهر التاسع تبقى الأم في وضع المراقبة وإن كانت تشعر بألم فيجب إبقاء الأم في المشفى إلى أن يُتَأَكّد من وضع الجنين والأم وتخضع للقيصرية.
الطبيب يطلب من زوج المريضة وأهلها أن يختاروا الجنين أو الأم!
تقول عائشة (فضلت عدم ذكر كنيتها) وهي طالبة جامعية تعمل كمترجمة في ولاية كهرمان مرعش، اتصلت عائلة فاطمة بي لأذهب معهم الى المشفى الخاص، وبعد أن أنهينا الاجراءات الرسمية للدخول سارع العاملون هناك بتجهيز غرفة العمليات وطلب الطبيب مني أن اسأل الزوج فيما إذا كان يريد حياة الجنين أم زوجته لان الوضع خطير جدًا وعليه معرفة على من سيكون التركيز قبل أن يدخل العملية.
وتضيف: في البداية لم استوعب قول الطبيب وقلت لهم ان الطبيب يقول الوضع خطير وعليكم بالدعاء، وأخبرت الطبيب أنهم يريدون الأم، فأنا أعرفهم جيداً واعرف انهم سيختارون الأم لكن من الصعب جداً ان اقول لهم عليكم الاختيار، ثم انتهت الجراحة، جاءت الأم ولم تأتي الطفلة، حتى وصل الطبيب بعد قليل وقال انه تم انقاذ الام والطفلة ولكن الطفلة تحتاج للبقاء في العناية المشددة لفترة يومين. بعد مرور اثنا عشر ساعة جاءوا إلينا بالطفلة وقالوا وضعها استقر وهي بخير.
لقد أطلق الطبيب مع الممرضات اسم Gülbahar (غولباهار) على الطفلة وهو اسم تركي وأصرت العائلة أن تبقي الاسم نفسه للطفلة.
تتابع عائشة: سألت الطبيب عن سبب وصول المريضة لهذه المرحلة من الخطر قال لي كان يجب أن تخضع للقيصرية في الاسبوع الثاني من الشهر التاسع، ولكن هذا التأخير جعلها في وضع حرج وخطير لهذه الدرجة.
اشتدت آلام الولادة والطبيب يقول لم يحن الوقت:
أما مريم عصمان وهي سيدة سورية تعيش في ولاية كهرمان مرعش التركية، تقول في حديثها لصدى الشام: ذهبت إلى المشفى للاطمئنان عن الحمل أخبرتني الطبيبة أني حامل في الاسبوع الثامن والجنين بحالة جيدة، أجرت بعض التحاليل والاجراءات الروتينية وطلبت مني مراجعة المشفى كل شهر لمتابعة الحمل.
أرفدت: بعد شهر ذهبت إلى المشفى وكنت مرهقة من أعراض الحمل، حيث يتوجب على المراجعات السوريات أن يتواجدوا في المشفى عند الساعة الثامنة صباحاً، نعاني الأمرين في زحمة المواصلات، ثم الانتظار في طابور المشفى من أجل أخذ الفيش الذي فيه رقم المريض عند الطبيب ونحن نلهج بالدعاء أن يكون حظنا بالطبيب المسؤول في ذاك اليوم عن السوريات وافر.
تابعت عصمان: بقي الوضع على ما هو عليه في كل مرة أكون في المشفى في الساعة الثامنة ولا أخرج حتى ما يقارب الساعة الرابعة، هذا الأمر يبدو ككابوس مع تعب الحمل، عادتي في الولادة هي الجراحة القيصرية ومع اقتراب نهاية حملي حدد الطبيب لي موعد الجراحة، ولكن بدأت أشعر بالطلق قبل الموعد المحدد ذهبت للمشفى ولكن الطبيب قال أنه لم يحن موعد الولادة وطلب منا أن نعود للبيت، في اليوم الثاني الالم يزداد بشدة، جرحي السابق في آخر ولادة بدأ ينفتح من الطلق، ذهبنا برفقة المترجمة إلى مشفى خاص توجد فيه الدكتورة هلال وهي طبيبة ماهرة معروفة في كهرمان مرعش، وتابعت: بعد أن فحصتني الطبيبة ذهبت مسرعة إلى الهاتف تحدثت به كتبت لنا على ورقة وختمتها ثم قالت الوضع خطير تحتاج إلى بروفيسور لإجراء الجراحة انا تكلمت مع مشفى الجامعة وهم بانتظاركم، في مشفى الجامعة كانوا شديدين ولا يقبلون إلا بإحالة من مشفى التوليد، ولكن فوجئنا بهم ينتظروننا، ادخلوني مباشرة لغرفة العمليات وكان الدم يخرج من مكان الجراحة السابقة، لا أدري ما حدث بعد ذلك ولكن قالوا لي فيما بعد أن الوضع كان خطير ولا يمكن تدارك هذا الخطر إلا باستئصال الرحم، هكذا بكل بساطة اخبروني بأنه لم يعد بإمكاني أن أكون أم مرة أخرى…والسبب أن طبيب كان قادراً على تدارك هذا الوضع قبل 24 ساعة لكنه لم يفعل!!
تقول الأخصائية النسائية حنين ش.: إن إخراج مريضة من المشفى وهي بحالة ولادة هذا يعتبر جريمة طبية يعاقب عليها القانون. وأضافت: لا بدّ أن البروفيسور الذي تابع الولادة القيصرية كان ماهراً جداً حتى استطاع أن ينقذ هذه الحالة بأقل الخسائر، خلال دراستي كان لدي فترة تدريبية بمشفى التوليد في مرعش ورأيت هناك الكثير من القصص المأساوية للنساء السوريات وهنّ يناضلن من أجل أن يكنّ أمهات، وقد سبق أن حذرّت قريباتي من أن يقتربن من هذا المشفى في الحمل والولادة لأن الحالة النفسية للمريض لها دور كبير في الشفاء.
وتضيف: إن مراقبة الحامل المنتظمة لدى الطبيب مهمة جدًا لمتابعة الجنين وعيشه داخل الرحم بشكل آمن وصحي، كما أن تلافي الكثير من الإعاقات الذهنية والبدنية يتوقف على طريقة متابعة الحمل المنتظمة، والعلاج السريع والمناسب، حال وقوعها.
فيما تقول الأخصائية النفسية هنادي الإبراهيم في حديثها لصدى الشام: إن تعرض المرأة الحامل لحالة من التوتر بسبب الظروف والمواقف التي تتعرض لها والمجبرة على خوضها كتعرضها لموقف عنصري من الكادر الطبي أو تغيير الطبيب المشرف على حالتها يردي بدوره لدخولها في دوامة من الضغوط النفسية وتغييرات في مشاعرها وأفكارها مما يؤثر على عمل الهرمونات في الجسم والتي تنتقل الى الجنين عبر المشيمة ما يؤدي إلى تهديد استقرار الجنين وصحته ونموه.
وتضيف الإبراهيم: كل هذه التوترات والضغوط تجعل الام عرضة للإصابة بعدة مشاكل نفسية منها ضغط الدم المرتفع واكتئاب ما بعد الولادة وانعدام الدافع وتدني القيمة، بعض النساء ينظرون إلى طقوس الولادة بما يشبه الموت ويصابون بكرب ما بعد الصدمة والذي يعرف ب ptsd الذي يتطلب فترة ليست بقليلة للتعافي، الأمر الذي يجعل فرحهن ترح، حيث تبدأ الأم برفض ذاتها وجنينها وقد يصل الأمر لنوبات هلع من الولادات القادمة وتغير بالسلوك يجب تجنيب الأمهات إياها بقرارات طبية تحمل في طياتها معاني الإنسانية وحقوق الإنسان والطفل.
وعن الحلول المقترحة للحد من هذه الاضطرابات، تقول الإبراهيم: علينا تحديد مصدر التوتر وتخفيفه والمحافظة على مهارات ايجابية تساعد في التخفيف من التوتر كالقراءة والموسيقى وممارسة الهوايات، كما هناك أيضاً مهارات التنفس أو التهدئة القلبية التي تساعد على تنظيم عمل الهرمونات في الجسم وتعتبر وسيلة من وسائل التفريغ الانفعالي.
توفر الحكومة التركية الكثير من الوحدات التابعة لوزارة الصحة لدعم المرأة الحامل وتثقيفها حول كل ما يهمها معرفته خلال فترة الحمل وما بعد الولادة، ولكن قلة من السوريات من تستفدن من هذه الوحدات بسبب حاجز اللغة حيث لا يتوفر مترجمات مختصات ضمن هذه الوحدات وبسبب انكفاء السوريات ضمن المؤسسات التركية، ويتوجب على المنظمات كسر هذه الحواجز لتستطيع السوريات الاستفادة من جميع الخدمات التي تشملهن، كما يجب تعزيز دور الرقابة بالذات على العيادات المختصة بشؤون السوريات حيث يتم استضعافهن بسبب جهلهن بحقوقهن وطرق تقديم الشكاوى.
“تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR”صحفيون من أجل حقوق الإنسان”
I truly appreciate your technique of writing a blog. I added it to my bookmark site list and will
Wow, this blogger is seriously impressive!
I appreciate your creativity and the effort you put into every post. Keep up the great work!