الرئيسية / مجتمع واقتصاد / مجتمع / مواد مجتمعية مختارة / ترحيل “غير قانوني” وانتهاكات تطال لاجئين سوريين في تركيا

ترحيل “غير قانوني” وانتهاكات تطال لاجئين سوريين في تركيا

حسام جبلاوي _ مرسين

وجهت منظمات حقوقية ولاجئون سوريون مرحلون من تركيا مؤخرا اتهامات للحكومة التركية تتعلق بظروف احتجاز “غير إنسانية” لمن تسميهم مهاجرين غير شرعيين، وضغوط تمارس على لاجئين سوريين مخالفين، للتوقيع عنوة على ورقة العودة الطوعية إلى سورية.

وحصل موقع “صدى الشام” على شهادات للاجئين سوريين بعضهم لديه بطاقة حماية مؤقتة (كملك) تم ترحيله من تركيا تحت الضغط وترك تائها في الشمال السوري، وسط ظروف وصفت بأنها “غير إنسانية”.

شهادات لاجئين مرحلين

يروي الشاب محمد الأحمد قصة ترحيله من مدينة إسطنبول ووصوله إلى شمال سورية رغم امتلاكه بطاقة حماية مؤقتة صادرة من ولاية قونيا.

وقال الأحمد في تسجيل مصور لموقع “صدى الشام” إنه ترك أولاده لوحدهم بمنزله ونزل لشراء بعض الخضار من متجر قريب، وفي الطريق أوقفه اثنان من الشرطة وطلبوا إبراز هويته، لكنه لم يكن يحملها وطلب منهما التوجه معه إلى منزله لإعطائهم الكملك. وأضاف:” قاموا باعتقالي فطلبت منهم إحضار أبنائي معي لأنهم بقوا بمفردهم في المنزل لكنهم رفضوا وقالوا إنهم سيرحلونني إلى ولاية قونية لكني فوجئت بنقلي إلى منطقة تل أبيض شمال سورية، وكان معي الكثير من الشباب لديهم هويات حماية مؤقتة وتم ترحيلهم إلى شمال سوريا مثلي.

بدوره قال خالد الخلف المنحدر من محافظة الرقة في حديث مصور لموقع “صدى الشام” إنه مقيم في تركيا منذ 9 سنوات ولم يكن لديه أي مشكلة أمنية لكنه لم يستطع إصدار بطاقة حماية مؤقتة بسبب تقصير منه ووجود تعقيدات أيضا من قبل الحكومة التركية في منحها.

وأضاف الخلف:” اعتقلوني من مكان عملي ونقلوني إلى مركز الترحيل ومن ثم إلى سورية لم يتركوا لي مجالا لأسحب أموالي التي تعبت فيها تسع سنين أو لأجلب عائلتي، لم أتمكن من اجراء اتصال واحد فقط، والآن أنا هنا غريب بلا حتى أي مال ولا أستطيع أن أنتقل إلى أي مكان لأني لا املك ولا أي ليرة”.

وأضاف الخلف في حديثه عن معاملة المحتجزين في مراكز الترحيل:” وضعنا في مواقف صعبة لا نحسد عليها، في مركز الترحيل (الكامب) الذي كنا فيه أي خطأ قد يقترفه اللاجئ يضرب، مؤكدا أنهم لم يعاملوا بظروف إنسانية أبدا والمكان الذي وضعوا به لا يصلح حتى لوضع الأغنام بحسب قوله”.

من جانبه قال أحمد المنحدر من مدينة حلب إنه رمي في تل أبيض شمال الرقة ولا يعرف أي أحد في المنطقة واصفا ما جرى له بالكارثة الكبرى بعد أن كان يعيش بشكل جيد في تركيا.

وأضاف أحمد في حديث مصور لموقع صدى الشام إنه دخل في حالة اكتئاب وحالة نفسية سيئة بعد ترحيله، ولا يدري ماذا يفعل.

وعبر القنوات الإخبارية التركية أظهرت لقطات من الحملة الأمنية معاملة المهاجرين المخالفين بما فيهم اللاجئين السوريين وكأنهم مجرمين بما في ذلك تقييدهم وإبراز وجوههم أمام الكاميرا.

منظمات إنسانية تنتقد

وفي هذا الصدد أدانت منظمات حقوقية ومجتمع مدني سورية عمليات الترحيل، وجاء في بيان صدر عن  (منظمة بيتنا، رابطة المحامين السوريين الأحرار، محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان، البرنامج السوري للتطوير القانوني، الشبكة السورية لحقوق الإنسان، المجلس السوري البريطاني، المجلس السوري الأميركي، اليوم التالي) أنها حصلت على روايات للاجئين سوريين تمت إعادتهم “قسرياً” تؤكد تعرض العديد منهم للضرب والشتم وإهانة المعاملة الإنسانية خلال فترة احتجازه وترحيله.

وأشارت المنظمات إلى عدم تمكن المرحلين من توكيل محامٍ والاعتراض على قرارات الترحيل الصادرة ضدهم. ونوهت أن عمليات الاحتجاز جرت من الطرقات والأماكن العامة ومن ثم الاقتياد مباشرةً إلى مراكز الترحيل من دون أن يتمكن معظم المرحلين من توديع عائلاتهم وجرى فصلهم عن زوجاتهم وأطفالهم أو أمهاتهم الذين ما زالوا في تركيا.

في حين أكد البيان أن غالبية المرحلين لم يتمكنوا من إنهاء التزاماتهم وأعمالهم أو الحصول على حقوقهم المالية والمادية الخاصة بهم في تركيا إذ وجد معظمهم نفسه في شمال سوريا بعد 48 ساعة من احتجازه.

ودعت المنظمات السلطات التركية إلى احترام تعهداتها بموجب القانون الدولي العرفي الذي يحظر الإعادة القسرية بشكل مطلق.

وينص قانون الحماية التركي الذي يعامل به اللاجئون السوريون أنه إذا لم يقم الشخص بتوقيع وثيقة “العودة الطوعية” يمكنه البقاء في مركز الترحيل لمدة قدرها 6 أشهر، وقد يتم تمديدها لـ 6 أشهر أخرى. خلال هذه المدة يمكن الإفراج عن الشخص بواسطة محامٍ.

جهود حقوقية

وفي مداخلة خاصة لموقع “صدى الشام” قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني إنه استنادا للمعلومات المتوفرة لدى الشبكة والبيان المشترك عن المنظمات الحقوقية السورية والدولية يتم توجيه هذه الحقائق الموثقة للحكومة التركية ووسائل الإعلام للفت الانتباه عن هذه التجاوزات التي لم تعد تشكل حالات فردية للعمل على وضع إطار قانوني واضح لمعاملة اللاجئين السوريين لأن ما يحصل حاليا “غير إنساني” وهناك عائلات بأكملها تشتت وفصلت عن بعضها جراء عمليات الترحيل.

وأضاف أن هناك جهودا حقوقية دولية تتم حاليا للفت الانتباه إلى هذه القضية التي تمس ملايين السوريين وتهدد حياتهم ومستقبلهم.

ووفق المادة 32 من الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين الصادرة عن الأمم المتحدة لا تطرد الدولة المتعاقدة لاجئا موجودا في إقليمها بصورة نظامية، إلا لأسباب تتعلق بالأمن الوطني أو النظام العام، كما لا ينفذ طرد مثل هذا اللاجئ إلا تطبيقا لقرار متخذ وفقا للأصول الإجرائية التي ينص عليها القانون.

وبحسب ذات المادة يجب أن يسمح للاجئ ما لم تتطلب خلاف ذلك أسباب قاهرة تتصل بالأمن الوطني، بأن يقدم بينات لإثبات براءته، وبأن يمارس حق الاستئناف ويكون له وكيل يمثله لهذا الغرض أمام سلطة مختصة أو أمام شخص أو أكثر معينين خصيصا من قبل السلطة المختصة.

كما تمنح الدولة المتعاقدة اللاجئ مهلة معقولة ليلتمس خلالها قبوله بصورة قانونية في بلد آخر.

موقف الحكومة التركية

وتعليقا على الاتهامات بترحيل سوريين بشكل قسري نفى وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، في 24 تموز/ يوليو الفائت ان تكون حملة ملاحقة المخالفين موجهة ضد اللاجئين السوريين.

وقال كايا في تصريح صحفي إن أجهزة الأمن تنفذ حملة لترحيل المهاجرين غير النظاميين في البلاد، كما أن حكومة بلاده تتعامل “بحزم” مع المهاجرين غير النظاميين والأشخاص الذين ليست بحوزتهم وثائق إقامة قانونية في تركيا.

وأكد في الوقت ذاته أن الأجانب المقيمين داخل تركيا بوثائق ثبوتية مثل “بطاقة الحماية المؤقتة، أو الإقامة السياحية، أو إقامة العمل، أو إقامة التعليم لا توجد لديهم أي مشكلة”.

من جانبه نفى المحلل السياسي التركي، يوسف كاتب أوغلو وجود “سياسة منهجية في موضوع الترحيل”.

وقال أوغلو في تصريح لموقع “الحرة” إن الحملة تستهدف التأكد من وجود السوريين بشكل نظامي، دون أن يستبعد “حصول بعض التجاوزات من جانب أفراد منتسبين للحكومة”.

وأكد أن “هناك تجاوزات فردية فقط وهي مرفوضة”، وأن “القوانين التركية ما تزال تضمن للسوريين حق الإقامة طالما الأفراد ملتزمين ببنودها”، حسب تعبيره.

احصاءات

وفي ظل عدم وجود أرقام رسمية لعدد اللاجئين السوريين المرحلين من تركيا، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه وثق ترحيل أكثر من 30 ألف سوري من تركيا منذ بداية العام الجاري، قسم كبير منهم يملكون أوراق ثبوتية وبطاقة حماية مؤقتة “كميليك”.

وقال المرصد في تقرير صدر عنه إن عمليات الترحيل تتم بشكل عشوائي جداً ولا يسمح للمرحل حتى بإخبار عائلته وقد يكون هو المعيل لها، ويتم الترحيل إما إلى إدلب وحلب أو إلى الرقة والحسكة عبر المعابر الحدودية.

ورصد المرصد السوري حالات كثيرة يرحل ابن إدلب وحلب إلى الرقة والحسكة والعكس صحيح، مما يجبرهم على دفع مبالغ مالية للذهاب إلى مناطقهم في سورية بحسب قوله.

 

“تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR”صحفيون من أجل حقوق الإنسان”

شاهد أيضاً

فيديو: واقع الخدمات الصحية للنساء السوريات في تركيا

إعداد: هبة النائب “تم إنتاج هذا الفيديو بدعم من “JHR”صحفيون من أجل حقوق الإنسان”

دعمًا لروح المرأة.. مبادرات لتقديم الدعم النفسي لمريضات السرطان السوريات في تركيا

ريما العبد يُعد تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لمرضى السرطان أمرًا حيويًا بما يوازي أهمية العلاج …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *