الرئيسية / مجتمع واقتصاد / مجتمع / مواد مجتمعية مختارة / هذا ما قامت به منظمات المجتمع المدني لتمكين السوريات في تركيا سياسياً

هذا ما قامت به منظمات المجتمع المدني لتمكين السوريات في تركيا سياسياً

 

فادية سميسم _ اسطنبول

 

لعبت منظمات المجتمع المدني دوراً كبيراً في تمكين قسم من النساء السوريات في تركية سياسياً، وذلك من خلال تثقيفهن وزيادة مستوى الوعي السياسي لديهن أو من خلال مساعدتهن في الوصول لمناصب قيادية ومشاركة الرجل في صنع القرار السياسي، إلا أن العمل على هذا النوع من التمكين اعترضته الكثير من العقبات والصعوبات بسبب التنمر والعنف الذي تتعرض له النساء اللواتي يفكرن الدخول في مجال العمل السياسي والذي لايزال الكثير من الرجال غير متقبلين لوجود النساء فيه ولا يتقبلون حتى فكرة ممارسة حقوقهن السياسية.

 

مديرة منظمة فنارات التي تعمل في مجال التمكين السياسي روعة عصفور قالت “لصدى الشام”: نعمل حالياً على مشروع له علاقة بالعنف ضد النساء في مجال السياسة، وهو الشق الثاني من التمكين السياسي، كون الشق الأول هو رفع كفاءة السيدات سياسيا، وقد قمنا بدورات بهذا المجال، ولكننا وجدنا انه بعد تمكين المرأة وإدخالها المجال السياسي فأنها تتعرض خلال وجودها فيه لعدة أنواع من العنف، فالمرأة قبل أن تقرر الدخول في السياسة يجب أن تفكر وتقيم المخاطر التي من الممكن أن تتعرض لها.

وأضافت: قمنا بالمشاركة بدورات أونلاين في تركيا وفي أنحاء كثيرة من العالم مثل أوروبا وأميركا والوطن العربي، وكان معنا مدربات من كافة أنحاء العالم.

وتابعت عصفور قمنا بالتركيز على أنواع العنف وكيفية الحد منه، وتقديم توصيات بما يخص مواضيع الأحزاب، والبرلمان، وعلى الصعيد السياسي، والحكومة الوطنية، وركزنا على الإعلام، كونه يلعب دوراً كبيراً جداً في تعزيز الصورة النمطية للنساء، خاصةً أن النساء حالياً مجالهن ليس مجال السياسة. كان هدفنا رفع سوية الوعي عند النساء حول المخاطر التي تواجههن بعد دخولهن معترك السياسة، وكيف من الممكن أن يقيمن تلك المخاطر، وأن نستطيع الحد من انتشارها، ويكون لديهن ارضية واضحة عن ماهية الاحزاب والسياسة، ويكون لديهن معرفة واضحة بهذه الأمور.

وبينت عصفور: أن حالات الابلاغ عن العنف ضد النساء في السياسة قليلة جداً قد يكون بسبب ثقافة المجتمع، أو بسبب الخوف من أن يتكلمن، أو بسبب عدم ثقتهن بمؤسسات الدولة أو بمؤسسات القضاء، لأنه لا يوجد لدينا قانون تجريم للجرائم الإلكترونية، وكما نعلم أن عدداً كبيراً جداً من النساء اللواتي يعملن بالسياسة يتعرضن لمضايقات، وخاصة غرف التلغرام السوداء التي تنتشر فيها، كما شاهدنا في آخر فترة الصحفية حلا إبراهيم، ونيفين حوتري، وعدد كبير من السيدات يتعرضن للعنف لأنهن يعملن بمجال السياسة.

 

دور المنظمات

كما أوضحت عصفور: أن هناك دوراً إيجابياً تلعبه المنظمات، من خلال عمل عدد من الدورات، هي دورات نوعية رائعة جداً في المجال السياسي.

الا ان هناك دورا سلبيا في موضوع تمكين النساء سياسياً هو أن هؤلاء النساء كيف يتم تصويرهن، وكيف يتم تقديمهن للحياة العامة ووسائل التواصل الاجتماعي، وكيف من الممكن أن يحمين أنفسهن، وهذه النقطة مهمة جداً كان من المفروض على المنظمات أن يعملوا عليها.

 

الاستشارية خولة دنيا

وفي حديث لصدى الشام مع المدربة والاستشارية في النوع الاجتماعي سابقاً والتي تعمل حالياً بالحركة السياسية النسوية السورية خولة دنيا قالت: من خلال تجربتي في شبكة المرأة السورية كنت مسؤولة مكتب الشبكة في تركيا لأربع سنوات شاركنا بمشروع للتمكين السياسي للمرأة منذ عدة سنوات، هناك مشاريع تهتم بالنساء أكثر، وتهتم بالتمكين السياسي للنساء بشكل خاص، مع ملاحظة أنه فعلاً حتى الآن وبالرغم من المشاركة الضخمة للنساء، والتأثر الكبير للنساء في كل المجالات وتغير أدوارهن النمطية واضطرارهن أن يكن في الواجهة، واجهة العمل الاقتصادي، وتأمين الأسرة، وتحديات النزوح واللجوء التي يتعرضن لها وبالتالي هن بحاجة أن يكن قويات أكثر وأن يكون لهن مكان يتلاءم ويتناسب مع التضحيات التي قدمنها. وأضافت دنيا: بالرغم من وجود مشاركة للنساء لكن يوجد إقصاء للنساء في جميع المواقع، وهذا الشيء مارسته جميع الأطراف السياسية السورية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار كنا نرى عدد النساء المشاركات قليل جداً، وكان هناك نوع من التنميط للأدوار التي يمكن أن تلعبها النساء، كأن يفتح مكتب خاص بالمرأة والطفل، وبالتالي يجب أن نحضر مرأة تتولاه، وبغير ذلك لا نرى النساء في مواقع لاتخاذ القرارات السياسية، من الممكن أن يكون بفعل الضغوط التي حدثت بفعل مشاركة المنظمات في الشمال ورفع الوعي، فأحيانا من المتطلبات أن يكون هناك نساء متواجدات، وذلك يدفع النساء أن يكن بمواقع صنع القرار.

 

كما أشارت دنيا: أننا نلاحظ على صعيد منظمات المجتمع المدني أيضاً نفس المشكلة، ففي إحدى الدراسات في عام 2015 كانوا يرصدون تواجد النساء بالمنظمات والمراتب التي هن يتولونها ضمن هذه المنظمات كانت النسب منخفضة ولا تتواءم أبداً.

فالمشاركة الكبيرة للنساء نرى عدداً كبيراً منهن متطوعات متواجدات في الأعمال المكتبية العادية لكن لا نراهن مديرات لأقسام أو مديرات لمنظمات إلا القلة القليلة، أو إلا إذا كانت هذه المنظمات تعنى بالمرأة تحديداً، فهذه الإشكالية التي نعاني منها كمنظمات، وهذا التناقض الذي نعيشه كنساء سوريات بعد ما تحركت العملية السياسية نسبياً.

وتابعت دنيا: أنه في موضوع المفاوضات واللجنة الدستورية كانت نسبة النساء قليلة جداً بسبب صراع القوى الذي يقوم به الرجال أساساً، فعلى صعيد اللجنة الدستورية نرى النسبة العظمى كانت ثلث تم تعيينه من قبل المبعوث الأممي لسوريا، وبالتالي هو اختار من منظمات المجتمع المدني أساساً مع ذلك لم تكن النسبة ٣٠بالمائة.

مبينة: انه حتى على صعيد الاختيار الدولي لم يتم التوافق.

وأوضحت دنيا: أن النسبة الأسوأ كانت من طرف المعارضة وهذا الشيء لا يبشر بالخير أبدأ، ويعكس لنا أن لدينا تحديات أسوأ حالياً، للأسف نحن كنساء خاسرين على هذا الصعيد، وأمامنا نضال طويل جداً حتى نستطيع أخذ هذه المواقع بشكل واضح وقوي.

والبعض يقول هذه” الكوتا ” النساء متواجدات حسب الكوتا والبعض يقول انا لست مع الكوتا لأن الكوتا فيها تمييز وأنا ضد هذا التمييز، ينسوا أن الكوتا تأتي كإجراء أو تمييز إيجابي لفترة محددة بعدها يفترض أن يكون فعلاً لجميع الأشخاص أو المتنافسين والمتنافسات الفرص نفسها، وهذا يحتاج إلى وقت طويل، وحتى الدول التي فيها كوتا، ولكن لا تحتاج إليها لأن النساء تصل بشكل طبيعي وخاصة الدول الإسكندنافية تحديداً، مع ذلك يوجد تخوفات من عودة اليمين، وبالتالي تراجع حقوق النساء. على الصعيد العالمي النساء لم يستطعن تحصيل جميع حقوقهن التي يوجد اتفاقيات أو شيء صادر عن الأمم المتحدة على صعيد حقوق الإنسان أو على صعيد حقوق النساء وعلى صعيد وضع النساء بالنزاعات وأهمية أن يكن مشاركات بأي عملية سلام لكي يكون عندنا سلام مستدام في المستقبل وهذا الذي نص عليه القرار 13/25 وكل القرارات التي جاءت بعده.

 

فيما تنص المادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان على أنه: لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني، أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر.

وفضلا عن ذلك لا يجوز التمييز على أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلا أو موضوعا تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أم خاضعا لأي قيد آخر علي سيادته.

 

مسؤولة تواصل رابطة ناجيات الداخل وفاء نجيب

وبدورها أكدت مسؤولة تواصل رابطة ناجيات الداخل وفاء نجيب لموقع صدى الشام أنه بالنسبة لي كناجية من سجون نظام وخضعت لعدة معارك في المجتمع مثل الحصار والتهجير والوصمة المجتمعية، وتخلي المجتمع من أجل كلمة حرية التعبير عن الرأي والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين والمعتقلات سياسياً، بدأت أعمل في المجال الإنساني والاجتماعي والسياسي من أجل إعلاء كلمة حق وتغيير المجتمع، وتفعيل دور النساء في كل المجالات وأهمها سياسياً، لأن النساء إن لم يكن لهن الثقة بالنفس، وتغير المسارات والعادات والتقاليد لن يحصلن على مكانه في أي مجال، ومن هنا بدأت أنشر الوعي حول المرأة واهمية دورها وتفعيلها في المجال السياسي وحملات مناصرة، وكنت القدوة لهن، وها أنا بعد خضوعي لعدة تدريبات تخص المرأة ومشاركتها في السياسة أصبحت قادرة على قيادة نسائية نطالب بحقوقنا اجتماعياً ودولياً، وننشط في مجال الحقوق وتحقيق العدالة، وتقديم الدعم للناجيات من قمع النظام وإجرامه.

وتابعت نجيب: أنه من خلال تجربتي في رابطه ناجيات الداخل أصبحت أمتلك القوة والقدرة على تحمل المسئولية الكاملة، وأعمل بكل قوتي لأصل لأكبر عدد من النساء وتوعيتهن وتفعيلهن في مجال السياسة، ومشاركتهن أيضاً في المجال الاجتماعي لأننا قادرين على القيام بأي عمل يطلب منا نحو بناء سوريا الديمقراطية، وتحقيق أهداف كبيرة أكثر من الرجال، فعندما نمتلك الثقة بأنفسنا ويتم دعمنا بشكل قوي تكن النتائج أقوى، فأنا لا أعمل من أجل نفسي فقط وإنما أعمل من أجل كل نساء سوريا الديمقراطية، وتحقيق ما نتمناه، لأننا قادرات على تغير مجتمع بأكمله والسليبات التي تكونت ضد المرأة هي من أيديهن سابقاً، لأنهن لم يكن يمتلكن الثقافة الكافية ليصلن إلي مانحن وصلنا إليه.

 

وبدورها أكدت المنسقة في مبادرة باور ريم السعيد أن هناك وسائل عديدة لتمكين المرأة سياسياً من خلال منظمات المجتمع المدني كالمناصرة، وحملات التوعية، والمنشورات، على وسائل التواصل الاجتماعي، وأن هناك استفادة كبيرة منها، ولكن على المدى البعيد وهناك تأثير ايجابي وفعال حيث إن الكثير من السيدات لديهن مخاوف من الدخول في الحقل السياسي، وهذا النوع من المشاريع يزيد من ثقتها بنفسها، وشجاعتها، ولكن يجب مراعاة الفئات المستهدفة في هذا النوع من المشاريع.

وتشير الارقام أنه عندما حصلت النساء على ٣٠ مقعداً اي ١٢بالمائة في الدور التشريعي الثامن (٢٠٠٣-٢٠٠٧)من أصل ٢٥٠ مقعداً منها ١٦٧ مقعداً لأعضاء الجبهة الوطنية التقدمية و٨٣ مقعداً للمستقلين( وهو الرقم الاعلى بين ١٥ دولة عربية ) قابلها في الفترة ٢٩٤ امرأة _عضواً ٨٥٥٢  نفسها نسبة ٣ بالمائة للنساء في الإدارة المحلية للدورة الثامنة (٢٠٠٣-٢٠٠٧)

وقد ارتفعت نسبة النساء في مجلس الشعب إلى ٣٢بالمائة ١٢.٨ مقعداً من أصل ٢٥٠ مقعداً

 

 

الخبير الجمعوي محمود عادل بادنجكي

وبدوره أكد الخبير الجمعوي محمود عادل بادنجكي: أن المرأة السوريّة أخذت أدواراً قياديّة في بدايات الثورة، وكان لتأهيل شريحة مهمّة من النساء من خلال تجارب الكثيرات منهنّ في العمل الجمعويّ الذي أتيح بشكلٍ أوسع قبل نحو عقدٍ من الزمن من انطلاق الثورة السوريّة، دوراً كبيراً في فعّاليّتهنّ.

ويرى بادنجكي: أن مشاريع تمكين المرأة سياسياً في تركيا، زادت من ثقافة الرائدات في الثورة، كما أثّرت في شريحةٍ من الشابّات اللواتي نشأنَ في حاضنةٍ ثوريّة.

هذا الأمر لا أعتقد أنّه زاد في ثقة تلك الشرائح المذكورة آنفاً، بقدر زيادة أدوات المعرفة والاطّلاع لديهنّ.

أمّا الشعور بالمساواة، فهو غائب في هذا المجال، نتيجة لثقافة المجتمع الذكوريّة، وعدم إتاحة الفرص لظهور إمكانات المرأة السياسيّة، سوى في مجالات (الكوتا) النسائيّة، لأيّ تجمّع أو مؤسّسة، أو الانتماء (الطائفي) أو (الأيديولوجي) في بعض الأحيان.

كما أضاف الخبير الجمعوي: أن المجال متاحٌ في تركيا كالالتحاق بالجامعات.

والتخصّص في مجالات (العلوم السياسيّة-الحقوق- العلاقات الدوليّة-الاقتصاد).

بالإضافة إلى الاطّلاع والعمل على الذات من خلال قراءة التاريخ والبحث والمطالعة في التجارب السياسيّة والقيّاديّة العامّة والتركيز على نماذج القيادات النسائيّة في العالم.

وتابع بادنجكي: لا أعتقد أنّ المشاريع قد تفيد عمليّاً سوى في تهيئة الأرضيّة لمستقبلٍ ما، تأخذ فيها المرأة حقّها في تكافؤ فرصٍ قادم.

 

على الرغم من كل الصعوبات التي تعترض عمل المنظمات في تمكين المرأة السورية سياسياً في تركيا وعلى الرغم من الاحتياجات الهائلة لهذا النوع من التمكين إلا أن ما قامت به منظمات المجتمع المدني خلال السنوات العشرة الأخيرة من جهد جبار ساهمت في تخطي الكثير من النساء الكثير من مشاكلهن المجتمعية ودخولهن في معترك العمل السياسي، كما ساهمت تلك المنظمات في جعل دخول المرأة في المجال السياسي دخولا حقيقيا وليس كديكور كما كانت في السابق

تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR” صحفيون من أجل حقوق الإنسان

شاهد أيضاً

قصص نجاة .. فتيات سوريات تحدين زواج القاصرات وبنين مستقبلهن

ريما العبد في ظل المجتمعات العربية، تُعد ظاهرة الزواج المبكر واحدة من أبرز التحديات التي …

صعوبات العلاج تفاقم ألم مريضات السرطان السوريات في تركيا

حسام جبلاوي معاناة مضاعفة تعيشها مريضات السرطان السوريات في تركيا، فرضتها قيود التنقل بين الولايات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *