محمد كركص – صدى الشام
طالب المحامي اللبناني طارق شندب، التفتيش القضائي اللبناني بفتح تحقيق ضد النيابة العامة في الحكومة اللبنانية بعد رفع مذكرة كيدية بحقه من النيابة للإنتربول الدولي بإلقاء القبض عليه بُتهمة “القدح والذم”، لاسيما أن الإنتربول رفض هذه المذكرة، واعتبرها أنها دعوة غير قانونية، ووصفها بالسياسة الكيدية والتي لا تتوافق مع معايير الشفافية.
وحول تفاصيل المذكرة، قال شندب، في حديث لـ “صدى الشام”، إنه “كنت أعتقد في السابق أن الأجهزة الأمنية هي فقط من تفبرك ملفات في لبنان، لاسيما أننا شهدنا ذلك في عدد من الأحداث وكان آخرها قضية وفاة الشاب السوري بشار عبد السعود تحت التعذيب”، موضحاً أنه “مديرة أمن الدولة قالت إنه ينتمي إلى داعش في محاولة منها لتبرير عملية مقتله”، معتبراً أن “جرم التبرير أفظع من جرم القتل، وهذا الأسلوب دائماً تستعمله بعض الأجهزة الأمنية في لبنان وغير لبنان”.
وأعرب شندب عن أسفه “عندما يقوم بعض القضاء بفبركة ملفات فعلى الدنيا السلام. القضاء يجب أن يكون هو الحكم بين الناس، ويلجأ إليه المتخاصمون لحل الإشكاليات، والقضاء هو من يبني البلد، وعندما يكون القضاء يستعمل للسلطة بغاية الانتقام الشخصي أو الانتقام السياسي أو الانتقام الحزبي فعلى الدنيا السلام”، مشدداً على أنه “هذا ما حصل معي تماماً”.
وأكد شندب أنه “عندما كنت أُراجع في ملفات في النيابة العامة الاستئنافية في الشمال مع القاضي المتقاعد الآن نبيل وهبي وكان مدعياً عاماً في الشمال، كنت أقول له أن يلتزم معي بالقانون هو ومحامي عام آخر تحت امرته، وهذا كل ما طلبته، ولدي تسجيلات ودلائل تثبت هذا الكلام، وكنت دائماً أُراجعه في ملفات أخرى، وكانت الملفات الأخرى تنام سنة وسنتين وثلاثة بطابع سياسي ونتيجة انتقادي دائماً للفاسدين، ولعدم قيام بعض القضاة كنت أُضيئ في الملفات التي كنت وكيل فيها على المخالفات التي يرتكبها بعض القضاة”، موضحاً أن “هذا الأمر كان يزعجهم جداً وتقدمت سابقاً بشكاوى ضدهم في التفتيش القضائي، ولكن للآسف لا يوجد آذان صاغية”، معتبراً أن “التفتيش القضائي في لبنان شبه معطل”.
وأشار المحامي شندب إلى أن “جهود بعض القضاة وبعض الأجهزة الأمنية تظافرت وقاموا بإصدار مذكرة توقيف بحقي بصورة غير قانونية بجريمة قدح وذم”، منوهاً إلى أن “القدح والذم إن وجد وهو أمر غير صحيح، يفترض أن يكون علانية، وأنا أتحداهم أن يعطوني دليل واحد أنني قدحت وذميت بأحد منهم، وكل الذي فعلته أنني طلبت منهم الالتزام بالقانون وهذا الأمر الذي لم يعجبهم لأن هؤلاء القضاة اعتادوا أن يتم تمجيدهم وتقديم الطاعة لهم من بعض المحامي أو أكثرية المحامين”، مضيفاً “هذا الأمر أنا لا أقبله على نفسي ولا أقبله لأي محامي؛ القاضي موظف ويحب أن يقوم بعمله ويحترم الدستور، وليس لكي يكون صاحب مركز وسلطة، السلطة هي لخدمة الحق والقانون والعدالة وليست لسلطته الشخصية”، مشدداً على أن “في لبنان دولة عميقة وهذا الدولة مدعومة من النظام السوري، نحن الآن نعين مخلفات النظام السوري، وكل القضاة في لبنان والضباط الذين تم تعيينهم منذ أكثر من أربعين سنة وحتى هذه اللحظة مازالوا في الخدمة وهم قادة في السلك القضائي والأمني، وهم تربية النظام السوري، لأن النظام هو من كان يُعين القضاة والضباط في لبنان، وهذه المدرسة هي نفس المدرسة ونفس النهج، وهم اعتادوا على أن لا يعارضهم أحد ويسيئون لكل من يفضح مخالفاتهم”.
ولفت شندب إلى أن “هذه الدولة العميقة عملت على تشويه سمعتي مراراً وتكراراً منذ أن كنت وكيلاً لعدد كثير من المُتهمين المظلومين في الملفات، سواءً كان ملف عرسال أو ملفات صيدا، أو ملفات أحداث طرابلس وغيرها، والتي كانت يتم فيها إعدام ميداني لبعض المُتهمين كالشهيد خالد حميد الذي أُعدم ميدانياً دون التحقيق معه، و الشهيد نادر البيومي الذي أُعدم تحت التعذيب، وكنت دائماً أُثير مشاكل حقوق الإنسان والحريات في لبنان لأي شخصٍ كان، سواءً كنت وكيله أو لم أكن وكيله، وخاصة موضوع اللاجئين السوريين وما تعرضوا له من تعذيب سواءً في عرسال أو غير عرسال وانتهاكات جسيمة بحقهم، وهذا الأمر من صلب عملي و مبادئي وأخلاقي كمحامي ومدافع عن حقوق الإنسان والحريات، وكشخص أطمع أن يكون لبنان دولة قانون ومؤسسات”، مبيناً أن “القانون والمؤسسات يحمي هؤلاء المظلومين، فيما بعض القضاء كان يمارس عليهم سلطة الوصاية السياسية التي يريدها السياسيين”.
وأوضح شندب أنه “ادعيت سابقاً على قائد الجيش اللبناني بتهمة مخالفة القانون، وهذا الأمور تراكمت مع هؤلاء الضباط والقضاة والأجهزة الأمنية لأنهم من مدرسة واحدة، فرأوا أن يفبركون هذا الفيلم ضدي تحت مُسمى (القدح والذم)، وهذه التهمة لا يسأل عنها المحامي إن وُجد في مجال عمله، ولا يوجد فيها التوقيف الاحتياطي وهي أقل من مخالفة في لبنان، ثم أن يصدروا مذكرة ويحولوها إلى الإنتربول الدولي فهذا يدل على غباء قضائي، لكن الحقد أعماهم، وحتى الإنتربول لا يعترف بهكذا مذكرات لأنه يعتبرها مذكرات ذات خلفية سياسية، وهذا أمر واضح جداً”، مؤكداً أن “المذكرة أُرسلت إلى الإنتربول منذ شهر سبتمبر/ أيلول العام الفائت، وأنا أُتابع الملف مع الإنتربول ومع دولة لبنان وقضائها، والقضاء يقول إما الملف اختفى أو الملف ضاع أو الملف موجود، والمحامي العام يُبقي الملف عنده خمسة أشهر والآخر يبقيه بضعة أشهر، ونحن أما دولة عميقة تتحالف مع بعضها وكأنها عصابة تتحكم على شكل مافيات وليست دولة قانون، ويجب أن يعاقب القاضي عندما يُخطئ من قبل مجلس القضاء الأعلى أو قاضي أخر”.
ولفت المحامي اللبناني إلى أنه “تعرضت لعدة محاولة عرقلة وكانت واضحة منذ عملي الحقوقي وما زلت أتعرض، ومنها هذه المذكرة، بالإضافة إلى محاولة اغتيال من قبل (الحشد الشعبي) في جنيف على خلفية خطاب لي في مجلس حقوق الإنسان، كذلك قائد الجيش اللبناني السابق، جان قهوجي، ادعا علي وطلب ملاحقتي لأنني انتقدت أعمال التعذيب في سجون وزارة الدفاع في فترة توليه للجيش”، مُشيراً إلى أنه “عندما تكون أنت في صلب عملك كمحامي لتطبيق القانون ولحماية الحقوق والحريات في لبنان لكل الناس فُهم لا يريدون ذلك أبداً؛ هُم يريدون أن يستأسدون بالدولة الأمنية والعقلية الحزبية لإسكات الناس كلها، وما حصل في عرسال عام 2017 من قتل للناس ودعسهم بالدبابات والسيارات العسكرية وما حصل من تعذيب في سجن رومية، وكنت أحد الذين تكلموا عن هذه المواضيع بصراحة وبوضوح وهذا الأمر أزعجهم و حاولوا إسكات الكثير من المحامين، وللأسف الكثير منهم لا يجرؤ، وهناك الكثير من المحامين الذين أسكتوهم بالقوة، كما قاموا أيضاً بزيارة لنقابة المحامين لطردي منها، بالإضافة إلى وسائل عديلة استعملوا ضدي لا تستعملها إلا أجهزة المخابرات والمافيات”.
ونوه شندب إلى أن “الحلول هي اللجوء إلى القضاء، وهذا القرار وهذه التركيبة المفبركة التي اتخذت في حقي هي قرار سياسي في لبنان ووزير العدل يعرف ذلك جيداً”، مضيفاً: “أنا لا أعول على تلك الطبقة السياسية ولا على هذه القضاء المعطل، ولكن أعول على الرأي العام، وأعرف كيف أخذ حقوقي، ولجأت إلى الأمم المتحدة وتقدمت في شكاوى إلى مجلس حقوق الإنسان وهي مُتابعة، ويرفض وزير العدل ووزير الداخلية الإجابة عليها بعد أن تم إبلاغ الدولة اللبنانية فيها، وسوف تكون هناك ملاحقات جزائية لهؤلاء”، مؤكداً أنه “هناك قضاة شرفاء في لبنان ولا يمكن أن يقبلوا بهذه التركيبات، وهذه المذكرة التي أصدروها بحقي هي إدانة لهم”، متسائلاً: “لماذا الدولة اللبنانية لم تًصدر مذكرة إلى الإنتربول توقيف اللواء السوري علي مملوك الذي دخل لبنان وفجر وارتكب جرائم وعليه مذكرة توقيف غيابية عن القضاء العسكري، وكان من الأجدر أن يذهبوا ويطلبون من الإنتربول توقيفه أو أنه غير مسموح لهم، بالإضافة إلى اللواء السوري جميل الحسن الذي كان عليه مذكرة من الانتربول ومذكرة من الأمن القضائي الألماني، والقضاء الألماني طالب الدولة اللبنانية بتوقيفه ولم يقوموا بذلك علماً أنه كان يدخل ويخرج إلى بيروت”.
وأشار شندب إلى أن “انتقدت سابقاً موضوع تسليم اللاجئين إلى النظام السوري والذين يتم إعدامهم لاحقاً، منعني مدير الأمن العام اللبناني من دخول دوار الأمن العام منذ عام 2014 وحتى هذه اللحظة بالرغم أنني محامي، بالإضافة إلى حجز جواز سفري لمرتين، وهذا يندرج ضمن الأساليب التهديدية لعرقلة عملي”، موضحاً أن “بعض الضباط كانوا يستدعون الكثير من موكليني ويهددونهم كما كان يفعل رئيس المحكمة العسكرية السابقة الرئيس القاضي خليل إبراهيم الذي كان يهدد الموقوفين الذين كنت وكيلهم في المحكمة العسكرية، وعندما انتقدت حزب الله في لقتله للشعب السوري كان الكثير من القضاة مستاؤون مني”.
وبحسب موقع “زمان الوصل”، فإن النظام السوري أصدر مذكرتي توقيف بحق المحامي طارق شندب عام 2016، إحداها قبل اندلاع الثورة السورية عام 2006 صادرة عن فرع شعبة “الأمن السياسي” برقم (676693) تحظر دخوله إلى سوريا، أما الثانية فنصت على اعتقاله من قبل جهاز “المخابرات العسكرية” منذ عام 2012، ورقمها (465220)، وتضمنت المذكرة الثانية معلومات اسم والدة شندب وتاريخ ميلاده 1975م، إضافة إلى جنسيته واسم والده، بينما لم تحتوِ المذكرة الأولى سوى الجنسية واسم الوالد.