يستذكر أهالي وسكان القامشلي بحزن ذكرى الانفجار الذي أصاب الحي الغربي من المدينة، بعد هجوم بشاحنة محملة بأكثر من 14 طنا من مواد شديدة الانفجار في يوم 27 يوليو/ تموز 2016، خلّف أكثرمن 62 قتيلا وعشرات المصابين والجرحى والمفقودين الذين لم توثق أسماؤهم رغم مرور ست سنوات على الحادثة.
وانفجرت الشاحنة عند حاجز تفتيش تابع لـ”وحدات حماية الشعب” الكردية، غربي مدينة القامشلي في ريف محافظة الحسكة السورية، على الطريق الواصل بين دوار الهلالية ودوار مدينة الشباب بالأطراف الغربية للقامشلي.
وبلغ عدد ضحايا التفجير 62، معظمهم مدنيون، بينهم ما لا يقل عن 11 طفلا وطفلة وثلاثة عسكريين، فيما عثر على 11 جثة مجهولة الهوية، ولا يزال سبعة أشخاص مفقودين بحسب تقرير منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة صدر في أكتوبر/تشرين الأول 2016.
الدكتورة شيرين فرمان، أخت إبراهيم، أحد ضحايا انفجار القامشلي، قالت لـ”العربي الجديد”: “كان عريسا وكان من المفترض أن يقيم حفلة العرس بعد يومين من التفجير، خرج صباحا من المنزل على أساس القيام ببعض تحضيرات العرس وتوزيع بطاقات الدعوة. مضى إلى السوق ونحن أيضا ذهبنا لإكمال شراء بعض الحاجيات. سمعنا أن الانفجار قريب من المنزل، ولكن لم أكن أتوقع أن يكون أخي بين ضحايا الانفجار، لأننا خرجنا جميعا من المنزل وهو خرج أيضا”.
وتضيف: “فقدنا الاتصال به، وبدأنا البحث في المشافي والمشرحة وبراد الموتى، ولم نجده، وعدنا لمكان التفجير مرة أخرى ولم تكن معالم المكان واضحة.. عدنا مرة أخرى للاتصالات والبحث في احتمالية نقله إلى مكان ما، فقيل لنا إن الجرحى نقلوا إما إلى مدينة الحسكة أو إقليم كردستان أو عامودا. بحثنا لكن من دون جدوى”.
وتابعت: “عدنا مرة أخرى الساعة السادسة إلى براد حي العنترية. دلتنا عليه إحدى الصور، وحين رأينا الجثمان لم أصدق أنه هو. لم أستطع النظر إليه. وفي المنزل، طلبت من أهلي أن ينظروا إليه وتمنيت أن يتأكدوا أنه ليس هو. حتى هذه اللحظة أتمنى أن يعود لأضمه وأشبع منه. ما زلت أرى ذلك حلما أو كابوسا مزعجا، وأني بعده سوف أمضي قدما في تحضيرات عرسه”.
نرجس جوان، هي شقيقة أحد ضحايا التفجير، قالت لـ”العربي الجديد”: “كان بيتنا بجانب نادي عجمو. فجأة سمعنا صوت تفجير إلى درجة أن بيتنا انهار من الخارج رغم بعده عن مكان التفجير. خرجت، ويا لهول ما رأيت! ذهبت إلى الشارع العام، قابلت بعض معارفنا الذين أخبروني أن أخي حسن كان في مكان التفجير”.
تتابع نرجس حديثها: “المنظر كان فظيعا، وكان العدو غداراً. أخي المريض كان يمشي باتجاه السوق مارا بمكان الانفجار. وجده أقارب بعد بحث في المشفى الوطني، عيناه مقلوعتان وأطرافه مكسورة”.
لم يكن حسن وحده ضحية، بل أيضا من تركهم وراءه، تقول نرجس: “كان أخي يعمل في محل للبالة، ولديه أربعة أولاد، أحدهم من ذوي الاحتياجات الخاصة. الآن يسكنون في بيت مستأجر وعوضوا بخمسين ألف ليرة سورية فقط”.
من جانبه، قال الناطق باسم القوى الديمقراطية الكردية (تابعة للمجلس الوطني الكردي) نصر بريك، لـ”العربي الجديد”، إنه “مضت ست سنوات على تفجير الحي الغربي في مدينة القامشلي، ولا يزال في ذاكرة المدينة يوما أسودا حزينا. استشهد فيه كثير من المدنيين. ندين هذا التفجير بشدة، ومهم جدا أن يحاكم المسؤولون عن هذا التفجير في المحاكم، وأن تذاع أسماؤهم على العلن”.
واستدرك: “للأسف حتى الآن هذه القضية غير واضحة. والمسؤولون عن المنطقة مطالبون اليوم بالبحث في هذه القضية بجدية، وأن يبينوا بشفافية كل شيء”.
بدوره، قال حسين عزام، عضو مجلس الرئاسي لمجلس سورية الديمقراطية (مسد)، لـ”العربي الجديد”، إن “ما حدث كان عملا إرهابيا جبانا بكل المقاييس (..) نحن إدارة ذاتية، وفي مجلس سورية الديمقراطية، يجب أن نقف على حقيقة هذه الأمور”.
في الأول من يناير/ كانون الثاني 2018، أعلنت “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) تمكنها من قتل المسؤول عن تفجير الحي الغربي بمدينة القامشلي.
وأوضحت “قوات سورية الديمقراطية”، في بيان، أنه “بعد زمن من التتبع والمراقبة، تمكنت في عملية نوعية بدير الزور من قتل مدبر الهجوم”، مشيرة إلى أن العقل المخطط لمجزرة القامشلي هو حسين أبو الوليد، وهو منظم وقائد العديد من التفجيرات والعمليات الانتحارية في الجزيرة وغيرها من المناطق.
من جهتها، أعلنت وكالة “أعماق” الناطقة باسم “داعش”، في بيان، تبنيها العملية، وقالت إن انتحاريا من التنظيم هاجم تجمعا لـ”الوحدات الكردية” تضم هيئات من الدفاع والداخلية والعلاقات العامة.
ويتجمع أهالي وأصدقاء وذوي الضحايا في يوم 27 يوليو/تموز من كل عام في مكان التفجير لاستذكار ضحاياه، رافعين صورهم وسط إيقاد الشموع وإلقاء كلمات تكريماً لذكراهم.
المصدر : العربي الجديد