الآن
الرئيسية / مجتمع واقتصاد / اقتصاد / محاصرون بين مداهمات النظام واتهامات المدنيين.. رواية معاكس لتجار سوريين

محاصرون بين مداهمات النظام واتهامات المدنيين.. رواية معاكس لتجار سوريين

صدى الشام – خاص

الرواية السائدة بين غالبية المدنيين، أن السبب الرئيسي في غلاء أي سلعة هم “تجّار الحرب”، الذين يحتكرون المواد الأساسية، ويرفعون الأسعار لزيادة أرباحهم على حساب قوت الناس.

وعلى الرغم من مسؤولية التجّار عن نسبةٍ من معاناة السوريين، إلى جانب تدهور البنى التحتية السورية وهبوط الليرة بشكلٍ غير مسبوق، إلّا أن تجّار التجزئة (المفرّق) أصبحوا على مدار السنوات الماضية “كبش فداء” حيث يلاحقهم اللوم المباشر عن مسؤوليتهم برفع أي سلعة.

وبما أن غالبية وسائل الإعلام ركّزت على سماع رواية المدنيين حول المتسبّب الحقيقي في غلاء الأسعار، تعرض “صدى الشام” في هذا التقرير رواية معاكسة، يقدّمها تجّار تجزئة سوريون، تلاحقهم الملامة والمسؤولية عن كافة الأزمات الاقتصادية في البلاد، إلّا أن غالبيتهم يعتبرون أنّهم خاسرين من هبوط الليرة كحال غالبية السوريين.

 

على تماس مباشر مع المدنيين

يملك محسن (اسم مستعار) بقالة كبيرة تبيع كافة المستلزمات الأساسية في حي الدويلعة، ومنذ شهر تشرين الأول/أكتوبر الفائت، يضطر محسن إلى تعديل لائحة الأسعار كل يوم، تماشيًا مع موجة الغلاء المتصاعدة التي تشهدها البلاد بسبب انخفاض قيمة الليرة السورية.

يقول محسن لـ “صدى الشام”: “عندما أرفع سعر سلعة ما فإن رأسمالها ارتفع من سعر المنشأ ولا علاقة لي بهذا الارتفاع، حيث يبقى مبلغ الربح كما هو دون أي زيادة، ما يجعلني أخسر في الأرباح لأن قيمة الليرة هبطت وهبطت معها قيمة الربح”.

يعتبر محسن، أن تجّار التجزئة هم على تماس مباشر مع المدنيين، وعندما يأتي الشخص إلى البقالة لشراء شيءٍ ما ويكتشف أن سعرها ارتفع فإنّه يصب غضبه على التاجر الذي يبيعه السلعة من مبدأ (فشّة الخلق) دون التأكّد أصلًا فيما إذا كان هذا التاجر بالفعل هو مسؤول عن غلاء السلعة.

ويتابع حديثه: “في الوضع الطبيعي فإن غلاء سلعة ما يعني أن هناك خلل كامل في البنية الاقتصادية في البلاد يبدأ من التضخّم وهبوط الليرة السورية وانعدام الإنتاج المحلي وهي كلّها عوامل تؤثّر على القدرة الشرائية للمواطن” موضحًا أنّه لا يستطيع  تاجر صغير داخل بقالة التحكّم في أسعار السلع على  امتداد البلاد

 

ما حقيقة رواية الاحتكار؟

قبل أسابيع، كان أبو جلال يعمل داخل متجره الصغير لبيع الخضار والفواكه في حلب، ثم دخل زبون إلى المتجر وطلب 3 كيلو من الباذنجان، وعندما علم أن سعر الكيلو الواحد ارتفع بحدود 60 ليرة، ما كان منه إلّا أن هاجم الخضار المعروضة داخل المحل وبدأ برميها أرضًا والدعس فوقها، ما أسفر في نهاية المطاف عن خسائر فادحة وتلف كمية كبيرة من الخضار والفواكه داخل المتجر، قبل أن يتدخّل الجيران لينقذوا ما تبقّى.

كانت هذه الحادثة كفيلة بدفع أبي جلال لإغلاق بقاليته بشكلٍ نهائي والانتقال للعمل كأجير في سوق الهال في حلب.

يقول أبو جلال: “لنفترض أنّ هناك احتكار للخضار من أجل بيعها بسعر مرتفع، فلست أنا من فعل ذلك، بل هذه الخطّة تحتاج إلى تجّار كبار مهيمنين على سوق الخضار والفواكه الرئيسي في مدينة حلب، وهؤلاء وحدهم يستطيعون منع تدفّق سلعة لزيادة الطلب عليها ورفع سعرها”.

ويضيف الخمسيني: “في كل صباح أقوم بشراء مجموعة منوّعة من الخضار والفاكهة بكميّات قليلة لأتمكّن من بيعها حتّى نهاية اليوم، لأنّني غير قادر على تحمّل تكاليف تبريدها، لذلك فإن بضعة الخضار التي أشتريها يوميًا لن تؤدّي إلى احتكار السلعة أو رفع سعرها”.

شاهد أيضاً

تفاقم معاناة السوريين في ظلّ الارتفاع القياسي لأسعار الخضروات والفاكهة

تشهد الأسواق السورية في مناطق سيطرة النظام موجة غلاء مستمرة منذ منتصف يوليو/تموز الماضي، ويطال …

أزمة الطاقة في تركيا.. الأسوأ لم يأت بعد

يمرّ العالم بتقلبات اقتصادية تاريخية، انطلاقًا من جائحة كورونا وما أعقبها، وأدّت أزمة الطاقة وارتفاع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.