صدى الشام – نور المراد
تتعدّد النشاطات والتدريبات التي تعمل على تمكين النساء في المناطق الشمالية من سوريا، التي تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية، حيث باتت بيئة العمل المدني في هذه المناطق متاحة أمام عدّة منظمات، بدأت بالعمل على تنظيم برامج تدريبية من شأنها أن تساهم في تمكين المرأة، وتعزيز دورها السياسي والاقتصادي في الحياة العامة.
وتهدف هذه التدريبات بشكلٍ رئيسي، إلى تحقيق استقلالية للمرأة على الصعيد الاقتصادي، وبالتأكيد أيضًا فمن شأنها الدفع بعجلة النساء للدخول في عملية إعادة الإعمار والإسهام في الحياة العامة.
غير أن منظّمة “النساء الآن من أجل التنمية” كان لديها برنامجًا تدريبيًا متميّزًا، حيث عملت على إجراء برنامج تدريبي موجّه للنساء في مجال “الصيانة الكهربائية” حيث تُعتبر فكرة هذا التدريب فريدة من نوعها، إذ لم يُلاحظ في سوريا سابقًا انخراط النساء في مهنٍ كهذه سواء بغرض الإصلاحات المنزلية أو العمل في هذا المجال.
عن منظّمة “النساء الآن من أجل التنمية”
تعمل منظمة “النساء الآن” في مجال تمكين النساء السوريات، ولديها مراكز اجتماعية في الشمال السوري ومراكز عدّة في لبنان، وتعمل هذه المنظمة، على تمكين النساء والفتيات حيث تركّز نشاطها على عدّة نشاطات كالبحث والمناصرة إضافة إلى التمكين السياسي والاجتماعي والاقتصادي للنساء.
تقول لبنى القنواتي المديرة القطرية لمنظمة “النساء الآن من أجل التنمية”، لـ “صدى الشام”: “لدينا مراكز مجتمعية عديدة للنساء والفتيات في الداخل السوري، وتهدف مراكزنا إلى توفير بيئة ﺁمنة وصديقة للنساء والفتيات، وتقديم مجموعة من الخدمات المتنوعة لتمكين النساء بمجالات مختلفة ثقافية، اجتماعية، اقتصادية، وسياسية.
وتضيف القنواتي، أن من بين أهداف ومهمّات المنظّمة، تقديم الدعم النفسي للنساء، موضحة أن المركز يرتاده يوميًا بحدود 150- 250 سيدة بحيث أنه يتأثر عدد المشاركات بالتدريبات بالوضع الأمني.
تدريب النساء على الصيانة الكهربائية
قامت المنظّمة بتنظيم عدّة تدريبات، وآخرها كان تدريبًا موجّهًا للنساء حول صيانة الكهرباء.
وعن هذا التدريب تقول القنواتي: “إن هذا التدريب كان حدثًا جديدًا في المنطقة الشمالية باعتبار أن هذا النوع من التدريبات يقوم به الرجال عادة”.
وتتابع القنواتي: “قمنا بتوجيه هذا التدريب للنساء بسبب وجود عدد من النساء اللواتي قتل أزواجهم في الحرب وبالتالي يصبح من الصعب عليهنَّ التعامل مع مشكلات الأدوات الخاصة بالتيار الكهربائي”.
وبحسب ما لاحظت “صدى الشام” فإن مشكلة الكهرباء باتت معضلة بالنسبة للنساء حيث تواجه النساء مشاكل ونقص في وصول التيار الكهربائي وأدواته ولا سيما في مخيّمات اللاجئين.
أما بالنسبة لقياس نجاح المشاريع في المنظمة قالت القنواتي: “إن المنظمة لديها قسم للمراقبة والتقييم بحيث يتم وضع خطة لقياس أثر المشروع ويتم تنفيذها من خلال الاستبيانات القبلية والبعدية التي يتم تحليلها في كل نشاط”.
كما يتم أيضا اجراء استبيانات الرضا عن التدريب بالإضافة الى وجود صندوق للشكاوي، ومجموعات نقاش مركزة لتقييم نجاح المشروع وابراز قصص النجاح التي نتجت عنه، بحيث يتم استخراج نسب وأرقام ويتم مقارنتها بالتوقعات الأولية التي وضعت بداية تنفيذ المشروع، وذلك بحسب ما شرحت القنواتي.
صعوبات تعترض التدريب
وعن الصعوبات التي تواجه منظمة “النساء الآن” قالت القنواتي: “إن العمل في مناطق الحرب بحد ذاته تحد لأنه في أية لحظة يمكن أن يتجدد القصف في المكان وهذا السبب الرئيسي الذي غالبا ما يكون سببًا في توقف عمل مراكزنا والذي أدى في الاونة الأخيرة الى نزوح عدد كبير من كوادرنا.
وثمّة أيضًا صعوباتٍ من نوعٍ آخر، ومنها وفقًا لـ “لبنى قنواتي”، مواجهة تحديات التمويل وخاصة بعد سياسات الداعمين الجديدة التي أدت الى انسحاب عدد كبير من الداعمين من الداخل السوري، وكون المنظمة نسوية وكوادرها أيضا من النساء بنسبة 90% يوجد تحديات كثيرة لها علاقة بخصوصية النساء مثل تأمين حضانات للأطفال وتغطية اجازات الأمومة وغيرها.
فتيات حقّقنَ استفادةً من التدريب
أما بالنسبة للمتدربات لدى منظمة النساء الان من أجل التنمية، واللواتي خضعنَ لتدريب “الصيانة الكهربائية” فقد حقّقن استفادة كبيرة من هذا التدريب، بحسب الأسئلة التي طرحتها “صدى الشام” على عدّة متدرّبات.
وأكدت وعد الرحمون وهي شابّة تدربت ضمن مشروع صيانة الكهرباء، أنها استطاعت من خلال هذا التدريب أن تكسر حاجز الخوف بينها وبين المعدات الكهربائية التي كانت لا تجرؤ على الاقتراب منها من قبل.
وقالت أيضًا: “إنها كانت في حال تعطل أي من ضوء أو مقبس كهرباء، كانت تضطر للاستعانة برجل أما الآن فاصبح بإمكانها التعامل مع كل شبكة الانارة وحتى نظام الطاقة الشمسية بسهولة إذ تعلمت تنظيف وفك بطاريات الطاقة الشمسية كما تعلمت فك وتركيب ألواح الطاقة الشمسية.
وفي ذات السياق، أكدت المتدربة منار حج أحمد وهي متدرّبة في ذات التدريب، أن السبب الرئيسي لدخولها هكذا نوع من التدريبات هو وضعها العائلي، موضحة ان لديها أخ وحيد مغترب في حين أن وضع أبيها الكبير بالسن لا يسمح له القيام بأعمال صيانة كهربائية في المنزل.
وأوضحت أيضًا أنّها كانت سابقًا تحتاج إلى مساعدة من خارج العائلة لإصلاح الأعطال الكهربائية أما الآن فهي قادرة على فعل هذه الأعمال وحدها، فقد أصبحت تستطيع التمييز بين الأعمال التي تستطيع تصليحها بمفردها والأعمال الخطرة التي لا يجب أن تتدخل فيها، كما أوضحت أنهم في المنطقة الشمالية بحاجة لأكثر من مصدر للكهرباء وبالتالي فهناك حاجة دائمة للتبديل بين مصدر وآخر.
وأضافت حج أحمد أن هذا النوع من تدريبات التمكين يعتبر ضرورة في مناطق الشمال السوري، معتبرةً أنه بمجرد تعرف المتدربة على الأعمال التي يجب عليها القيام بها فهي بذلك تكون قد حققت غايتها من المشروع وأيضا حقق المشروع غايته وأهدافه.
تم إنجاز هذه القصة الحقوقية بدعم من منظمة صحفيون من أجل حقوق الإنسان (JHR) وصندوق الأمم المتحدة للديمقراطية UNDEF