الرئيسية / مواد مختارة / قاعدة حميميم.. أرض روسية في سوريا للأبد
يوتين في قاعدة حميميم - انترنت
يوتين في قاعدة حميميم - انترنت

قاعدة حميميم.. أرض روسية في سوريا للأبد

فريق صدى الشام/

منذ أواخر عام ٢٠١٥، اكتسبت روسيا أرضا روسية جديدة ستكون ملكها إلى الأبد في سوريا، وذلك من خلال قاعدة “حميميم العسكرية الروسية” الموجودة في محافظة اللاذقية شمال غرب البلاد.

و”حميميم” هي قاعدة جوية عسكرية روسية تتشارك بعض مسارات الهبوط مع مطار باسل الأسد الدولي، لكنها فقط محصورة للعمال الروس.

في وقت لاحق، استخدمت القوات الروسية قاعدة حميميم لاستقبال الطائرات المدنية الصغيرة والمتوسطة، إلى أن جاء أواخر آب من عام ٢٠١٥، حيث وقعت روسيا اتفاقية مع نظام الأسد، تمنح القوات الروسية الحق باستخدام قاعدة حميميم في كل وقت من دون مقابل ولأجل غير مسمى. واستخدمت روسيا القاعدة لتنفيذ مهام قتالية ضد فصائل المعارضة السورية وكان ذلك منذ تاريخ تدخل روسيا في سوريا.

وتم توسيع قاعدة حميميم في منتصف عام ٢٠١٥، وباتت المركز الاستراتيجي للتدخل العسكري الروسي في سوريا، وتم الكشف عن هذه القاعدة من قِبل الولايات المتحدة في مطلع أيلول من عام 2015 حيث أعرب مسؤولون أميركيون عن قلقهم إزاء احتمال تصعيد النزاع في سوريا، أما رسويا فبدأت عملها بشكل رسمي في 30 أيلول ٢٠١٥.

 

معاهدة السيطرة

وفي 26 آب 2015 وقعت روسيا ونظام الأسد في العاصمة دمشق على معاهدة، نصت وبشكل واضح على شروط استخدام روسيا لقاعدة حميميم في سوريا حيث سمحت هذه الشروط لموسكو باستعمال القاعدة بشكل مجاني ومتى ما رغبت في ذلك.

وجاء في المادة السادسة للعقد أن الوحدات العسكرية الروسية تتمتع بالحصانة من الولاية القضائية المدنية والإدارية في سوريا، ويعني الأمر مما يعنيه أن الجندي أو الضابط الروسي لا يخضع للقوانين السورية في حال ارتكاب جرم أو عمل مشين.

أما البند الثالث من المادة السادسة في المعاهد فنص على أن الأعيان المنقولة وغير المنقولة التابعة لمجموعة الطيران الروسية تبقى مصونة بموجب هذا الاتفاق، ولا يحق لممثلي الجمهورية العربية السورية الدخول إلى مكان نشر القوات الروسية بدون اتفاق مسبق.

وجاء في المادة السابعة أيضا هو أن الجمهورية العربية السورية تتحمل المسؤولية عن تسوية جميع المطالبات التي قد تطالب بها أطراف ثالثة نتيجة للأضرار الناجمة عن أنشطة مجموعة الطيران الروسي وموظفيه، وهذا البند تحديدا يخص البنى التحتية التي يضربها الطيران الروسي، حيث يتحمل النظام وحده بموجب هذا الاتفاق مسؤوليته، ويوضح هذا البند بجلاء دهاء الروس للتنصل من أي مسؤولية جنائية قد تنجم عن تدخلها مستقبلا في حال رفعت إلى محكمة دولية أو ما شابه.

وصادق البرلمان الروسي على المعاهدة ثم وقع عليها الرئيس فلاديمير بوتين في تشرين الأول 2016 ليمنح روسيا وأفراد الطاقم العامِل في روسيا الحصانة القضائية على النحو المنصوص عليه في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية نصت المعاهدة على أن جيش النظام هو المسؤول عن حماية محيط القاعدة في حين أن الجانب الروسي هو المسؤول عن الدفاع الجوي الداخلي وحِماية قاعدة الموظفين. وتم تعديل بعض بنود المعاهدة كما تم التوقيع على بروتوكولات جديدة في الثامن عشر من كانون الثاني ٢٠١٧

وفي أواخر كانون الأول/ديسمبر 2017؛ أعلنت روسيا أنها تدرس تشكيل “تجمع دائم” لضابطها وطائراتها في حميميم وكذلك في المرفق البحري في طرطوس وذلك بعدما وافقَ الرئيس بوتين على هيكل وأفراد قوّة قاعدتي حميميم وطرطوس.

 

حدود دولية

وبعد افتتاح قاعدة حميميم استقبل وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغر، رئيس النظام بشار الأسد داخل القاعدة، وأجروا لقاءات، ولكن كاميرات الإعلام الروسي صورت وزير الدفاع الروسي وهو يتجول في أرض قاعدة حميميم الجوية ولوحظ وجود أعمدة مخططة باللونين الأخضر والأحمر منتشرة على أطراف وزوايا القاعدة الروسية، ليتوضح فيما بعد أن هذه الأعمدة هي نفسها التي تستخدمها روسيا لرسم حدودها مع دول الجوار، وهو ما يعني أن روسيا اعتبرت حميميم أرضا روسية، وكل ما هو في محيطها أراض سوريا، وتم فصل الأرض الروسية عن السورية داخل مدينة اللاذقية بالحدود.

واستخدمت روسيا، هذه الأعمدة ذاتها، برسم حدودها مع عدة دول محيطة بها وأبرزها  الحدود الروسية مع جورجيا وأستونيا وأوكرانيا والصين. وتستعمل روسيا هذه الأعمدة من أجل فصل حدودها عن حدود دول الجوار، حيث باتت هذه الأعمدة هي أعمدة فصل الحدود بين روسيا ودول الجوار.

ويقول المدون روسي يدعى “دوهمين ميخايل”: إن “حواجز التحديد الروسية على أرض قاعدة حميميم السورية، أهلا بك في بيتك”.

 

إهانة بشار الأسد

وكان وزير الدفاع الروسي خلال زيارته للقاعدة، يتصرف بشكل مباشر وكأنه على أرضه، وبين سكانه، فهو كان يسير في القاعدة بصفته صاحب الأرض الرئيسي، كما أنه هو من استقبل بشار الأسد وليس العكس.

وعندما استقبل شويغر رئيس النظام بشار الأسد داخل القاعدة، قال الأسد حينها :”لم أكن أعرف أنكم ستأتون بشكل شخصي”.

ويدل هذا الكلام على أن وزير الدفاع لم يبلغ بشار الأسد بزيارته، وأن الأسد تلقى أوامر استدعاء من وزير الدفاع الروسي من أجل أن يحضر لمقابلته في قاعدة حميميم، وهو ما يتعاكس مع ما يدعيه النظام في “حماية السيادة الوطنية”.

ولم تقف الإهانة الموجهة لرئيس النظام بشار الأسد هنا فقط، ففي أواخر عام ٢٠١٧، عندما زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قاعدة حميميم، تعرض بشار الأسد لـ”موقف محرج” خلال لقائه مع بوتين.

ونشرت وسائل الإعلام الروسية مقطع فيديو يظهر قيام أحد الضباط الروس في قاعدة حميميم بمنع رئيس النظام بشار الأسد من مرافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مغادرته المطار.

وأظهر الفيديو، مغادرة بوتين لقاعة المطار، حيث حاول بشار الأسد اللحاق به، قبل أن يتدخل أحد الضباط الروس الموجودين بالقرب منه، حيث قام بوضع يده على كتف الأسد وأوقفه ومنعه من اللحاق بالرئيس الروسي.

وأثار مقطع الفيديو سخرية واسعة من بشار الأسد حينها، ولا سيما أن المقطع يظهر حجم الإهانة والاستخفاف الروسي به، حيث بات أحد الموظفين الرسو عند فلاديمير بوتين، ولم يعد رئيسا لدولة بحسب معلقين على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

الهجمات

وفي ٢١ من شهر تموز الماضي، استهدفت طائرات مسيرة، قاعدة حميميم العسكرية وقالت مصادر إعلامية إن مضادات القاعدة الأرضية تصدت لها، وأوضحت المصادر الإعلامية المقربة من النظام أن المضادات الأرضية في قاعدة حميميم تصدت لأجسام مجهولة حلقت فوقها.

وبعد عدة أيام، استهدفت طائرات مسيرة،، قاعدة حميميم العسكرية وأعلنت مصادر إعلامية أن مضادات القاعدة الأرضية تصدت لها. وأوضحت المصادر الإعلامية المقربة من النظام، أن المضادات الأرضية في قاعدة حميميم تصدت لأجسام مجهولة حلقت فوقها.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، قبل ذلك أن قواتها المنتشرة في قاعدة حميميم دمرت طائرة عسكرية مسيرة أطلقت باتجاه المطار من منطقة سيطرة مسلحين في محافظة اللاذقية السورية. وفي الرابع عشر من شهر آب الماضي أعلنت وزارة الدفاع في موسكو،، أن قاعدة حميميم، تعرضت لهجومٍ جديد بطائراتٍ مُسيرة، موجهة الاتهام مُجدداً إلى الفصائل المُسيطرة في محافظة إدلب.

وقال أليكسي تسيغانكوف، رئيس “المركز الروسي للمصالحة في سورية”، إنه ” رصدت وسائل مراقبة الأجواء لقاعدة حميميم الروسية ومدينة حلب خمس طائرات مسيرة، تم إطلاقها من الأراضي التي تسيطر عليها التشكيلات المسلحة غير الشرعية في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب”، مضيفاً أن المضادات الروسية دمرت الطائرات المُهاجمة، دون أن يتم إلحاق أي أضرار بالقاعدة الروسية الواقعة جنوب محافظة اللاذقية، قريباً من مدينة جبلة.

وقالت صحيفة “واشنطن بوست”، إن سلسلة من الهجمات الغامضة التى تستهدف القاعدة العسكرية الرئيسية الروسية فى سوريا، قد كشفت استمرار ضعف روسيا فى البلاد على الرغم من المزاعم الأخيرة من قبل الرئيس فلاديمير بوتين بتحقيق الانتصار.

وذكرت الصحيفة أن هذه الهجمات أثارت مجموعة من الأسئلة حول المسؤول عما يبدو أنه أكبر تحدى عسكرى لدور روسيا فى سوريا، فى الوقت الذى تسعى فيه روسيا إلى خفض وجودها هناك. وفى واحد من الهجمات الأخيرة وغير المعتادة، نزل أكثر من اثنتى عشر طائرة مسلحة بدون طيار “درون” إلى موقع مجهول فى قاعدة حميميم الجوية الروسية شمال غرب اللاذقية، مقر العمليات العسكرية الروسية فى سوريا، وبالقرب من القاعدة البحرية الروسية في طرطوس.

وقالت روسيا إنها أسقطت سبع من 13 طائرة واستخدمت الإجراءات المضادة الإلكترونية لإسقاط ستة طائرات أخرى بسلام، ولم يحدث أضرار بالغة. إلا أن هذا الهجوم جاء بعد أقل من أسبوع من مقتل رجال الخدمة الروسية فى هجوم بقذائف الهاون على نفس القاعدة، والذى يبدو أنه سبب بعض الضرر للأصول العسكرية الروسية.

ورأت الصحيفة أن هجومى الطائرات بدون طيار ومدافع الهاون هم الأكثر تركيزا على المقر الروسي في سوريا منذ التدخل العسكري في سبتمبر 2015 والذى نجح على نطاق واسع فى تحقيق هدفه المتمثل فى دعم معركة الأسد.

 

مكتب إعلامي

ولدى القاعدة مكتب إعلامي لديه معرفات على مواقع التواصل الاجتماعي، ويدعى “القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية”، وتمتلك صفحات على فيسبوك وتويتر وانستغرام وقناة على تلغرام.

وتعرف الصفحة نفسها على أنها “تدار من داخل القاعدة” ولكنها غير رسمية، وتنشر بشكل شبه يومي بيانات ومعلومات وآراء روسية من داخل القاعدة الجوية، على لسان ألكسندر إيفانوف الناطق باسم القاعدة.

وتكثف القناة النشر على مواقعها، عند حدوث أحداث استثنائية لها علاقة بقاعدة حميميم وأخبارها، كما تنشر بشكل مستمر مجموعة صور ومقاطع فيديو من داخل القاعدة، ما يؤكد أنها تدار من الداخل.

ولكن القناة تحولت مع الوقت إلى عبارة عن صفحة لإحراج النظام حيث باتت تنشر الشكاوى عن فساد ضباط النظام، وتضعه في موقف محرج، كما أنها دائما ما تستقطب مؤيدي النظام من أجل مراسلتها والحديث عن عمليات الفساد داخل جهاز جيش النظام وعدم توزيع حصص المقاتلين أو منحهم تعويضاتهم بعد سرقتها من قبل الضباط.

وبدأت روسيا بالتدخل لصالح نظام الأسد في أيلول عام 2015 ومنذ ذلك الوقت تحكمت روسيا بالنظام وقواته وقامت برعاية معظم العمليات العسكرية التي شنها النظام ضد المناطق الثائرة كما رعت جميع اتفاقات التهجير والتسوية التي تمت بداية باتفاق مدينة حلب وصولا إلى اتفاق تهجير الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي.

ووقعت روسيا مع تركيا اتفاق ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح بين المعارضة والنظام في ريف إدلب وجاء ذلك الاتفاق عقب حملة إعلامية من نظام الأسد عن نيته شن عملية عسكرية للقضاء على المعارضة في إدلب إلا أن الاتفاق الأخير حال دون وقوع تلك العملية.

وزعمت روسيا في وقت سابق أن الهجمات على قاعدة حميميم مصدرها محافظة إدلب وقامت بقصف أهداف في إدلب عدة مرات بذريعة تلك المزاعم إلا أن تلك الأهداف كانت أحياء سكنية وأسفر القصف عن عشرات القتلى والجرحى من المدنيين.

شاهد أيضاً

سجال أميركي روسي في مجلس الأمن بشأن دورهما بسوريا والأمم المتحدة تطالب بإجلاء الأطفال المحاصرين في سجن الحسكة

تبادلت روسيا والولايات المتحدة الاتهامات -خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي- بشأن أحداث مدينة الحسكة شمال …

مناورات روسية مشتركة مع نظام الأسد.. ماذا وراءها؟ وكيف تقرؤها إسرائيل؟

لا يستبعد المحللون العسكريون في إسرائيل أن يكون التحرك الروسي عند خط وقف إطلاق النار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *