الرئيسية / سياسي / سياسة / مواد سياسية مختارة / إدلب على عتبة الحرب الطاحنة أو الحل السلمي
إدلب ترفض الاستسلام - انترنت
إدلب ترفض الاستسلام - انترنت

إدلب على عتبة الحرب الطاحنة أو الحل السلمي

عدنان علي/

ما زال الوضع في إدلب وفي شمال البلاد تحت رحمة التوقعات بشنّ نظام الأسد وحليفته روسيا عملية عسكرية واسعة كما يروج النظام، أو محدودة كما تشير العديد من الدلائل، وسط مد وجزر بشأن احتمالات التوصل إلى تسوية سياسية تعمل عليها تركيا عبر محاولة إقناع ما يوصف بالتنظيمات المتطرفة بحل نفسها أو الاندماج مع غيرها، وفي مقدمتها “هيئة تحرير الشام”، وذلك بغية نزع حجة  محاربة التنظيمات الإرهابية من يد روسيا والنظام.

وقد ارتفعت وتيرة التوقعات بشن عملية عسكرية بعد إعلان تركيا تصنيف “هيئة تحرير الشام” كمنظمة إرهابية، وهو ما فسره مراقبون على أنه مؤشر على انهيار المفاوضات بين الجانبين، والتي كانت تستهدف إقناع “الهيئة” بحل نفسها، وسط تزايد القلق على مصير أكثر من ثلاثة ملايين مدني في المحافظة، فيما صدرت تعليقات من جانب بعض قادة الفصائل تشير إلى نجاح تركيا في تجنيب المحافظة الحرب، دون صدور مزيد من الإيضاحات، ودون صدور أي بيان رسمي من الجانب التركي.

وتزامن ذلك مع إرسال تركيا مزيد من التعزيزات العسكرية إلى داخل الأراضي السورية، ودخل رتل تركي جديد، مؤلف من عشرات الآليات التي تحوي معدات عسكرية ولوجستية وجنود ووصل قسم منه إلى النقطة التركية في منطقة مورك بريف حماة الشمالي، بينما وصل القسم الآخر إلى النقطة التركية في منطقة الصرمان بريف معرة النعمان، جنوب إدلب.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إنه بحث التطورات الراهنة في محافظة إدلب مع رئيس “الهيئة العليا للمفاوضات” نصر الحريري. وأضاف جاويش أوغلو عبر حسابه الرسمي في “تويتر”، إنه التقى مع الحريري وتبادلا وجهات النظر حول التطورات الراهنة في سوريا والعملية السياسية بما في ذلك ملف محافظة إدلب.

 

أجواء حرب

وفيما تواصل قوات النظام خرق الهدنة الروسية التركية، وتقصف بشكل يومي بالمدفعية بلدات ريف حماة الشمالي، بالتزامن مع تواصل عمليات الاغتيال والتفجيرات في أنحاء مختلفة من محافظة إدلب وريف حلب موقعة قتلى وجرحى في صفوف العسكريين والمدنيين،  تعيش محافظة إدلب، ومجمل مناطق الشمال السوري، حالة استنفار وأجواء حرب تحسبا لعملية عسكرية قد تبادر إليها قوات النظام مدعومة من روسيا في أية لحظة، فيما تتواصل الاستعدادات الميدانية العسكرية والطبية للعملية المرتقبة التي من المتوقع ألا تكون شاملة، بل تستهدف مناطق محددة في ريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي ومنطقة جسر الشغور غرب إدلب.

وفي إطار هذه الاستعدادات ، بادرت فصائل المعارضة إلى تفجير جسرين اثنين في منطقة سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، وهما جسر بيت راس وجسر الشريعة اللذان يربطان مناطق سيطرة الفصائل مع قريتي الجيد والكريم الواقعتين تحت سيطرة قوات النظام، وذلك كما يبدو، في إطار عمليات التحصين التي تقوم بها الفصائل لمواقعها في المنطقة، لصد أي هجوم محتمل من قوات النظام بعد التعزيزات العسكرية الكبيرة التي استقدمتها إلى حماة ومحيط إدلب واللاذقية.

وحشد النظام خلال الأسابيع الماضية عشرات آلاف العناصر من القوات النظامية وعناصر الميليشيات الموالية، وقدرت مصادر أن قوات النظام وزعت أكثر من 2000 مدرعة على خطوط التماس الممتدة من جبال اللاذقية الشمالية إلى ريف إدلب الشرقي مرورا بسهل الغاب وريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي الشرقي.

كما تقوم فصائل المعارضة و”هيئة تحرير الشام” بعمليات تحصين وتدشيم في مناطقها تحسبا لأي هجوم مباغت يعلن من خلاله بدء العملية العسكرية الكبرى، وعمدت قوات النظام الى القيام بحملات  تجنيد واسعة للشبان، في المناطق التي جرى التوصل فيها إلى “مصالحات” ، وزجهم في دورات تدريبية ومن ثم نقلهم إلى جبهات القتال، لمحاربة رفاقهم السابقين ضمن الفصائل.

من جهتها، أعلنت عشرات المجالس المحلية عن إطلاق “الحملة الشعبية لنصرة المرابطين على الجبهات”. وطالبت المجالس عبر بيانات منفصلة بدعم “المرابطين على الجبهات والخروج بمظاهرات، وقد خرجت بالفعل هذه المظاهرات يوم الجمعة الفائت في عموم المناطق الخاضعة للمعارضة. كما أصدرت “حكومة الإنقاذ السورية” في محافظة إدلب تعميما تدعو من خلاله جميع السكان للاستعداد والمشاركة في الحملة العسكرية المتوقعة على المنطقة.

ودعت “الحكومة” السكان للمشاركة بالتحضيرات اللازمة لصد الهجوم العسكري، من خلال دعم جميع القطاعات العسكرية والكوادر الطبية في المدينة مطالبة خطباء المساجد في المدينة حث الناس على “الجهاد والدفاع عن الأرض والعرض”، والوقوف في وجه “الهجمة الإعلامية الشرسة من قوات النظام وروسيا وإيران”.

وفي غضون ذلك، تتواصل الحملات الأمنية للفصائل العاملة في محافظة إدلب بحثا عن “مروجي المصالحات” مع النظام، حيث اعتقل عناصر تابعون لـ”هيئة تحرير الشام”  أربعة أشخاص في بلدة كللي بريف إدلب، وذلك بعد يومين من اعتقال عشرات الأشخاص في عدة قرى بريف مدينة معرة النعمان.

 

تحركات عسكرية وسياسية

وبالتوازي مع ذلك جرت تدريبات عسكرية روسية في البحر المتوسط وتم ربطها بالوضع في إدلب، بالتوازي مع تشديد نظام بشار الأسد على أن قراره هو “مكافحة جبهة النصرة في إدلب مهما كانت التضحيات”، كما نشط المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا على نحو أثار الاستغراب في حديثه عن وجود حوالى عشرة آلاف مقاتل في إدلب “من “القاعدة والنصرة”، الذين لا يشكك أحد في أنهم إرهابيون يتعين هزمهم”، مع تأكيده ضرورة إقامة “ممر إنساني” لإجلاء السكان المدنيين، وإتاحة مزيد من الوقت لروسيا وإيران وتركيا لمحاولة تجنب حدوث تصعيد عسكري كبير في تلك المنطقة.

وفسر حديث دي ميستورا كتبرير للهجوم المتوقع، مع وضع المبعوث الأممي ما يشبه الشروط بالقول “لا يمكن أن يتوافر أي مبرر لاستخدام أسلحة ثقيلة في مناطق مزدحمة بالسكان، حتى لقتال إرهابيين”، وتشديده على ضرورة “تجنب استخدام الأسلحة الكيميائية من جانب الحكومة السورية وجبهة النصرة، فكلاهما لديه القدرة على استخدام غاز الكلور”. وعرض المبعوث الأممي التوجه إلى إدلب لتأمين إقامة “ممر إنساني” من أجل إجلاء المدنيين.

من جهتها، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” إن حوالي 700 ألف شخص مهددون بالنزوح في حال هاجمت قوات النظام محافظة إدلب. وتوقع مدير برامج الطوارئ في المنظمة مانويل فونتين نزوح نزوح ما بين 450 إلى 700 ألف شخص من إدلب باتجاه محافظات حلب وحماة وحمص وليس تركيا، في حال حصول هجوم على المحافظة مشيرا إلى أنهم وضعوا خطة لتزويد النازحين بالمياه والمساعدات الغذائية، مستبعدا مناقشة الأمور المتعلقة بالممرات الإنسانية في المرحلة الحالية.

 

اعتقالات

إلى ذلك، اعتقلت قوات النظام عددا من الأشخاص المحسوبين عليها أو “وجهاء المصالحة” في ريف حمص الشمالي وريف حماة الشمالي، وبحسب مصادر محلية فإن قوات النظام اعتقلت عدة أشخاص في مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي ومنهم قاضيان سابقان في المحاكم الشرعية روجا سابقا للمصالحة مع النظام، وقائد تشكيل عسكري واثنان آخران من العسكريين السابقين لدى المعارضة.

كما شملت الاعتقالات ثمانية شبان في قرية تقسيس شمال مدينة حماة، بعد أن اتهمهم موالون للنظام بأنهم كانوا سبب بقتل أبنائهم أو اختطافهم.

ولم تعرف أسباب الاعتقال، لكنها ليست المرة الأولى التي تبادر فيها قوات النظام الى مثل هذه الاعتقالات، وسبق أن استدعت قوات النظام الضباط المنشقين عن صفوفها والموجودين في شمال حمص للتحقيق في العاصمة دمشق وسط تخوف من اعتقالهم.

وفي شرق البلاد، تشدد قوات النظام إجراءاتها الأمنية، وقامت باعتقال عدد من الشباب الأكراد لسوقهم إلى الخدمة العسكرية الإلزامية في دمشق.

وقال موقع “باسنيوز” الكردي المحلي إن النظام أصدر أوامره إلى جميع الجهات الأمنية التي تنتشر في مدينة القامشلي باعتقال المطلوبين للخدمة الإلزامية وخدمة الاحتياط وسوقهم عبر مطاره في المدينة إلى معسكرات التدريب في دمشق.

 

انفجارات دمشق

وقد استيقظت العاصمة دمشق الاحد الماضي على آثار الانفجارات التي ضربتها في وقت مبكر من الصباح والتي قالت الرواية الرسمية للنظام انها ناتجة عن ماس كهربائي، في حين أكدت مصادر عدة أن سببها غارات إسرائيلية على مطار المزة العسكري وأهداف أخرى، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف قوات النظام وعناصر إيرانيين.

ويشير نفي النظام تعرض المطار لقصف إسرائيلي، خلافا لمواقع موالية له أو حليفة مثل قناة المنار الناطقة بلسان حزب الله، التي أكدت حصول ضربة إسرائيلية، إلى تخبط لدى النظام، وربما شعور بالإحراج لعجزه عن الرد بعد سلسلة إعلانات وتأكيدات سابقة بأنه سيكون هناك رد في حال حصول هجوم إسرائيلي جديد.

ورأى محللون أن إنكار النظام للضربة الإسرائيلية سببه شعوره بالإحراج بسبب عجزه عن الرد هو وايران التي بات وجودها في سوريا تحت المجهر الدولي، لكنها تسعى إلى تكريسه دون ضجيج.

ولفت ناشطون محليون إلى أن ما جرى هو انفجار كبير تبعته انفجارات متتالية داخل المطار، وفي أماكن أخرى في محيطه، مشيرين إلى أن مطار المزة يستخدم من قبل جهتين هما المخابرات الجوية بقيادة جميل الحسن والفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، إضافة الى وجود مواقع للحرس الثوري الإيراني، وخبراء إيرانيين في المطار.

 

معارك الشرق

وفي شرق البلاد، قتل وجرح عدد من قوات النظام إضافة إلى عدد من عناصر تنظيم “داعش” خلال هجمات متكررة يشنها عناصر التنظيم ضد مواقع قوات النظام والحرس الثوري الإيراني في بادية العشارة في ريف دير الزور الشرقي.

وفي إحدى المرات حاول عناصر التنظيم الوصول إلى نبع عين علي والذي أصبح مزارا بعد إعادة بنائه من قبل “هيئة مزارات آل البيت” الممولة من ايران، وتبع ذلك اندلاع اشتباكات عنيفة في بلدتي دبلان وغريبة شرق دير الزور وسط دوي انفجارات ناتجة عن الهجوم على “مزار عين علي” ما أسفر عن وقوع العديد من القتلى والجرحى وعدد من الأسرى في صفوف النظام وميليشياته، وتدمير آلية عسكرية واستهداف غرفة كان فيها حرس للمزار، كما وقع عدد من القتلى والجرحى في صفوف التنظيم.

وتقول المصادر إن تمكن عناصر “داعش” من الوصل إلى هذه النقاط أثار شكوكا وتخوينا بين عناصر الميليشيات فيما كتب موالون للتنظيم عبارات على جدار يبعد أقل من مئة متر عن حاجز الكازية في مدينة القورية تتوعّد المليشيات بالذبح. وقد قتل القيادي البارز في قوات النظام وقائد مجموعات “قادش”، محمد سلهب (أبو علي) في أثناء مشاركته بمعركة في سوريا لم تحدد المنطقة التي دارت فيها. ونعت صفحات موالية يوم السبت الماضي سلهب الملقب بـ”ساموراي الصحراء”، وقالت إنه قتل خلال مشاركته في المعارك، دون تحديد المكان، والذي من المتوقع أن يكون ريف دير الزور أو ريف السويداء خلال المعارك مع تنظيم “داعش”.

شاهد أيضاً

القسام توقع جنود إسرائيليين بين جريح وأسير في شمال قطاع غزة

أنس عوض أعلن المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري أبو عبيدة أمس السبت …

لماذا سخر المغردون من احتفال نظام الأسد بيوم جلاء المستعمر الفرنسي؟

احتفل النظام السوري -أمس الأربعاء- بالذكرى رقم 78 لـ يوم الجلاء، والذي يوافق 17 أبريل/نيسان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *