الرئيسية / رأي / الهجوم الروسي على إدلب
جلال بكور
جلال بكور

الهجوم الروسي على إدلب

صدى الشام - جلال بكور/

ما الذي يبعد روسيا عن القيام بالهجوم على إدلب وهي من قامت بالهجوم على كل المناطق التي وقعت اتفاقات “خفض التوتر” سواء في أستانة أم القاهرة وجنيف أو في أماكن أخرى، وكل المناطق التي سيطر عليها النظام بدعم روسي لاحقا بعد عمليات عسكرية هي مناطق خضعت لاتفاق خفض التوتر وفرض عليها ذات الشروط التي تفرض على إدلب اليوم، وهي بند التخلص من “المتطرفين أو الإرهابيين”، إضافة إلى ذلك، عند القول بكلمة “إدلب” ليس هناك خريطة واضحة لماهية إدلب تلك، هل هي إدلب المدينة أم إدلب المحافظة أم جزء من المحافظة يشمل المدينة أو جزء من إدلب مع حلب أو اللاذقية أو حماة.

 

روسيا تقول لن يكون هناك عملية عسكرية موسعة في إدلب وذلك يشير إلى أنه احتمال أن يكون هناك عملية على نطاق ضيق أو غير موسع كثيرا، وإذا ما نظرنا إلى طبيعة الخريطة في إدلب نلاحظ أن تلك العملية الغير موسعة قد تشكل منطقة جسر الشغور والمناطق الفاصلة بين إدلب واللاذقية، إضافة إلى مناطق محيطة بالطريق الدولية شرق إدلب، إضافة إلى مناطق في محيط مدينة حلب، وفي شمال غرب حماة.

 

الهدف من تلك العملية الغير موسعة حال القيام بها هو حماية الطريق الواصل بين دمشق وحلب وحماية قواعد النظام والقواعد الروسية في حلب وفي شرق إدلب وفي ريف اللاذقية وتحديدا في حميميم، وإبعاد خطر الاستهداف المتكرر عنها، وأيضا إبعاد المعارضة أكثر عن محافظة حماة.

 

واشترطت روسيا أيضا أن عدم القيام بالعملية العسكرية على إدلب مرتبط بمدى قدرة المعارضة المعتدلة على التخلص من “جبهة النصرة” فرع القاعدة في سوريا، وهو ما يعني قدرة المعارضة على التخلص من “هيئة تحرير الشام” وهذه الحجة التي كانت ذريعة الروس في الهجوم على كل مناطق المعارضة عموما التي سيطرت عليها والتي ما زالت خارج سيطرتها.

 

إذا فالكلام الروسي يوحي بعملية عسكرية قادمة في كلا حالتين إما أن تستهدف تلك العملية كل إدلب وهو صعب في الوقت الحالي لأنه يحتاج إلى توافق مع تركيا ويحتاج إلى وقت وجهد ومصروف كبير جدا نتيجة المساحة الواسعة لمناطق عديدة في إدلب ووعورة بعضها والعدد الكبير للمقاتلين في المنطقة والتسليح الجيد والخبرة القتالية، وفي الحالة الثانية هو ممكن لأنه سوف يستهدف مناطق تم التوافق عليها أو يتم التوافق عليها وبالتالي في حال التوافق هذا يعني أنه لن تكون هناك مقاومة جدية في حال هجوم النظام وروسيا.

 

وتستبعد العملية الكبرى ضد إدلب حاليا بسبب تواجد القوات التركية وكل تصريحات النظام وإعلامه عن إعادة السيطرة على إدلب هي كلام في الهواء ما لم يتم التوافق بين روسيا وتركيا على تلك المنطقة، تماما كما تم التفاهم بين روسيا وواشنطن وإسرائيل على درعا والقنيطرة ولولا ذلك التفاهم لما تقدمت قوات النظام شبرا في الجنوب.

 

وطبيعة المنطقة في الشمال تختلف عنها في الجنوب وتركيا فضلت الدخول بنفسها إلى المنطقة من أجل ضمان مصالحها “القومية” ولن تأمن للنظام في الوقت الحالي ولن تسمح له بالدخول إلى مناطق مثل شمال إدلب أو شمال حلب، إلا أن عملية تقايض قد تتم بين تل رفعت وجسر الشغور ومناطق أخرى بمناطق أخرى، أي أن تركيا لن تعطي الروس والنظام شيء في إدلب ما لم يكن هناك مقابل له في مكان آخر.

 

وتشير عمليات التحصين التي تقوم بها القوات التركية في نقاط المراقبة التي توزعت بها في محيط إدلب إلى عدم نية تركيا سحب تلك القوات على الأقل في الوقت القريب وهو ما يرجح ابتعاد العمليات العسكرية عن محيط تلك المناطق.

 

شاهد أيضاً

المقاومة وقداستها

عبد العزيز المصطفى تذكرُ كتبُ الأساطيرِ أنّ ملكًا استدعى أحد مستشاريه في ساعة متأخرة من …

فلنختار ظرف ومكان موتنا

عبد العزيز المصطفى خلال الحرب العالمية الثّانية كان الشغلُ الشاغل لهتلر هو كيفية القضاء على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *