الرئيسية / سياسي / سياسة / مواد سياسية مختارة / الجنوب بقبضة روسيا.. واستغلال النازحين لتعويم النظام
قوات النظام انتشرت في القنيطرة - انترنت
قوات النظام انتشرت في القنيطرة - انترنت

الجنوب بقبضة روسيا.. واستغلال النازحين لتعويم النظام

عدنان علي/

تواصلت عمليات التهجير من محافظتي القنيطرة ودرعا جنوبي سوريا،  فيما تم نقل مئات من عناصر الدفاع المدني السوري في منطقة الجنوب باتجاه الاردن، عبر إسرائيل، بعد جهود وضمانات دولية بهذا الشأن. وتزامن  ذلك مع مواصلة قوات نظام الأسد القصف الشديد على منطقة حوض اليرموك حيث يسيطر “جيش خالد” المبايع لتنظيم “داعش”، وهو قصف يسفر عن سقوط المزيد من القتلى في صفوف المدنيين، لكن تلك القوات أخفقت حتى الآن في احراز تقدم كبير، فيما أعلن “جيش خالد” تمكنه من السيطرة على قرى وبلدات جديدة في المنطقة.

وقد خرجت من محافظتي القنيطرة ودرعا المزيد من الحافلات التي تقل مهجرين من مدنيين وعسكريين  إلى شمالي البلاد، غالبيتهم من عناصر “هيئة تحرير الشام” وعائلاتهم إضافة إلى بعض المدنيين وأفراد من “الجيش السوري الحر”.

وتأتي عملية التهجير تنفيذا للاتفاق الذي توصلت إليه الفصائل العاملة في المنطقة مع الجانب الروسي الخميس الماضي، والذي ينص على تهجير عناصر الفصائل الرافضة للاتفاق إلى الشمال السوري بالسلاح الخفيف بعد تسليم السلاح الثقيل والمتوسط للجانب الروسي.

وتتزامن عملية التهجير مع توسيع قوات النظام لسيطرتها، على طول المنطقة المحاذية لخط فك الاشتباك 1974 مع الاحتلال الإسرائيلي، حيث تواصل قوات النظام الانتشار في المناطق المتاخمة لخط فض الاشتباك مثل رسم قطيش وتل أحمر ورسم الزاوية وعين العبد وكودنة والأصبح وعين زيوان وقصيبة والسويسة وعين التينة وأم باطنة ونبع الصخر والناصرية وعين التينة والقصبية وسويسة والهجة وغدير البستان، ما يعني أنها باتت تسيطر على معظم محافظة القنيطرة باستثناء القطاع الشمالي للمحافظة، الذي لم تدخله حتى الآن.

وقالت مصادر إعلامية إن التفاهمات حول القنيطرة تقضي بدخول اللواء 90 و اللواء 61  التابعين لقوات النظام برفقة قوات الشرطة الروسية إلى خط وقف النار والمنطقة منزوعة السلاح وفق اتفاق 1974، وهذان اللوائين كانا منتشرين في المحافظة أصلا قبل تراجع قوات النظام عن معظمها أمام فصائل المعارضة.

وحسب تلك المصادر فإن السيطرة على التلال الرئيسية الحاكمة في المنطقة مثل تل الحارة وتل الجابية ستكون لروسيا بهدفة طمأنة إسرائيل باستثناء تل الجموع في الجنوب الذي ما زال تحت سيطرة “جيش خالد” المبايع لتنظيم “داعش”.

ويعتبر تل الحارة في ريف درعا، والذي يصل ارتفاعه إلى 1200 متر أعلى التلال في ريف درعا الشمالي، ويشرف على مساحات واسعة من ريفي درعا والقنيطرة، وكان له دور في السيطرة على هذه المناطق سريعا بعد السيطرة عليه، في تشرين الأول 2014.

عادت قوات النظام للانتشار على طول خط فض الاشتباك المتفق عليه مع الاحتلال الاسرائيلي في القنيطرة

 

حوض اليرموك

في غضون ذلك، يتواصل القصف المكثف على منطقة حوض اليرموك بالقطاع الغربي من ريف درعا، حيث تعرضت المنطقة لمئات الضربات الجوية والصواريخ والبراميل المتفجرة استهدفت خاصة بلدات تسيل وحيط وسحم الجولان وجلين وتل الجموع والشركة الليبية وعدوان، بالتزامن مع إطلاق صواريخ أرض- ارض من نوع “فيل”، وقصف مدفعي ما تسبب بخسائر في صفوف المدنيين ومزيد من الدمار في ممتلكاتهم، حيث يقدر أن التنظيم يحتجز اكثر من 30 ألف مدني في مناطقه، ويتخذ منهم دروع بشرية.

ورغم هذا القصف، فقد أخفقت قوات النظام والميليشيات المساندة لها في التقدم بشكل حقيقي إلى مناطق سيطرة “خالد” حيث سيطرت فقط على قرى غدير البستان، وجبيلية، والبكار، فيما ذكرت وكالة “أعماق” أن التنظيم تمكن من إفشال هجوم قوات النظام على محاور تلة عشترة وتلة الجموع ومحور جلين مشيرة إلى مقتل عناصر من قوات النظام وتدمير دبابة وعربة شيلكا لهم في محيط بلدة جلين.

وأعلن التنظيم سيطرته على مناطق تتبع لمحافظة القنيطرة على حدود الجولان في الأيام الماضية. وقال التنظيم في بيان نشره على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي إنه سيطر على قرى صيدا والحانوت وعين القاضي وأم اللوقس والحيران، وذلك بعد انسحاب “هيئة تحرير الشام” و”الجيش السوري الحر” منها، مشيرا أنه استحوذ على أسلحة وذخائر متنوعة فيها.

من جهتها، ذكرت وسائل إعلام النظام أن قوات الأخير سيطرت على كامل محافظة درعا، عدا منطقة حوض اليرموك التي تشكل 6% من مساحة درعا ككل مشيرة الى مواجهات عسكرية مستمرة في خطوة للتقدم على محور تل الجموع الاستراتيجي.

ويمسك التنظيم بتل الجموع الذي يعتبر الورقة الأبرز عسكريا له في المنطقة، ويعد من أهم التلال العسكرية والاستراتيجية في ريف درعا الغربي، وتحيط به نقاط استراتيجية تخضع لسيطرة المعارضة أبرزها الشيخ سعد، ونوى إلى الشمال منه.

من جهة أخرى، أكد مدير الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء” رائد صالح أنه تم إجلاء عدد من المتطوعين من عناصر المنظمة مع عائلاتهم من محافظة القنيطرة.

جاء هذا بعد اعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه ساهم في نقل حوالى 800 من  عناصر الدفاع المدني السوري من محافظة القنيطرة السورية ليلة السبت الماضية عبر الحدود مع سوريا إلى الأردن. وقال  المتحدث باسم وزارة الخارجية الأردنية محمد الكايد أن الأردن سمح للأمم المتحدة بترتيب دخول نحو 800 من عناصر الدفاع المدني السوريين الذين كانت حياتهم في خطر.

تسببت العمليات العسكرية التي يشنها النظام على حوض اليرموك بمقتل العديد من المدنيين المحاصرين في مناطق سيطرة “داعش”.



كفريا والفوعة

في غضون ذلك، انتهت عملية إجلاء بلدتي كفريا والفوعة حيث نقل الجميع إلى مركز للإيواء في جبرين شرقي مدينة حلب في الشمال السوري، والمقدر عددهم بنحو 7000 شخص بين عسكري ومدني، وذلك بموجب اتفاق بين روسيا وتركيا نفذه على الأرض النظام و”هيئة تحرير الشام”، وقضى بترحيل الموجودين في البلدتين المحاصرتين منذ سنوات مقابل إطلاق سراح 1500 سجين لدى النظام.

وفي الوقت نفسه، عبر مئات المعتقلين في سجون النظام إلى مناطق سيطرة الفصائل، وسط جدل حول العدد النهائي المفرج عنه فعليا من جانب النظام والذي يفترض أن يكون 1500 شخص، بينما قال المشرف على عملية التفاوض في “تحرير الشام” عبد الله الحسن إن عدد المعتقلين المفرج عنهم من قبل قوات النظام بلغ 1250 شخص فقط.

كما ثار جدل في أوساط الناشطين والأهالي وعلى وسائل التواصل الاجتماعي بشأن نوعية المفرج عنهم، حيث أكد ناشطون وشهادات من بعض المفرج عنهم أن غالبيتهم هم حديثي الاعتقال ممن لم يمضوا سوى شهورا قليلة في الاعتقال، وتم تجاهل من يمكثون في سجون النظام منذ بداية الثورة السورية قبل سبع سنوات.

كما بادرت “هيئة تحرير الشام” إلى اعتقال نحو 20 معتقلا مفرجاً عنهم ضمن الدفعات التي وصلت إلى إدلب من محافظة درعا، حيث تعرف عليهم البعض بأنهم من “جيش العشائر” الذي سلم مناطقه لقوات النظام في ريف درعا الشرقي حيث تم اعتقالهم قبل أسبوعين فقط بهدف تسوية أوضاعهم، وجرى ضمهم لقائمة المعتقلين ونقلهم مع المفرج عنهم إلى إدلب.

أثار الاتفاق حول الفوعة وكفريا غضب السوريين نتيجة مخادعة النظام في بند الإفراج عن المعتقلين من سجونه

 

عودة النازحين

وبعد أن ضم النظام العديد من مناطق المعارضة إلى نطاق سيطرته، بمساعدة لصيقة من جانب روسيا، تسعى الأخيرة إلى مزيد من التمكين لهذا النظام، وإضفاء عليه قدر من الشرعية، عبر جهود واتصالات تجريها لتأمين عودة جزء من اللاجئين السوريين في الخارج، خاصة من دول الجوار التي تتقاطع  مصالحها مع هذا المسعى الذي باركته أيضا الولايات المتحدة كجزء من روزنامة الحل في سوريا التي طرحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعه الأخير في هلنسكي مع نظيره الأميركي دونالد ترامب.

وفي هذا السياق، جاء تصريح وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” بأن   ترامب وبوتين بحثا حل أزمة سوريا، و”كيفية إعادة اللاجئين السوريين الذين فروا من البلاد بسبب الحرب خلال قمتهما الاثنين الفائت، في هلسنكي”.

وقال رئيس المركز الوطني لإدارة شؤون الدفاع الروسي، الجنرال “ميخائيل ميزينتسيف” في مؤتمر صحفي: “ما يساعد على تحقيق التقدم في هذا الاتجاه، هو الاتفاقات التي توصل إليها الرئيسان الروسي والأمريكي خلال قمة هلسنكي، والتي شهدت تقديم مقترحات محددة إلى الجانب الأمريكي حول تنظيم عملية عودة اللاجئين إلى الأماكن التي كانوا يعيشون فيها قبل الحرب”، مشيرا إلى أن المقترحات تتضمن خاصة عودة اللاجئين من لبنان والأردن، وتشكيل مجموعة عمل مشتركة روسية – أمريكية – أردنية برعاية مركز عمان للمراقبة، وكذلك تشكيل مجموعة عمل مماثلة في لبنان.

وفي مسعى لإضفاء الشرعية على عمليات تدمير مناطق المعارضة وتهجير سكانها، رأى ميزينتسيف أنه بعد “تحرير الأراضي السورية من المسلحين انخفضت فيها أسعار الأغذية والمواد الطبية، وحصل السكان على خدمات الرعاية الصحية” معتبرا أن عودة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم “هي المهمة الأولية فيما يخص عودة الحياة السلمية وإعادة إعمار البلاد بأسرع ما يمكن”.

مراقبون: روسيا تعمل على إعادة تعويم نظام الأسد وشرعنته دوليا من خلال ملف إعادة النازحين واللاجئين إلى سوريا

 

محاولة تعويم النظام

ويرى مراقبون أن النقطة الأخيرة التي أشار إليها المسؤول الروسي هي مربط الفرس في الجهود الروسية الراهنة، أي سعي موسكو إلى بناء حشد دولي يحمل عبء إعادة إعمار البلاد بغية تجاوز الشرط الذي وضعته الولايات المتحدة والغرب إجمالا، وهو عدم المساهمة في أي جهد لإعادة الإعمار في سوريا طالما بقي نظام بشار الأسد.

وتأتي أهمية هذه المسألة من حقيقة أن روسيا ومعها إيران، المتأزمتين ماليا، غير قادرتين على النهوض بهذه المهمة، وهما يحتاجان إلى مساهمة الغرب، والدول العربية الخليجية، في هذا المسعى، وهو أمر متعذر إذا لم يتم إقناع الأميركيين بالأمر، وهو ما يبدو أن بوتين نجح فيه خلال لقائه الأخير مع ترامب في هلسنكي، باعتبار أن ذلك سيكون مساهمة أميركية إيجابية في جهود الحل السياسي في سوريا، وهو ما عكسته تصريحات مسؤولين أميركيين في الأيام الأخيرة، ومنها تصريح وزير الخارجية بومبيو المذكور أعلاه.

وفي وقت سابق قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية “ماريا زاخاروفا” إن “عودة اللاجئين طواعية “تتطلب إعادة إعمار مرافق البنية الاقتصادية والاجتماعية وخلق فرص عمل جديدة، إضافة إلى نزع الألغام، وهي مهام يصعب على الحكومة السورية تنفيذها لوحدها”.

وطالبت “زاخاروفا” المجتمع الدولي “برفع العقوبات الإقتصادية والمالية المفروضة على دمشق، باعتبارها تضر بالشعب السوري وتعيق عملية إعادة إعمار سورية الاقتصادي والاجتماعي “.

وفرض الاتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة مجموعة واسعة من العقوبات ضد النظام منذ بدء الثورة ضده طالت شخصيات سياسية وعسكرية ومسؤولين ووزراء ورجال أعمال ليصل عددهم في آذار الماضي إلى 261 شخص، في حين تم تجميد أصول 67 شركة تابعة للنظام.

وقد نجحت روسيا في ضم فرنسا إلى هذه الجهود، حيث أعلنت الأخيرة مشاركتها في “عملية إنسانية” مشتركة مع روسيا في سوريا لمساعدة سكان الغوطة الشرقية بريف دمشق.

وقال مسؤولون فرنسيون إن بلادهم أرسلت 50 طنا من المساعدات الطبية إلى الغوطة الشرقية التي يسيطر عليها النظام يوم الجمعة الماضي، بعد أن وافقت روسيا على تسهيل تسليمها.

وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي تسلم فيها دولة غربية مساعدات لمناطق تسيطر عليها قوات النظام.

ومن جهتها، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن استعدادها إجراء مباحثات مع نظام الأسد وروسيا بشأن خطتهما لإقامة مراكز للاجئين السوريين العائدين إلى سوريا فيما إذا كانت العودة “آمنة وطوعيّة”.

وكانت خارجية نظام الأسد قد دعت مطلع هذا الشهر المواطنين السوريين “الذين اضطرّتهم الحرب لمغادرة البلاد للعودة إلى وطنهم الأم بعد تحرير العدد الأكبر من المناطق التي كانت تحت سيطرة المسلحين”، بحسب تعبيرها.

كما ينسق الاردن مع روسيا لإمكانية بدء عودة جزء من النازحين الموجودين على أراضيه والذي يزيد عددهم عن 600 ألف شخص وفق المنظمات الدولية، وعن مليون ونصف المليون وفق الحكومة الأردنية. كما يستعد الاردن لإعادة افتتاح معبر نصيب مع سوريا بعد سيطرة النظام على المعبر في حملته الحالية على محافظة درعا.

 

شاهد أيضاً

أوسع هجوم على الوجود العسكري الإيراني في دير الزور

ضربت منتصف ليل الإثنين – الثلاثاء طائرات حربية مجهولة العديد من المواقع التابعة للمليشيات الإيرانية …

قتلى من النظام والمعارضة وقسد خلال اشتباكات في إدلب والبادية السورية

قُتل العديد من عناصر النظام السوري خلال مواجهات مع فصائل المعارضة شمال غربي سورية، وخلال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *