صدى الشام - رصد/
رأى الكاتب الأمريكي والمستشار في معهد واشنطن “دنيس روس” أن الولايات المتحدة الأمريكية أعادت الأخطاء ذاتها في سوريا مقتنعة بأنها ستحصل على في كل مرة على نتيجة مختلفة.
وقال في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” إن الولايات المتحدة وروسيا أصدرَتا بيانات توضح المبادئ التي سيتم من خلالها معالجة “الأزمة السورية”، وتخفيف آثارها الإنسانية المرعبة، لكن الروس يتنصلون من التزاماتهم، وفق ما ترجمه موقع عربي 21.
الخروق الروسية
وتطرق “روس” في مقاله إلى سلسلة من الخروقات التي مارسها الروس بعد التعهدات التي قطعوها، مشيرا إلى أنه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، توصل وزير الخارجية الأميريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف لمبادئ فيينا، التي دعت إلى وقف الأعمال العدوانية، ورفع الحصار عن المدن كلها، وعدم عرقلة وصول المواد الغذائية والأدوية والمواد الإنسانية الأخرى، وكتابة مسودة للدستور في ستة أشهر، وتحول سياسي يتم في غضون 18 شهرا، وجسدت هذه المبادئ في قرار مجلس الأمن الدولي 2254.
ونوه “روس” على أن نظام بشار الأسد خرق هذه المبادئ كلها، فلم يرفع حصارا، ولم يسمح بمرور المواد الإنسانية، ولم يفعل الروس بدورهم أي شيء، مع أنهم لاحقا التزموا مع الأسد بوقف إطلاق النار لمدة شهرين، وانهار في نيسان/ أبريل 2016، حيث استأنف الأسد هجماته ضد المدنيين، وبتركيز على المستشفيات، ومثل استخدامه الأسلحة الكيماوية، فإن الأسد ضرب المستشفيات ليظهر أنه قادر على التصرف دون أي قيود.
دنيس روس: لم تلتزم روسيا بالتعهدات التي قطعتها حول وقف الأعمال العدائية في سوريا ولم ترفع الحصار عن المدن وعرقلت إيصال المواد الإنسانية
ويرى “روس” أنه لم يكن أمام جون كيري سوى شجب هجمات الأسد، ومناشدة روسيا كي تتحمل المسؤولية التي نص عليها قرار كانون الأول/ ديسمبر 2015، وقال: “كلنا وقعنا على الاتفاق، ودعمنا قرار مجلس الأمن 2254، الذي يدعو إلى وقف عام للأعمال العدائية في أنحاء البلاد كلها”، وأضاف أنه “يدعو لإيصال المواد الغذائية إلى أنحاء سوريا كلها”.
ويعلق الكاتب قائلا إن “كلام كيري كان واضحا، لكن دون نتائج، ولهذا السبب كانت دعوات كيري عقيمة، ومع ذلك حاول في خريف عام 2016 التوصل لاتفاق حول مركز العمليات المشتركة، أملا في تخفيف العنف، وفتح المجال أمام العملية السياسية، ومرة أخرى أصيب بالإحباط، وقال إن (لديه شكا عميقا حول التزام الروس ونظام الأسد بتعهداتهم التي وافقوا عليها في جنيف)، ورد الروس بسياسة الأرض المحروقة في الهجوم على حلب، الذي سوّى نصف المدينة بالتراب، ما أدى إلى انهيار جهود كيري كلها”.
ويبين “روس” أن “ترامب حاول القيام بجهوده الخاصة مع الروس، وتوصل على هامش قمة مجموعة العشرين، التي عقدت في تموز/ يوليو 2017 في ألمانيا، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لوقف إطلاق النار في جنوب غرب سوريا، والتقى ترامب مرة أخرى مع بوتين في تشرين الثاني/ نوفمبر، في قمة التعاون الاقتصادي الباسيفكي الآسيوي، التي عقدت في فيتنام، حيث أصدرا بيانا مشتركا بشأن سوريا، وأكدا (أهمية مناطق خفض التوتر، كخطوة أولى لتخفيف العنف في سوريا، وفرض اتفاقيات وقف إطلاق النار، وتسهيل مرور المساعدات الإنسانية دون عقبات، وتهيئة الظروف للحل السياسي النهائي للنزاع)، بناء على قرار مجلس الأمن 2254”.
ويتساءل الكاتب قائلا: “كيف تصرف الروس بعد هذا؟ قاموا مع النظام والإيرانيين بعملية عسكرية، دمروا وأفرَغوا فيها ثلاث مناطق خفض توتر من سكانها، وبقيت الرابعة، التي اتفق عليها ترامب وبوتين، في جنوب غرب سوريا هادئة، حيث حررت الأسد ودفعته بدعم من الروس للهجوم على مناطق أخرى”.
دنيس روس: ترامب وأوباما سمحا لبوتين بأن يكون الحكم والوسيط في سوريا وكانا كلاهما قادرين على فرض تداعيات خطيرة تجاه روسيا
لا تداعيات ضد الروس
ويتابع “روس” أن “الأسد والروس عادوا إلى هذه المنطقة في 21 حزيران/ يونيو، وكان رد الخارجية الأمريكية هو بيان حذرت فيه نظام الأسد والروس من (التداعيات الخطيرة لهذه الانتهاكات)، وزاد الروس من عملية القصف، وخلقوا موجة جديدة من اللاجئين، حيث فر أكثر من 270 ألف شخص نحو الحدود الأردنية والإسرائيلية، فهل واجهت موسكو (التداعيات الخطيرة)؟ لا بل سيعقد ترامب قمة مع بوتين”.
ويعلق الكاتب قائلا إنه “لا أوباما أو ترامب كانا مستعدين لفرض تداعيات على الروس، فكلاهما كان يريد الخروج من سوريا، لا التورط فيها، وكلاهما سمح لبوتين لأن يكون الحكم/ الوسيط في الأحداث، والسؤال هو ما الذي يجب على ترامب أن يفعله عندما سوف يقابل بوتين في هلنسكي يوم 16 تموز/ يوليو”.
ونصح روس ترامب “بالتظاهر بالسعادة، وتوصيل هذه النقاط: سوف تبقي الولايات المتحدة على وجودها الصغير حتى هزيمة تنظيم داعش، وأنه دون احتواء الوجود الإيراني في سوريا فإن حربا واسعة بين الإسرائيليين والإيرانيين ستندلع، ولو حصلت فإن أمريكا ستقوم بتقديم دعم كامل لإسرائيل، ومن هنا فإن مصلحة بوتين هي وقف التوسع الإيراني والجماعات الوكيلة عنها في سوريا، وبالضّرورة منع التصعيد الإقليمي، وربما اقترح ترامب أن يقوم الروس بالتوسط في سلسلة من الخطوط الحمراء بين الإسرائيليين والإيرانيين في سوريا”.
ويختم الكاتب مقاله بالقول: “ربما طلب ترامب من بوتين أن يكون قناته للإيرانيين، فعلاوة على تقليل إمكانية الخطأ مع طهران، فإنها ستعطي بوتين نفوذا للتنسيق بين الأمريكيين وإيران، وبتخلي الولايات المتحدة عن سوريا للروس فإن التاريخ سيسجل أن الأمريكيين لن يحققوا الكثير من محاولاتهم”.