الرئيسية / سياسي / سياسة / حوارات / اللواء محمد حاج علي لـ”صدى الشام”: تشرذم الفصائل والمصالح الدولية وراء استسلام الجنوب

اللواء محمد حاج علي لـ”صدى الشام”: تشرذم الفصائل والمصالح الدولية وراء استسلام الجنوب

حاوره - مصطفى محمد/

أرجع اللواء المنشق عن قوات النظام “محمد حاج علي” نجاح روسيا في فرض اتفاق مصالحة “استسلامي” على فصائل الجنوب السوري إلى أمرين، الأول تشرذم المعارضة، والثاني إلى المصالح الدولية والإقليمية التي اتفقت على وجوب سيطرة النظام على الجنوب السوري، وعلى رأسها الأردن.

وأوضح أن الأردن ضغط على فصائل المعارضة للقبول بالشروط الروسية،  ورأى بالمقابل في حواره مع “صدى الشام”، أن الولايات المتحدة الأمريكية سلمت الملف العسكري السوري للروس منذ العام 2015، مشددا على أن الروس لا يستطيعون دخول سوريا دون ضوء أخضر أمريكي.

وفي ما يخص الشمال السوري، قال اللواء “حاج علي” إن “الوضع في الشمال السوري لن يبقى على حاله، وليس لأحد مصلحة في بقائه على ما هو عليه، حتى تركيا”.

وإلى نص الحوار الكامل:

رأينا تسارعاً في الأحداث بالجنوب، أي التوصل إلى اتفاق ثم الإسراع في تنفيذه، ما هو الدور الذي أدى إلى ذلك، وهل هناك ضغوط كبيرة تعرضت لها الفصائل أم كانت هناك ضمانات حقيقية؟
قد يكون هذا السؤال متأخر بعض الشيء، فما جرى جرى، ومن الأجدى بنا أن نسأل، ما الذي كان باستطاعتنا فعله حتى لا يحصل ما حصل في الجنوب.
عموما، على أرض الواقع هناك أكثر من خمسين فصيل في هذه المنطقة، وكل فصيل منهم يعمل لوحده دون قيادة ودون تخطيط وتنظيم، وهذا إجمالا يؤسس لحالة من الهزيمة، أمام جيش منظم ويتمتع بقدرات عسكرية هائلة، هذا من جانب.
ومن جانب آخر أيضا هناك ضغوط إقليمية ودولية على تلك الفصائل من أجل الاستسلام الذي حصل.
إذا المسألة مشتركة ما بين ضعف الوضع القائم حاليا، والإرادة الروسية التي وضعت الناس أمام خيارين، إما الموافقة على شروطها وإما تدمير هذه المنطقة، وكل ذلك تم بموافقة دولية وإقليمية، وعلى ما يبدو فإن هناك اتفاق بين الأمريكان والروس على هذه الخطوة، وبالطبع لا ننسى وجود إسرائيل، وكذلك الأردن.
إنّ شرذمة الفصائل وعدم تنظيمها وعدم وجود قيادة موحدة وعدم وجود قيادات عسكرية بمستوى استراتيجي، والاعتماد على مسألة الفزعات التي انتهت من العسكرة منذ بداية الحرب العالمية الأولى، وغيرها من الأمور الأخرى قادت إلى ما نحن عليه الآن.

في مقابل ذلك، أشيع هنا بأن الروس لدى مفاوضتهم فصائل المعارضة أكدوا أنهم لم يأتوا ليفاوضوا وإنما هم تولوا تنفيذ توافق دولي وإقليمي، أي أن ما جرى في درعا كان متفقا عليه في مباحثات أستانة، وأن غالبية وفود الفصائل التي حضرت كانت على علم بمخرجات أستانة التي تشير إلى “تغيير خرائط السيطرة” وفق تفاهمات دولية، ما مدى دقة ذلك؟ أم أن ذلك ليس إلا وسيلة من وسائل تطبيق استراتيجية الصدمة التي استخدمتها روسيا منذ تدخلها المباشر في العام 2015؟
نعم قلت أن هناك توافق أمريكي- روسي على هذه المسألة، والأردن كذلك لديه مصلحة بمعبر نصيب الحدودي الذي تعتبره شريانا حيويا يصب في اقتصادها، وكان لها المصلحة في ذلك، ولهذا ضغطت على الفصائل التي تحت عباءتها وهددت.
وعلى ذلك أنا متفق معك على أن الروس لم يفاوضوا وإنما هم تصرفوا بموجب اتفاق دولي، لكن لا يمكن لأي اتفاق دولي أن يمر من دون وجود بيئة تسمح بذلك وهي البيئة التي سمحت للروس بالتطاول والتقدم.
وما قصدته بالبيئة، مجموع من الفصائل بأعداد هائلة، غير منسجمة وغير منضبطة ولا تنسق مع بعضها، وبالتالي مصيرها محتوم.

محمد حاج علي: ماحدث في الجنوب تم بتوافق دولي والأردن ضغطت على الفصائل التي تحت عباءتها وهددتها


لكن على المقلب الآخر، يرى البعض أنه من البساطة التسليم بأن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي قد تنازلا تماما لروسيا، والمشهد السوري والدولي يدلل على وجود خلافات كبيرة ما بينهما؟

الولايات المتحدة سلمت الملف العسكري السوري منذ العام 2015، والروس لا يستطيعون دخول سوريا دون ضوء أخضر أمريكي، وكل ذلك جاء عبر اتفاق بين وزيري الخارجية الروسي لافروف والأمريكي جون كيري.
نعم، قد يكون هناك بعض الخلافات على مسائل معينة، لكن واشنطن أطلقت يد موسكو بشكل مطلق في سوريا، وهذا لا يحتاج إلى براهين أو أدلة. الكل يعلم أن كلا الجانبين ينسقان بشكل عالي، ولاحظ كيف تم تقسيم المجال الجوي السوري.

محمد حاج علي: واشنطن أطلقت يد موسكو عسكريا في سوريا وهناك تنسيق بين الطرفين لم يعد يخفى على أحد

رأينا كميات كبيرة من السلاح تم تسليمها من قبل الفصائل للنظام، برأيك لماذا لم تستخدم تلك الأسلحة مسبقاً في وجه النظام؟
كان ارتهان الفصائل لقرار غرفة الموك في الأردن الدور الأكبر في عدم استخدام تلك الأسلحة، هذا الارتهان هو المحرك الأساسي لقادة الفصائل، وهذا واضح للجميع. لكن لم تكن كل الفصائل محسوبة على الموك، غير أنها ضعيفة وهزيلة ولا تستطيع أن تفعل شيئا.

على ذكر غرفة الموك وواشنطن التي تديرها، ما هو الثمن أو المقابل التي حصلت عليه الأخيرة مقابل تخليها عن فصائل الجنوب؟، وهل من المحتمل أن يكون الثمن لجم روسيا لحزب الله والميليشيات الإيرانية عن الجنوب؟
بتقديري أن الولايات المتحدة باعت الفصائل منذ زمن وباعت معها الثورة السورية، ومن يعتقد أن أمريكا تريد بقاء الفصائل في الجنوب فأنا أراه شخصا ساذجا.
أمريكا لا تمانع في أن يبسط النظام نفوذه على كامل الأراضي السورية، حتى إسرائيل رحبت قبل حملة الجنوب بوجود جيش النظام على حدودها.
والسياسية الأمريكية مقرونة دائما بالإرادة الإسرائيلية، ولذلك من يعتقد أن أمريكا ستدافع عن الفصائل فهو لا يقرأ السياسة الدولية، ولا الواقع الإقليمي والدولي.
لنتحدث الآن بكل صراحة وشفافية، إن الولايات المتحدة بعد كل ما شاهدته من تشتت المعارضة في الشق السياسي والعسكري، ومن عدم احتمال توحيد كل هذه الفصائل، وافقت على أن يكون النظام هو المسيطر، لأن هذه الفصائل لا تستطيع أن تحكم سوريا، وأيضا الائتلاف لا يستطيع بحكم التشتت السياسي الحاصل فيه أن يحكم سوريا.
النظام اليوم هو الخيار المفضل لدى الولايات المتحدة وخاصة مع وجود المجاميع الإسلامية المتشددة.

محمد حاج علي: أمريكا لا تريد بقاء فصائل المعارضة في الجنوب وقد باعت المعارضة وباعت الثورة السورية منذ زمن

هناك بنود من الاتفاق غامضة ولم يعلن عنها، وكان هناك تسليم لمناطق كثيرة لم تذكر في الاتفاق وتم الحديث عن أن قوات النظام لن تدخل إلى تلك المناطق بل الشرطة الروسية، لكن عند التنفيذ رأينا عكس ذلك خاصة في نصيب والحدود، هل كان هناك نقاط لم يعلن عنها، ولماذا؟
بحسب ما أنا مطلع عليه فإن الاتفاق كان قائم على دخول وانتشار قوات النظام على الحدود الأردنية والمعبر، أما الحديث عن عدم دخول قوات النظام هو حديث روجت له بعض الأسماء من المعارضة حتى تبرر استسلامها.
كل ما يجري الآن من انتشار لقوات النظام هي نقاط متفق عليها، وكل من يقول عكس ذلك هو يكذب، قولا واحدا، إن معبر نصيب تحت سلطة النظام، وعلى ذلك لا بد من وجود قوات تحميه إلى جانب الحدود الأردنية، ما دام تم الاستسلام لذلك.

محمد حاج علي: اتفاق الجنوب نص على انتشار قوات النظام وليس القوات الروسية ومن يقول عكس ذلك يريد تبرير عملية الاستسلام

ما هو الدور الذي لعبه الأردن في عملية المفاوضات، هل صحيح أنه مارس ضغوطاً من ناحية وأعطى ضمانات لقيادات من أجل مغادرة درعا إلى الأردن؟
الأردن يخشى من تدفق اللاجئين إلى أراضيه، وهو سعى لمنع ذلك من خلال العمل على التوصل لاتفاق مع الجانب الروسي، وضغط على الفصائل للقبول بذلك، وأدخل قادة فصائل كانوا في أراضيه للضغط على بقية الفصائل الرافضة للشروط الروسية.
الأردن له مصلحة بفتح معبر نصيب الحدودي كذلك، وهذا مصلحة وطنية أردنية ولا نستطيع مناقشته، غير أن ما أقوله هنا إن قادة الفصائل الذين كانوا متواجدين لدى الأردن هم يتبعون بشكل مباشر له وأسماؤهم معروفة للجميع.

ما هو مصير مقاتلي “هيئة تحرير الشام” الذين كانوا ذريعة النظام لشن عمل عسكري ضد مناطق المعارضة في الجنوب؟
اليوم هناك مفاوضات جارية لنقل هؤلاء إلى إدلب، وباعتقادي هناك بعض المسائل التفصيلية المتعلقة بالأسرى، غير أن المتفق عليه من حيث المبدأ ترحيل هؤلاء إلى الشمال.
هناك حديث عن تشكيل لواء أو تشكيل عسكري من قبل روسيا بالجنوب من الفصائل، هل تعتقدون أنها بداية عملية دمج الفصائل بجيش النظام؟
نعم بكل تأكيد ولكن دمج فردي وليس جماعي، بمعنى آخر أنه من الممكن حاليا لمدة معينة أن يتم تكليف الفصائل بحفظ الأمن في مناطقهم تحت المظلة والإرادة الروسية، أو تحت قيادة الشرطة العسكرية الروسية.
النظام بحسب ما رشح من الاتفاق سيكون منتشرا في الثكنات ولن يكون له شأن في الإدارة المدنية، وهذا الأمر متفق عليه لمدة معينة تصل لنصف عام، ومقابل ذلك، فإن النظام غير مأمون الجانب وهو قادر على خرق كل تلك التفاهمات والمسائل على الأرض.

محمد حاج علي: باعتقادي ستكون هناك تسوية بتوافق تركي روسي في الشمال لكن الواقع على الأرض معقد كثيرا

قبل أن أترك لكم الحرية في التطرق لما تود الحديث عنه، نود أن نسأل عن قراءتك للقادم في الشمال السوري، سيما وأن أنباء وأحاديث غير رسمية يتم تداولها إعلاميا، تشير إلى احتمال انتقال التصعيد العسكري إلى هناك؟
شخصيا، أعتقد أن هناك اتفاق روسي تركي على ترويض “هيئة تحرير الشام”، بحيث يتم تدجين الهيئة وتفكيكها تمهيدا لعملية المصالحة التي ستقوم بها بقية الفصائل في ما بعد، أي إذا كانت هناك ضمانات روسية لتركيا فإن موضوع إدلب سيسوى بالتوافق مع أنقرة، والوضع القائم في الشمال لن يبقى بهذا الشكل، وليس لأحد مصلحة في أن يبقى كذلك، لا تركيا ولا روسيا ولا النظام، بتقديري ستتم عملية تسوية علما بأن الواقع معقد كثيرا على الأرض.

هل من كلمة أخيرة نختم بها حوارنا؟
للأسف إن ما وصلنا إليه من فشل عسكري هو موجود في تكوين الفصائل، قلنا سابقا بأن نتيجة تواجد أكثر من خمسمائة فصيل للمعارضة بدون قيادة واحدة وحتى هدف واحد سيحتم علينا الفشل. أحد أهم أهداف نجاح أي عمل عسكري هو وحدة القيادة، وهذا غير موجود، إن الإمكانيات التي تمتلكها المعارضة إمكانيات ضخمة وكبيرة جدا، لكنها تحتاج إلى تنظيم وقيادة وحسابات عسكرية لقدرات الخصم، ودون ذلك حظوظها معدومة.


 

 

شاهد أيضاً

أي مستقبل لـ”تحرير الشام” والتيار الجهادي في سورية؟

مع أفول تنظيم داعش بسقوط آخر معاقله في بلدة الباغوز، شرقي سورية، في مارس/آذار 2019، …

مآدب إفطار سورية سياسية

وجدت المعارضة السورية، بهيئاتها المختلفة، في شهر رمضان مناسبة جيّدة لجمع عدد من الصحافيين والكتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *