صدى الشام- عمار الحلبي/
يبدو ملف “لم الشمل” للسوريين في ألمانيا، قد أخذ نحو خطوات حكومية ألمانيا لحلّه بشكلٍ نهائي، وذلك بعد سنوات من معاناة اللاجئين السوريين هناك، مع الملف الذي أدّى لتفريق الأسرة الواحدة بين دولتين، وفي بعض الأحيان بين ثلاث دول.
وتكمن معاناة اللاجئين مع لم الشمل، في صعوبة الإجراءات التي أقرتها الحكومة الألمانية، والتي جعلت “لم شمل” الأسرة أمراً بالغ الصعوبة وفي بعض الأحيان شبه مستحيل.
خطوة ألمانّية نحو الحل
بينما اتخذت السلطات التركية خطواتٍ جديّة في ملف لم الشمل للسوريين، عبر تفعيل موقع إلكتروني لتقديم طلبات لم الشمل ثم دراستها والمضي فيها لاحقاً، بدأت السلطات الألمانية باتخاذ خطواتٍ مشابهة.
وتوصّل التحالف المسيحي المكون من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، بزعامة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إلى صيغة توافقية مع شريكه في الائتلاف الحكومي، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بخصوص الاختلاف حول تفاصيل اتفاق لم شمل اللاجئين من ذوي الحماية الثانوية.
وذكرت وسائل إعلام ألمانية، أنه من المقرر بحسب الاتفاق أن يُسمح باستقدام ألف فرد شهريا كحد أقصى بحلول آب/أغسطس المقبل، إلا أن هذا الإجراء كان يتطلب تعديلات في القانون الألماني، وهو الأمر الذي تطلب تفاوض أطراف الائتلاف.
وقالت إيفا هوغل، نائبة رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، يوم الأربعاء الفائت: “إنه في حال تعذر، لأسباب بيروقراطية، لم شمل 1000 من أقارب اللاجئين خلال كل شهر، كما هو متفق عليه في اتفاق الائتلاف الحاكم في ألمانيا، خلال الخمسة الأشهر الأولى، فإن عدد طلبات لم الشمل التي لم يتم البت فيها خلال هذه المدة، سيتم ترحيلها إلى الشهر المقبل للنظر فيها.
وأضافت هوغل، المسؤولة عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أن حزبها لن يسمح باستخدام “الحيل الإدارية” بهدف تقليص عدد طلبات لم الشمل الخاصة باللاجئين بشكل مصطنع، وبحسب هذه الصيغة التوافقية التي تم التوصل إليها، فإن المكتب الاتحادي للإدارة هو من سيفصل في مسألة من لهم الأسبقية من اللاجئين في لم شمل ذويهم.
الخطوة الأخيرة من السلطات الألمانية أعادت الأمل للاجئين السّوريين في إتمام عمليّة لم الشّمل.
الخارجية مسؤولة عن التأشيرات
وبحسب تلفزيون “DW” فإن منح التأشيرة لمن قُبلت طلبات التحاقهم بعائلاتهم، سيبقى في يد وزارة الخارجية، كما كان عليه الحال من قبل.
وكان الحزب الاشتراكي الديمقراطي قد اقترح أن يكون قرار الموافقة على طلب لم الشمل من عدمه في يد المكتب الاتحادي للهجرة واللجوء.
وأضاف التلفزيون، أنه لم يكن متوقعاً، أن يتوصل أطراف الائتلاف الحاكم في ألمانيا في هذا الوقت إلى حل خلافاتهم بشأن منح حق لم الشمل للاجئين الذين يتمتعون بحماية ثانوية، خاصة وأن حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي، يطمح إلى الحصول على أغلبية المقاعد ومنع الحزب اليميني الشعبوي “البديل من أجل ألمانيا” من تحقيق مكاسب كبيرة في الانتخابات الإقليمية التي ستشهدها ولاية بافاريا في الخريف المقبل، وهذه الولاية هي معقل الاتحاد المسيحي الاجتماعي البافاري.
ماذا قال اللاجئون؟
وصل اللاجئ السوري مروان إلى مدينة دورتموند الألمانية في عام ٢٠١٥، هارباً من محافظة درعا جنوب سوريا، ولم يتمكّن حتّى اليوم من لم شمل بقية أفراد عائلته.
يشعر مروان بالندم من خطوة قدومه منفرداً ويقول لـ “صدى الشام”: “لازالت زوجتي وابنتي الوحيدة يعيشون في سوريا، موضحاً أنّه حاول استخدام كل الطرق القانونية وغير القانونية من أجل إيصال عائلته إلى ألمانيا دون جدوى.
ويأمل مروان بأن يكون هذا الإجراء الجديد الذي توصّلت إليه الحكومة الألمانية، كفيلاً بإيصال عائلته إليه قائلاً: “لا يمكنني الاستمرار أكثر من ذلك دون عائلتي”.
أما محمد حميدي، وهو لاجئ سوري يعيش في ألمانيا منذ عام ٢٠١٤، فأوضح لـ “صدى الشام” أنه حاول عدّة مرات العودة إلى تركيا ولكن ما جعله يتراجع عن الخطوة هو عدم قدرة عائلته على الوصول إليها ليجتمعوا هناك.
يعاني اللاجئون من صعوبات كبيرة في العيش بعيدا عن عائلاتهم المشرّدة في داخل سوريا ودول الجوار.
هجرة عكسّية
بثَّ تقرير إعلامي مشترك، نشره البرنامج السياسي “بانوراما” على محطة “اي ار دي” تضمّن بحثاً لراديو تابع لمجموعة “فونكه” الإعلامية تناقلته صحف ألمانية عدة. وكشف التقرير استعانة اللاجئين بمهربين دفعوا لهم مبالغ مالية للوصول مجدداً إلى تركيا.
وقال البرنامج: “على الرغم من حصول اللاجئين على حق اللجوء وإقامات صالحة في ألمانيا فإنّ بعض السوريين يهربون من البلاد، متخذين نفس المسارات المحفوفة بالمخاطر التي وصلوا نحو تركيا التي لا تمنحهم تأشيرات دخول.
وأرجع البرنامج السبب في هذه الخطوة، إلى العقبات المتزايدة باستمرار في حصول اللاجئين الحائزين على الإقامة الثانوية على حق لمّ شمل عائلاتهم.
ورافق التقرير، العديد من السوريين، وهم في طريقهم إلى تركيا، وقابلوا مهربين أوضحوا بدورهم أنّ هناك هجرة عكسية محدودة من ألمانيا إلى تركيا، إذ ينقل يومياً نحو 50 شخصاً. ولفت التقرير إلى أنّ هناك شبكات عبر وسائل التواصل الاجتماعي يجري فيها ذكر معلومات حول المهربين والأسعار، إذ يكلف عبور نهر ايفروس الذي يفصل اليونان عن تركيا نحو 200 يورو.
وفي تقرير آخر نشرته صحيفة “دي تسايت” يتبين أنّ السوريين يسلكون عبر طريق العودة في الغابات الضيقة في الظلام الدامس للوصول إلى ضفاف نهر ضيق، ويجري وضعهم ضمن مجموعات في زوارق صغيرة لإعادتهم إلى تركيا.
وقال أحد المغادرين: “إنّه يشعر بالسعادة لأنّه وصل إلى ألمانيا وتم قبول عمله أخيراً في صالون للحلاقة، وهو على علم بأنّ أيّ مساعدات لن تقدم له في تركيا، لكنّه مع ذلك، أكد أنّه لن يتمكن من العيش من دون زوجته في ألمانيا، وشرح كيف التزم بكلّ ما هو مطلوب منه وجهز الوثائق بشكل صحيح، لكنّ زوجته لم تحصل على موعد في السفارة الألمانية بالرغم من العديد من المحاولات.