صدى الشام - يزن شهداوي/
الشبيح “طلال الدقاق” اسم باتت تعرفه محافظة حماة كما تعرف سوريا اسم بشار الأسد، قاتل محترف القتل ولص من أعلى المستويات، تدرج في مناصبه ضمن ميليشيات “الدفاع الوطني” ليصبح أحد أذرع “سهيل الحسن” أبرز القادة المجرمين لدى نظام الأسد.
طلال الدقاق وفقا لما أكدته العديد من المصادر المحلية بات المالك الأكبر للاقتصاد في مدينة حماة فاليوم يملك ثلثي محطات الوقود في المدينة ومحيطها، فضلا عن معارض السيارات والمطاعم.
يقول أحد المواطنين من حماة مفضلا عدم ذكر اسمه لدواع أمنية إن الدقاق حصل على مبلغ 20 مليون ليرة سورية دفعة واحدا “ذهبا” وليس أوراقا مالية مقابل الإفراج عن ابن عمه الذي خطف خلال عودته من دمشق إلى حماة من قبل العناصر التابعين للدقاق وتمت عملية الإفراج عن طريق الاتصال بضباط فرع المخابرات الجوية الذي يعمل الدقاق أيضا تحت رايتهم.
تلك الحالة واحدة من مئات الحالات التي تمكن من خلالها الدقاق وضباط المخابرات الجوية من جني الملايين ذهبا وعملا صعبة، فضلا عن الدخول في شراكات مع تجار حماة وأصحاب المطاعم والمتاجر الكبيرة، تلك الشراكة وقعت عنوة، بينما يدفع التجار الصغار إتاوات مقابل عدم اعتقالهم وتسكير محلاتهم.
حصل الشبيح طلال الدقاق على رتبة نقيب شرف من سهيل الحسن تقديرا لجرائمه التي ارتكبها بحق الأهالي في مدينة حماة وريفها.
“ياسين المحمد” ناشط ميداني في مدينة حماة يشير لـ”صدى الشام” في حديثه إلى أن معظم رؤوس الأموال في حماة باتت بيد شبيحة النظام وخاصة التابعين للمخابرات الجوية والأمن العسكري، وذلك بعد سبع سنوات كاملة من السرقة والنهب والخطف والقتل.
وأضاف أهالي وتجار المدينة لا يتحدثون كثيرا في هذا الأمر خوفا على حياتهم ولم يعد بإمكان أحدهم مغادرة البلاد، فصمتوا على جراحهم، اليوم بات الشبيحة هم المالك الأبرز في أسواق حماة سواء من حيث الأموال والمشاريع الاستثمارية والتي كانت خفية أما اليوم فقد بدأت بالوضوح أكثر ما يقارب 80% من كبار المطاعم في حماة هي لرؤساء مجموعات الشبيحة من فرع المخابرات الجوية والأمن العسكري، كذلك كبار الماركات من الألبسة الرجالية والنسائية، علاوةً عن مشاريع الإستثمار العمراني من أبنية فخمة وفيلات داخل المدينة هم من يمتلكونها على رأسهم “طلال الدقاق”.
المال للسلطة
يقول “أبو محمد” اسم مستعار لتاجر في أحد أزقة حماة لـ”صدى الشام” إنه مضطر لدفع مبلغ مالي كل شهر مقابل عدم إغلاق محله، مضيفا: “ليس بإمكان اي تاجر في حماة أو غيرها إقامة أي مشروع تجاري ولو على صعيد صغير كمحل تجاري بسيط إلا أن يكون ضمن شراكة مع فلان أو آخر من أحد الأفرع الأمنية، وإلا فأنه سيتعرض بشكل يومي إلى جميع الدوريات الأمنية والجمارك والمالية والضرائب الباهظة كما حصل منذ شهور في الكثير من الأحياء والتي كانت هذه الدوريات وسيلة غير مباشرة لإجبار جميع التجار على مشاركة شبيحة النظام في تجارتهم لحمايتهم، وبذلك أصبح شبيحة الأفرع الأمنية التابعين بالأصل والعاملين لصالح كبار الضباط ورؤوساء الأفرع الأمنية في حماة يمتلكون نصف إقتصاد حماة إثر عمليات الإحتكار المتنوعة وفي جميع مجالات الحياة.”
وقال عامر وهو شاب ثلاثيني من مدينة حماة لـ”صدى الشام” إن عمليات الخطف لأولاد الأغنياء وأهالي مدينة حماة درّت مئات الملايين على جميع المجموعات العاملة تحت كنف المخابرات، كمجموعة “طلال الدقاق” ومجموعات “الدرويش” ومجموعات أخرى كمجوعات المدعو “أبو حسن” التابعة للجوية، ومجموعات المعروفة بـ”الشيخ” التابعة للأمن العسكري التي تعمل على إدارة عمليات الخطف وسرقة السيارات ومحال الذهب دون رادع، وبتنسيق عالي فيما بينهم، حيث أنهم ينسقون عمليات الخطف إلى خارج مدينة حماة عن طريق حواجزهم التابعة لهم والتي توصل إلى ريف حماة الغربي المقر الرئيسي لهم.
هذه العمليات علاوةً عن عمليات التعفيش التي كانوا يقومون بها عقب كل عملية ناجحة للنظام في السيطرة على منطقة كانت تدر عليهم أيضاً عشرات الملايين، ليتحولوا من مجرد رؤساء مجموعات لا تتجاوز رواتبهم الشهرية من النظام المئة ألف ليرة سورية إلى أثرى أثرياء سوريا، وليصبح لديهم المعامل والمصانع والسيارات الفخمة التي يتجاوز سعرها الخمسون والستون مليون ليرة سورية.
ويلاحظ أهالي مدينة حماة انتشار السيارات غالية الثمن والتي لم تكن تشاهد قبل الثورة منتشرة وبشكل كبير في شوارع مدينة حماة وجميعها يتبع لتلك المجموعات وأبنائهم، كسيّارات البورش واللمبرغيني والبي إم دبليو حديثة الصنع والأودي وغيرها الكثير.
عمليات الخطف وطلب الفدية وعمليات التعفيش وفرض الضرائب على المواطنين تدر سيلا من المال على شبيحة النظام وضباط الفروع الأمنية
تبييض المال
ويتحدث نضال الشاب الجامعي في حماة مع “صدى الشام” عن تلك المجموعات ورؤسائها الذين بدأوا بعمليات تبييض الأموال، فبدأوا بإنشاء مصانع الأدوية ومعامل الحديد والمحال التجارية الكبيرة والمولات التجارية وكبرى الماركات في حماة وغيرها ووضعو أموالهم فيها وذلك من أجل ضمان عدم أخذها منهم من قبل مسؤوليهم أولاً، وثانياً من أجل عدم إيقاف هذا المال عند هذا الحد بل السعي خلف زيادة رؤوس أموالهم علماً أنهم باتوا يملكون المليارات، فـ”طلال الدقاق” أحد مترأسي مجموعات الجوية في حماة بات يملك ثلث كازيات مدينة حماة وأكثر من كبار المطاعم بالإضافة إلى معمل أدوية كبير جداً على مستوى البلاد ومعرض سيارات علاوةً عن عشرات السيارات التي يتجاوز سعر الواحدة منها ثلاثون مليون ليرة سورية.
ويشير نضال إلى أن هؤلاء لن يستطع النظام فيما بعد كبح سلطتهم ونفوذهم وذلك لأنهم أصبحوا من أساس الإقتصاد السوري لديه، وعمليات التصفية التي كان يأمل المدنيون أن يقوم النظام بها تجاه هؤلاء، لم يعد بإمكانه أن يقوم بها إثر إمتلاكهم لهذا الكم الهائل من الأموال والذي قد يؤثر سلباً على الإقتصاد السوري بأكمله، ونفوذهم سيأخذ بالتوسع شيئاً فشيئاً مع زيادة استثماراتهم وأملاكهم مع زيادة تدوير أموالهم في تلك المشاريع التي يعملون بها.