الرئيسية / تحقيقات / مجزرة الكيماوي: روسيا تكذب في لاهاي وتحتجز “الشهود” في دمشق
الطفل حسن دياب - انترنت
الطفل حسن دياب - انترنت

مجزرة الكيماوي: روسيا تكذب في لاهاي وتحتجز “الشهود” في دمشق

فريق صدى الشام/

وفق ما جرت العادة في أروقة المجتمع الدولي خفت الصوت المنادي بعقاب المجرم بشار الأسد بعد الضربات الوهمية التي نفذها تحالف دونالد ترامب الثلاثي ضد “بشار الكيماوي”، والتي زُعم أنها أنهت قدرات النظام على استخدام السلاح الكيماوي وانتاجه، فيما يقوم المجرم بزيارة راعيته روسيا ويتحدث عن حل سياسي ودستور وانتخابات.

مصادر مقربة من لجنة التحقيق التابعة لـ”منظمة حظر الأسلحة الكيميائية” في الأمم المتحدة أكدت لـ”صدى الشام” قيام روسيا بتجاوزات، اعتبرها المجتمع الدولي بروباغاندا إعلامية.

ونقلت روسيا مجموعة من الأطباء والأهالي على أنهم “شهود” على الهجوم الكيماوي الذي تنفيه روسيا بعد اتهام المعارضة بتنفيذه، وكانت عملية النقل دون طلب من المنظمة أو المحكمة الدولية لاستدعاء هؤلاء الشهود.

 

تجاوز المحكمة

وأكدت المصادر أن وصول الشهود إلى مقر “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية” في لاهاي لم يكن بطلب من قبل المنظمة أو محكمة الجنايات الدولية، بل تم عن طريق دبلوماسيين روس نسقوا وصول “الشهود” إلى صالة في مبنى المنظمة وكان المؤتمر الذي عقد مؤتمر غير رسمي وغير معترف به.

وأشارت المصادر إلى أن المحكمة لم تستدعي أي أحد من هؤلاء الشهود الذين ساقتهم روسيا إلى لاهاي وهو يعتبر تجاوزا للمحكمة، ولو كان الأمر غير ذلك لتم استدعاء الشهود السريين من الطرف الآخر، وتقوم المنظمة حاليا بالتحقيق والاستقصاء وجمع المعلومات عن هؤلاء الشهود، كما تقود بجمع المعلومات عن حادثة الكيماوي الأخيرة في دوما.

وكان نظام الأسد قد هاجم دوما بأسلحة كيماوية في السابع من نيسان الماضي قبل إتمام عمليات التهجير من الغوطة الشرقية إلى الشمال السوري، وأسفر الهجوم عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين جلهم أطفال وفق تقارير.

وأشارت المصادر إلى أن تلك البروباغاندا لم يقم بنقلها من لاهاي سوى القنوات الروسية، ومن خلال متابعة تلك الشهادات نرى أنها مجرد كلام يحمل الكم الكثير من التناقض، خاصة كلام الطفل الذي أظهره النظام على أن لم يصب وتحدث أن الهلال الأحمر من قام بنقله، في وقت كان يريد فيه النظام أن يقول أن “الدفاع المدني” أو “الخوذ البيضاء” هي من فعلت ذلك، والارتباك واضح على وجه الطفل.

وكان النظام ورسيا قد عرضوا طفلا يدعى حسن دياب البالغ من العمر 11 عامًا على أنه من الغوطة، وزعم الطفل أنه نقل إلى المستشفى عن طريق الهلال الأحمر، وقال إنهم بدؤوا بصب الماء عليه في المستشفى دون أن يعرف السبب.

وبينما حاول مندوب روسيا لدى “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية” ألكسندر شولغين اتهام “الخوذ البيضاء” بفعل تمثيلية ونفي الهجوم الكيمياوي كان من اللافت قول الطفل أن الهلال الأحمر هو من قام بإسعافه ورش الماء فوقه، في وقت ظهر فيه من يدعى “أحمد الساعور” وعرف عن نفسه أنه لوجستي إسعاف لدى الهلال الأحمر والذي نفى بدوره وقوع الهجوم وقال إن من وصلوا إلى مركزه هم مصابون بشظايا وجروح.

ذلك التناقض بين شهادة الطفل وشهادة المسعف يثبت زيف حديث شولغين خلال المسرحية أنه بوسع روسيا بعد ذلك العرض الهزيل أن نثبت أن شريط الفيديو التابع لـ “الخوذ البيضاء” عبارة عن تمثيلية، ونفي وقوع الهجوم بالأصل.

ولم يقدم الشهود أي دلائل ملموسة على شهاداتهم المتناقضة التي تحدثت بعضها عن وجود مصابين بينما نفى بعضهم وجود مصابين أو هجوم، وفيما يقول النظام وروسيا أنهم وجدوا مخازن أسلحة كيماوية تابعة لـ”المعارضة السورية” تارة، ويوجهون تهمة الهجوم للمعارضة، في حين جلبوا كل الشهود لنفي الهجوم من أصله، وهو ما يشير بشكل واضح وجلي إلى الكذب الروسي، من خلال ذلك التناقض الغريب.

وقامت روسيا بتوجيه عدة رسائل إلى “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية” بوجود نية لدى المعارضة لتنفيذ هجوم كيماوي في الغوطة الشرقية، ثم أتت لاتهام المعارضة بالهجوم الذي وقع، ثم تأتي أخيرا لنفي وقوع الهجوم بعد قيام النظام به، وبعد مسح كافة الدلائل على الهجوم.

وجاءت تلك الدعاية الروسية عبر تهديد الشهود تارة وإغرائهم تارة أخرى وفق المصادر حيث قام النظام والشرطة الروسية في الغوطة بحجزهم ومنعهم من اللقاء بلجنة التفتيش التابعة لـ”منظمة حظر الأسلحة الكيميائية”.

وأضافت المصادر أن الأطباء تحديدا تم حجزهم وإخراجهم مباشرة من الغوطة، كما تم إخفاء الشهود الآخرين، ونقل كافة المصابين إلى مناطق أخرى، بعد تشويه الدلائل وتنظيف مكان الهجوم، وإخفاء جثث المصابين.

وأوضحت المصادر أن هناك مصابين رفضوا أن يدلوا بشهاداتهم لصالح النظام كما رفضوا الحديث مع لجنة التفتيش، وقام النظام بإخفائهم لاحقا لمنعهم من التواصل مع الجهات التي تعمل لصالح المنظمة بشكل سري.

قامت روسيا بنقل الشهود إلى مقر “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية” دون طلب من المنظمة أو محكمة الجنايات الدولية.

 

الإقامة الجبرية

يقيم الشهود في مناطق متفرقة ومعزولة عن بعضها البعض في مدينة دمشق ويحظر عليهم التواصل مع أحد أو الخروج والعودة إلى الغوطة الشرقية وفق ما أكدته المصادر المطلعة على التحقيقات التي تقوم بها “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية”.

ويقيم كل شاهد من الشهود إقامة جبرية في منزل بنفسه دون عائلته التي تقيم في مكان آخر أيضا تحت الإقامة الجبرية في دمشق، وتكون الإقامة تحت رقابة الأمن المشددة مع منع مغادرة المنزل لأي ظرف كان دون مرافقة أمنية، وحتى إن كانت المسافة على بعد أمتار من مكان الإقامة.

ومنع الشهود من طلب وجبات الطعام أو أي شيء من الخارج، وتصلهم وجبات الطعام إلى المنزل عن طريق رجال الأمن، ومنعوا حتى من الخروج إلى نوافذ المنزل في بعض الأوقات، وبعضها كان تحت الرقابة عند السماح بها.

وأشارت المصادر إلى أن الحظر كان أكثر شدة على الشهود الأطباء من غيرهم، وخاصة من ظهروا في البروباغندا الإعلامية ف لاهاي، وهم ممنوعون من الاتصال عن طريق الانترنت أو الهاتف بأي شخص كان دون وجود الأمن الروسي وأمن النظام.

وتحدثت المصادر عن معلومات يجري التأكد من صحتها حول إعطاء الشهود مبالغ مالية وتصويرهم خلال العملية لابتزازهم لاحقا في حال فكروا بتغيير أقوالهم، ولكن لم يتسنى التأكد بدقة من تلك المعلومة بعد.

وأكدت المصادر أن أمن النظام وضع كاميرات مراقبة في كافة أنحاء المنزل الذي يقيم فيه الضيف، ويراقب ساعات نومه واستيقاظه، في طريقة لا تخلو من الابتزاز، كما قام باحتجاز أطباء لم يظهروا في البروباغاندا ومنهم أطباء من بلدات لم تتعرض للهجمات الكيميائية.

وعمد النظام إلى فصل الشهود عن ذويهم كي لا يفكروا في الهرب أو التواصل مع الخارج والإدلاء بمعلومات تكون في غير صالح النظام وحلفه، وبالتالي يخاف الشاهد على أهله من أي حركة غير محسوبة.

ولا تستبعد المصادر إقدام النظام وروسيا على تصفية الشهود في حال تم طلبهم بشكل رسمي إلى محكمة الجنايات الدولية، ووضعهم تحت تصرف المحكمة بقرار من مجلس الأمن الدولي.

تضع روسيا الشهود تحت إقامة جبرية في مدينة دمشق وتمنعهم من التواصل عن طريق الهاتف أو الانترنت.

النظام وراء الهجوم

وأكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير سابق  لها تحت عنوان “أدلة وتحقيقات إضافية”، مقتل ما لا يقل عن 41 مدنيا في الهجوم بأسلحة كيماوية على مدينة دوما، في الغوطة الشرقية، في إبريل/ نيسان الماضي، وبيّن التقرير أن الهجوم كان مزدوجا وتسبب الأول في إصابة 15 شخصاً بأعراض اختناق، في حين تسبب الهجوم الثاني في مقتل 41 مدنياً خنقاً، بينهم 12 طفلاً، و15 سيدة، وإصابة قرابة 550 شخصاً.

وأشار التقرير إلى أن هجومي دوما وقعا بعد 72 ساعة فقط من اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي لمناقشة وضع الذخائر الكيماوية ومراقبة تنفيذ القرار رقم 2118، كما أنهما صادفا الذكرى السنوية الأولى للضربة العسكرية الأميركية على مطار الشعيرات وهو القاعدة العسكرية التي انطلقت منها طائرات النظام، التي نفذت هجوم خان شيخون الكيميائي في إبريل/ نيسان 2017، وهي بحسب التقرير رسالة تحد جديدة من قبل النظام للمجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي.

ورصدَ التقرير مساهمة قوات النظام والقوات الروسية في عرقلة وتشويه عملية التحقيق، من خلال دخول القوات الروسية إلى موقع الهجوم والتلاعب بالمحتويات ومن ثم استخدام روسيا حق النقض لمنع تشكيل آلية تحقيق أممية تكشف المسؤول عن الهجوم، مشيرا إلى وجود توجه روسي لضرب عمل بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وتعقيده قبل دخولها، عبر إلحاح القوات الروسية على طلب الخروج الفوري من الأهالي، ثم دخولها إلى المدينة واحتجاز من تبقى من الأطباء والممرضين الذين عالجوا المصابين، أو شاهدوا الضربة الكيميائية، وابتزازهم، وتهديدهم.

ونشر التقرير مجموعة من الصور لمكان سقوط البرميل المتفجر في مدينة دوما بالقرب من الموقع المستهدف حيث وجدت أسطوانة يزعم أنها محملة بمادة غاز الكلور السام، حيث زارت الشرطة الروسية البناء ذاته لاحقا.

وقارن التقرير بين شكل الأسطوانة ولونها مع صورة سابقة لعناصر من بعثة “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية” التي زارت مواقع للنظام في تشرين الأول عام 2013، وذلك التطابق الكبير بين الاسطوانتين يشير إلى أن النظام ما زال يمتلك أسلحة كيماوية، وترجح وقوفه خلف ذلك الهجوم.

وقدم التقرير العديد من التحليلات لطبيعة الأسلحة المستخدمة في الهجوم على دوما نقلا عن مجموعة من المدونات، وأكد على أن وزارة الخارجية الأمريكية صرحت بأن النظام وروسيا عرقلوا وصول لجنة التفتيش التابعة لـ”منظمة حظر الأسلحة الكيميائية”.

وعرض التقرير صورا لأطفال مصابين والزبد يخرج من أفواههم قال إنهم أصيبوا في الهجوم الكيميائي على دوما، كما نقل التقرير العديد من شهادات الناشطين الذين كانوا متواجدين في دوما أثناء الهجوم، وأكد بعضهم وقوع ثلاث هجمات خلال ذلك اليوم.

الهجوم الكيماوي على دوما أسفر عن مقتل 41 شخصا وإصابة 550 شخصا من بينهم عشرات الأطفال والنساء والشيوخ.

دوما اليوم

تواصلت صدى الشام مع أهالي في الغوطة الشرقية وتحدثوا عن قيام نظام الأسد بإخفاء جزء كبير من الدمار عبر إزالته، ومازال يمنع الدخول والخروج إلى الغوطة إلا بشروط معقدة، كما يمنع الوصول إلى مكان الهجوم الكيميائي.

وقال “محمد” من دوما إن النظام والشرطة الروسية طوقوا مكان الهجوم الكيماوي بالشرطة ويمنعون أي شخص من الاقتراب، ولايوجد أي شخص ممن تعرضوا للإصابة في المدينة، كلهم نقلوا إلى أماكن أخرى.

ويضيف أن الدخول إلى المدينة ممنوع إلا لمن له وثيقة تثبت وجود عقار له في المنطقة، كذلك ممنوع التنقل بين البلدات داخل الغوطة وتحديدا إلى عين ترما أو حي جوبر شرق دمشق.

وعلى من يريد الدخول إلى دوما إثبات وجود قريب له في المنطقة وتقديم تقرير مفصل عن سبب الدخول للشرطة العسكرية الروسية وشرطة النظام وانتظار الرد.

أما الخروج من الغوطة ممنوع مع وجود استثناء لمن يريد عمل تسوية من الشباب والالتحاق بميليشيات النظام، والطلاب ولمن يريد العلاج والموظفين، لكن “محمد” أكد أن لا أحد يطلب الخروج إلا فيما ندر وذلك خوفا من الاعتقال والسوق إلى العسكرية.

وأضاف أن أهالي المدينة يتناقلون حديثا عن وجود فرق روسية تقوم بتفحص الأنفاق وتصوريها لإنشاء بروباغندا تشوه الحقائق حول الهجوم الكيميائي الذي وقع في دوما.

من جانبه أشار “سالم” من مواطني المدينة إلى محاولة النظام إظهار الحياة الطبيعة في المدينة عبر إزالة الأنقاض لمسح دلائل الحرب، كما أنه سمح للعديد من التجار بفتح المتاجر وإدخال وإخراج البضائع من وإلى دوما، مشيرا إلى أن النظام يحضر لجني محصول القمح المزروع في المناطق المحيطة بمدن وبلدات الغوطة.

شاهد أيضاً

أوراق باندورا: جزر العذراء البريطانية مخبأ شركات “ممول للنظام السوري”

في 23 كانون الثاني/ يناير 2017، بينما تحتشد الجهود للوصول لتسوية بين طرفي النزاع السوري …

قتل وتعذيب واغتصاب.. ما تفاصيل محاكمة أنور رسلان؟ وماذا قال ضحاياه؟

يُعد الحكم الذي أصدرته محكمة ألمانية بالسجن مدى الحياة على الضابط السابق في الاستخبارات السورية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *