البحث عن عالقين بعد غارة جوية على إدلب- عامر السيد علي
القتلُ والتّهجير.. نظام الأسد يواصل إجرامه بحق السّوريين
مايو 8, 2018
عدنان علي/
واصل نظام الأسد عمليات التهجير في جنوب دمشق لتمتد الى ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي بينما لا ينقطع القصف عن محافظتي إدلب ودرعا اللتان يعتقد على نطاق واسع انهما ستكونان الهدف التالي لحلف النظام وروسيا وإيران الذي يعمل جاهدا على انتزاع السيطرة على كل المناطق المتبقية بيد المعارضة، بل بات لعابه يسيل لما هو موجود بيد الميليشيات الكردية شرقي البلاد التي حاولت قوات النظام التحرش بها وانتزعت منها بالفعل بعض القرى قبل أن تتمكن من استعادتها بمساعدة جوية من التحالف الدولي ضد “داعش”.
حافلات التهجير توالت من البلدات الثلاث في جنوب دمشق ببيلا ويلدا وبيت سحم نحو الشمال السوري، حيث يقدر أن أكثر من 15 ألف شخص شملهم التهجير من بلدات جنوب دمشق ما بين عسكريين ومدنيين خرجوا على خمس دفعات ليستقرّوا في محافظة إدلب وريف حلب على غرار القوافل الاخرى التي سبقتهم من منطقة القلمون وغيرها من المناطق.
وبالتوازي تواصلت المعارك في مخيم اليرموك والحجر الأسود بين قوات النظام وميليشياتها من جهة وتنظيم “داعش” الذي بات عناصره محصورين في جيوب صغيرة بعد أن نجحت قوات النظام في فصل اليرموك عن الحجر الأسود، والسيطرة على القسم الجنوبي من الحجر الذي كان يعتبر المعقل الرئيسي للتنظيم في المنطقة.
وتشن طائرات النظام غارات جديدة كل يوم على المنطقتين وسط قصف مدفعي وصاروخي عنيف دمر ما تبقى من منازل فيهما، حيث قدر ناشطون بأن نسبة التدمير فيهما زادت عن 55 بالمائة، كما سقط المزيد من الضحايا بين من تبقى من المدنيين في المنطقة والذي يقدر عددهم ببضعة آلاف في اليرموك والحجر، حيث تشير مصادر الى أن العديد من القتلى والجرحى، بينهم نساء وأطفال، سقطوا نتيجة القصف العشوائي لقوات النظام والذي طال أقبية كان يختبئ فيها المدنيون في اليرموك والحجر الأسود.
تسبّب القصف الجوي العنيف من قوّات نظام الأسد على حي مخيّم اليرموك وحي الحجر الأسود بمقتل وجرح عشرات المدنيين
وذكرت مواقع موالية أن قوات النظام مع ميليشيا “لواء القدس” وصلت إلى حي العروبة ومشارف حي التقدم بينما وصلت الفصائل الفلسطينية التي تحاصر المخيم من الشمال الى مجمع الأمان الطبي في شارع ال١٥، حيث تتواصل الاشتباكات عند ساحة الطربوش وسوق الثلاثاء القريب من دوار فلسطين.
وكان النظام أعلن أنه سيطر بشكل كامل على الجزء الجنوبي من حي الحجر الأسود، بعد معارك مع تنظيم داعش، وأنه يواصل تقدمه على عدة محاور في القسم الشمالي من الحي، بينما أعلن تنظيم “داعش” أنه كبد النظام والميليشيات التي تقاتل معه خسائر فادحة على جبهات حي مخيم اليرموك وحي التضامن والحجر الأسود مشيرا إلى أنه قتل نحو 180 من قوات النظام والميليشيات بينهم نحو 18 ضابطا.
وتحاول قوات النظام إتمام سيطرتها على كامل محيط العاصمة دمشق من الجهة الجنوبية، بعد خروج مقاتلي “هيئة تحرير الشام” وبدء تنفيذ عملية التهجير من بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، مع الفشل المتكرر لمحاولات التفاوض مع تنظيم “داعش” الذين طلبوا ضمانات بعدم التعرض للقوافل التي سوف تقلهم إلى البادية السورية، وهو ما عجز النظام عن تقديمه.
على خطى جنوب دمشق
وفي ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، انطلق قطار التهجير أيضا اعتبار من الاثنين باتجاه محافظة إدلب ومدينة جرابلس بريف حلب، وحسب مصادر فإن الفصائل المعارضة في منطقة الحولة بريف حمص أحرقت ودمرت جميع المقرات والمواقع والآليات والسيارات التابعة لها قبل تسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، بينما تم تسليم السلاح الثقيل والمتوسط لقوات النظام تنفيذا للاتفاق الذي تم التوصل إليه في المنطقة والقاضي بتهجير القسم الأكبر من مقاتلي الفصائل مع عائلاتهم إضافة الى بعض المدنيين ممن اختاروا الخروج خوفا من التعرض لهم من جانب النظام في حال بقوا في مناطقهم.
ولاحظ مراقبون أن عددا محدودا فقط من الأهالي البالغ عددهم نحو 350 ألف نسمة سيخرج إلى الشمال السوري، حيث فضل معظم الناس البقاء في بيوتهم وخاصة في تلبيسة والرستن، بينما من المتوقع خروج أكثر من نصف أهالي منطقة الحولة.
وكان من المقرر خروج “هيئة تحرير الشام”، التي لا يتجاوز عدد مقاتليها 250 عنصرًا من المنطقة، إلا أنها رفضت الخروج في الدفعات الأولى، وحسب الاتفاق تدخل الشرطة العسكرية الروسية والشرطة المدنية التابعة للنظام بعد خروج آخر قافلة من الريف الشمالي، ويحق لكل مقاتل إخراج بندقية وثلاثة مخازن، إضافة إلى الأمتعة الشخصية، بينما يسلم من يرغب بـ “التسوية” سلاحه الفردي حين البدء بالإجراءات.
فُرض التّهجير على غير الرّاغبين بـ”مصالحة النّظام” من المدنيين ومقاتلي المعارضة، بعد التّهديد من النّظام وروسيا بتكرار سيناريو الغوطة في المنطقة.
وتشمل التسوية المنشقّين والمدنيين لمدة ستة أشهر، ليُساق بعدها من دخل سن الخدمة الإلزامية والاحتياطية للخدمة في قوات النظام، كما تسوى أوضاع الطلاب والموظفين ويعودون لعملهم ودراستهم مع مراعاة فترة الانقطاع.
ويمنع الاتفاق دخول قوات الأمن والنظام طيلة فترة وجود الشرطة العسكرية الروسية، أي لا يقل عن ستة أشهر وفق “هيئة التفاوض”، وحسب اعلانات الفصائل ، فإن كل من “أحرار الشام، وفيلق الشام، وحركة تحرير الوطن ستخرج من المنطقة، بينما يبقى “جيش التوحيد” وبقية فصائل تيرمعلة والدار الكبيرة والرستن ليسهموا في إدارة المنطقة، بموجب اتفاق آخر يجري إعداده في هذه الاثناء.
واحتفت وسائل إعلام النظام بفتح حمص- حماة الدولي وازالة السواتر الترابية تمهيدا لعملية التهجير ودخول قوات النظام.
قصف على إدلب
وليس بعيدا عن هاتين المنطقتين، يواصل طيران النظام ومعه الطيران الروسي قصف مناطق متفرقة من محافظة ادلب وريف حماة الشمالي في إطار الضغط على المنطقتين المرشحتين لانتقال العمليات العسكرية إليهما بعد الانتهاء من وسط البلاد. وقد قُتل مدنيون وأُصيب آخرون جراء غارات للطيران الروسي في ريف إدلب الجنوبي.
وقالت مصادر محلية أن طائرات روسية أغارت على أطراف بلدة النقير ما أدى أيضا الى تدمير كبير في ممتلكات المدنيين، اضافة الى اصابة 14 من المدنيين معظمهم من نازحي ريف حماة، بالتزامن مع وقوع إصابات في قرية أرينبة جنوب إدلب جرّاء قصف مماثل.
في غضون ذلك، ذكرت مصادر أن تركيا وروسيا توصلتا السبت، إلى “هدنة موسميّة قابلة للتجديد” تشمل قرى وبلدات جنوب شرق إدلب.
وقال عضو في “اللجنة المدنية” التي تشكلت قبل أيام من أهالي ووجهاء المنطقة أن الهدنة تشمل قرى وبلدات جنوب شرق إدلب ، استجابة لمطالب الأهالي هناك، موضحا إنهم شكلوا وفدا نقل معاناة الأهالي ومطالبهم إلى ضابط تركي في نقطة المراقبة بمدينة مورك والذي أبلغهم بموافقة الجانب الروسي بعد خمسة أيام من تقديم الطلب. وأوضح أن الأهالي طلبوا الهدنة ليتمكنوا من جني محاصيلهم الزراعية والحفاظ عليها من التلف وخوفا من استهدافهم في أراضيهم ومنازلهم بعد معاناة استمرت سبع سنوات من قصف وتهجير جراء العمليات التي يشنها كل من النظام السوري وروسيا.
وأوضح المصدر أن مدة الهدنة شهر واحد قابلة للتجديد وتبدأ من الساعة السادسة صباحا حتى السابعة مساء من كل يوم، وتشمل بلدات وقرى “التمانعة، والسكيك، وترعي، وأم جلال، والخوين، والزرزور، وأم الخلاخيل، والفرجة، والمشيرفة، وتل خزنة، واللويبدة، وسحال، والتينة، وأبو شرحة، وتل دم”. ووعد الجانب التركي، الأهالي بالسعي لهدنة شاملة تضمن عودة الأهالي إلى منازلهم في مراحل لاحقة، حسب عضو اللجنة.
وسبق أن قتل عدد من المدنيين بينهم نساء أثناء عملهم في الأراضي الزراعية نتيجة لقصف طائرات النظام وروسيا للأراضي الزراعية بشكل يومي، كما سبق أن طالبت هيئات مدنية وعسكرية تركيا بأن تقوم بدور باعتبارها ضامنا لاتفاقيّة خفض التصعيد في منع قوات النظام وروسيا من استهداف المدنيين في المحافظة.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن أن قوات بلاده ستبقى في منطقة عفرين، شمال حلب، حتى تحقيق الأمن فيها كاملاً، اضافة الى محافظة إدلب ومنطقة منبج. وقال خلال إجابته على أسئلة الحاضرين في لقاء شبابي باسطنبول ان الهدف التالي لأنقرة هو تحقيق الأمن في محافظة إدلب ومدينتي تل رفعت ومنبج.
تصعيد في درعا
وإضافة إلى محافظة إدلب تتجه أنظار النظام الى محافظة درعا التي زادت عملياته العسكرية الموجهة إليها في الآونة الأخيرة، وسط مخاوف من انهيار اتفاق “خفض التصعيد” المطبق في المنطقة من منتصف العام الماضي.
وقد سقط ضحايا جراء استهداف أحياء درعا البلد، بقذائف الهاون. ونشرت منظمة الدفاع المدني في درعا تسجيلًا مصورًا يظهر وصول عشرات الجرحى إلى المشفى الميداني في المدينة.
وشهد الريف الغربي لمدينة درعا مؤخرا قصفًا من طيران النظام، يعتبر الأول للمحافظة منذ دخول المنطقة في اتفاقية “خفض التصعيد” . كما قتل عدد من عناصر قوات النظام وأصيب آخرون خلال اشتباكات مع فصائل من “الجيش السوري الحر” عند محاولتهم التقدم في مدينة درعا، بينما أعلنت فصائل من “الجيش السوري الحر” بريف القنيطرة بدء حملة مداهمة واعتقالات تستهدف ما وصفتها بأنها “خلايا نائمة” تتبع لميليشيا “حزب الله” اللبناني في ريف القنيطرة الجنوبي، كما وترفض معظم الفصائل العسكرية والمجالس المحلية في محافظة درعا الدخول في مفاوضات مع النظام.
النّظام صعّد مؤخرا من عمليّاته ضدّ درعا ما أوقع ضحايا بين المدنيين على الرّغم من سريان اتفاق وقف إطلاق النّار في المنطقة.
وتوعدت فصائل عدة في درعا بمواجهة قوات النظام اذا حاولت التخلي عن اتفاق “وقف إطلاق النار” المعمول به في المنطقة الجنوبية وسط تلميحات روسية بأن هذا الاتفاق “مؤقت” وان منطقة الجنوب، وعلى غرار المناطق الاخرى، لا بد أن تعود في النهاية لسيطرة قوات النظام.
ورغم دخول الجنوب السوري اتفاق “وقف إطلاق النار” برعاية روسية أمريكية منذ تموز/يوليو 2017، غير ان ناشطين وثقوا نحو 1900 خرق من قبل قوات النظام على امتداد مناطق المعارضة في محافظتي درعا والقنيطرة.
تصعيد في الشرق
وفي شرق البلاد، شنَّ تنظيم “داعش” هجمات عدة على مواقع تمركز قوات النظام والميليشيا المساندة لها في بادية مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي، كما درات اشتباكات بين التنظيم و”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) في ريف البوكمال أيضا.
وقال مجلس دير الزور العسكري إن اشتباكات دارت مع “داعش” قرب قرية الباغوز شرق مدينة البوكمال ما أسفر عن أسر عناصر من التنظيم ، لم يحدد عددهم، لكن ناشطين قالوا إن العشرات من عناصر التنظيم استسلموا خلال المواجهات.
وكانت “قسد” أعلنت أنها بدأت عملية عسكرية لطرد التنظيم من المناطق التي ما زال يسيطر عليها في ريفي دير الزور والحسكة وسط معلومات عن تزويدها من جانب التحالف الدولي ضد “داعش” بأسلحة ومعدات عسكرية جديدة، وذلك لقتال التنظيم في بادية هجين شرق دير الزور، ضمن حملة “عاصفة الجزيرة” التي انطلقت المرحلة الأخيرة منها قبل أيام.
وفي إطار مساندته لقوّات “قسد” في هذه المنطقة، شن طيران التحالف الدولي غارات عدة على مواقع تمركز في سوق بلدة هجين بريف دير الزور الشرقي ما أسفر عن مقتل نحو عدد من عناصر التنظيم.من جهة أخرى، دارت اشتباكات بين عناصر من “قوات النخبة السورية” وعناصر من مليشيات “قسد” على خلفية شن قوات “الأسايش ” التابعة لـ”قسد” حملة مداهمات استهدفت عناصر “قوات النخبة” التابعة لـ”الجيش السوري الحر” في قرية أبو حمام شرقي نهر الفرات. وكانت اشتباكات بين الطرفين وقعت وأدت الى وقوع عدة جرحى، قبل أن يتدخل بعض وجهاء المنطقة لاحتوائها.
و”قوات النخبة” فصيل يقوده المعارض السّوري أحمد الجربا، ويعمل بالتنسيق مع التحالف الدولي لقتال تنظيم “داعش” منذ سنوات، ولكنه رفض العمل تحت قيادة ميليشيا “قسد”، وتطالب “قسد” قوات النخبة بتسليم أسلحتها لها أو العمل تحت قيادتها.
ادلب التهجير الجنوب السوري الحسكة النظام السوري جنوب دمشق حلب حماة حمص خفض درعا دير الزور روسيا سوريا سورية قسد نظام الأسد 2018-05-08
شاهد أيضاً
تبادلت روسيا والولايات المتحدة الاتهامات -خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي- بشأن أحداث مدينة الحسكة شمال …
لا يستبعد المحللون العسكريون في إسرائيل أن يكون التحرك الروسي عند خط وقف إطلاق النار …