رضوان زيادة باحث في المركز العربي بواشنطن
رضوان زيادة لـ”صدى الشّام”: الضّربات ضدّ الأسد لن تؤثّر على المسار السّياسي
أبريل 24, 2018
حاوره- مصطفى محمد/
يعكس مُضيّ نظام الأسد بسياسة التهجير ومواصلة عمليات القصف في أكثر من منطقة، بعد تعرضه للضربات الغربية، حالة من التحدي المباشر للدول التي نفذت الضربات، ما جعل المراقبين يعتبرون أن تلك الضربات لم تكن إلا لحفظ ماء وجه الحكومات الثلاث في (الولايات المتحدة، بريطانيا، وفرنسا) أمام شعوبهم.
وهروباً للأمام من الفشل السياسي والعسكري، أعلنت الإدارة الأمريكية المتخبطة عن عزمها إرسال قوات عربية إلى سوريا، لسد الفراغ في حال انسحابها الذي بات شبه محسوم من الأراضي السورية.
ورغم ذلك الإعلان، اعتبر الدكتور رضوان زيادة الباحث في المركز العربي بواشنطن، أنه من المبكر الجزم بمشاركة قوات عربية في سوريا، لافتاً إلى عدم الوضوح في الموقف الأمريكي حيال هذه العملية.
ورأى في حوار مع “صدى الشام” أن دخول قوات عربية غير ممكن بدون الموافقة التركية، تفادياً لحصول صدام عربي- تركي في الأراضي السورية.
وإلى نص الحوار الكامل:
– بعد إعلان المملكة العربية السعودية عن استعدادها لإرسال قوات تابعة لها كجزء من ائتلاف تقوده الولايات المتحدة، هل تعتقدون أن دخول قوّات عربية إلى سوريا من شأنه أن يحد من حجم الصراع في سوريا، أم العكس؟.
ليست المرة الأولى التي تعلن فيها المملكة العربية السعودية عن استعدادها إرسال قوات إلى سوريا، وعرضت ذلك من مقبل على الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وهي الآن تعرض الأمر ذاته على إدارة الرئيس دونالد ترامب، وهذا باعتقادي هو الجانب المختلف عن عروضها السابقة، لأن الرئيس ترامب هو من طلب من المملكة المساهمة بشكل أكبر في إرسال قوات أو حفظ السلام ما بعد تنظيم “داعش”.
والآن السؤال هو ما هي تشكيلة هذه القوات، وماذا ستكون مهمتها، وما هي الدول التي ستشارك في هذه العملية?.
وبالتالي، أعتقد أن الإجابة على كل هذه الأسئلة، وحول ما إذا كان من شأن هذه القوات أن يحِد من الصراع، وغيرها ما زال مبكراً، لأنه ليس هنالك وضوح حالياً لا في الموقف الأمريكي ولا حتى في موقف المملكة.
لكن أنا ومن منظوري الشخصي، أستبعد إرسال قوات عربية لمهمة حفظ السلام في سوريا في الوقت الحالي، إذا لم يكن هناك قيادة أمريكية لهذه القوات ومشاركة لواشنطن أكبر على مستوى قيادة وإدارة القوات الموجودة هناك.
– رغم أن مسألة “القوات العربية” ما تزال محط بحثِِ ما بين الدول، كما أسلفت، كيف تتوقعون الرد التركي عليها، لا سيما وأنّ مكان انتشار هذه القوات سيكون في مناطق محاذية ومجاورة لتركيا، وهل من الممكن أن تسد هذه القوات محل القوات الأمريكية؟.
من الواضح أن الولايات المتحدة لديها موقف متحفظ من مشاركة أو دخول القوات التركية إلى الأراضي السورية، ونحن نعرف أن الحكومة التركية لديها مصلحة أكثر من الحكومات العربية بما فيها المملكة العربية السعودية بوجود قوات تابعة لها في سوريا، تسيطر على المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا “وحدات حماية الشعب” “الكردية”.
وبالتالي هذا سؤال آخر يحتاج إلى الإجابة، ويتعلق بالعلاقة القادمة ما بين الولايات المتحدة وتركيا، وأعتقد أن كلا الطرفين يحتفظان بكثير من الشحنات السلبية فيما بينهما الآن.
أي لواشنطن جملة من التحفظات على دور أنقرة في سوريا، والعكس، لكن باعتقادي أن أنقرة محقة أكثر لأن واشنطن ارتكبت أكثر من خطأ، في مقدمتها الاعتماد على “الحماية الكردية” أولاً، وثانياً نسيان وعدم دعم مسألة الانتقال السياسي، وهذه الأسئلة وغيرها كلها تنفجر الآن على دفعة واحدة.
بمعنى آخر، أرى أن الموقف التركي من هذه القوات يتحدد تماماً من دور ومهمة ووظيفة هذه القوات، إذا ما تم المصادقة عليها، وباعتقادي إذا تم ذلك فإن الموافقة التركية على دخولها هي أمر مهم للغاية، وخصوصاً أنه من المرجح أن تنتشر هذه القوات على حدودها، وليس من مصلحة لا القوات العربية ولا حتى تركيا أن يحدث صدام عربي- تركي على الأراضي السورية.
– على ذكر تركيا وموقفها حيال الأحداث السورية، منتصف الشهر المقبل تم تحديد موعد محادثات أستانة المقبلة، ونود أن نسأل عن ارتدادات التوترات التركية الروسية التي ظهرت إبان الضربات الغربية على التنسيق في أستانة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى هل من المتوقع أن يتم التطرق لمستقبل منبج وتل رفعت في الجولة القادمة؟.
لا أعتقد أن محادثات أستانة أو جنيف ستنجز أي شيء، أو أن يكون لها تأثير، عملياً عندما كانت الظروف على الأرض مختلفة لم تستطع الأمم المتحدة أن تجبر نظام الأسد على تقديم تنازلات للمضي قدماً في المسار السياسي، فما بالك اليوم، ولا مصلحة لروسيا ولا للنظام بذلك.
روسيا أثبتت أنها لا تلتزم بمقررات محادثات أستانة، وبالتالي كذلك ليس من مصلحة المعارضة السورية الاستمرار في هذه المحادثات في هذه المفاوضات لأنها بدون معنى حتى الآن.
إن عدم إلزام النظام وروسيا بمناطق خفض التصعيد، وما جرى في الغوطة الشرقية مثال قوي على ذلك، درس واضح للمعارضة السورية وتركيا حتى.
أما عن ما سيتم طرحه في الجولة المقبلة، فأرى أن ريف حمص الشمالي سيكون على أجندة هذه الجولة القادمة، أما عن تل رفعت ومنبج باعتقادي فإن المفاوضات حولها مؤجلة إلى وقت لاحق.
– دفعت الضربات المحدودة الغربية التي تعرض لها النظام بمحللين إلى الاعتقاد بأن ما جرى قد ينعش المسار السياسي المعطل، وبالمقابل ذهب آخرون إلى منحى مغاير تماماً، مدللين على ذلك بربط الدول التي نفذت الضربات تكرارها بإعادة استخدام الكيمياوي، ما يعني إذن للنظام بالحسم لكن بأسلحة تقليدية، ماذا يوحي لكم هذا المشهد؟.
إن الضربات لمرة واحدة، تعني أنه ليس استراتيجية عسكرية أو سياسية لما بعدها، وهذا ما أفقدها التأثير، لا في حسابات المسار السياسي ولا حتى العسكري على الأرض.
وما يدلل على ذلك، أن النظام وبعد ساعات من تعرضه للضربات واصل استهدافه للمدنيين في مناطق مختلفة من إدلب، وفي التهجير كما جرى في الضمير، وفي حال لم يكن هناك من ضربات متتالية فلا إنعاش للمسار السياسي.
قصارى القول، لم ولن تؤثر هذه الضربات على مسار العملية السياسية، ولو كان هناك ضربة واحدة رمزية على القصر الجمهوري، فكان الأمر مختلف تماماً عما هو عليه الآن.
أما عن اشتراط الدول الغربية تكرار الضربات بإعادة استخدام الكيمياوي، فبكل تأكيد إن الأسد سيقرأ ذلك على أنه ضوء أخضر لمواصلة عملية القتل والتهجير، وسياق ما جرى كان واضحاً، أي لم تتحرك الدول إلا بعد استخدام الأسد للكيمياوي في خان شيخون العام الماضي وفي الغوطة قبل أيام، أما استخدام السلاح التقليدي وحتى المحرم منه دولياً مثل القنابل العنقودية بقي دون حساب.
وكل ذلك يدفعنا إلى القول بأن المجتمع الدولي مشارك تقريباً في جرائم الأسد، لأنه يسمح باستمرار الجرائم.
على المجتمع الدّولي أو الغرب توجيه ضربات عسكريّة متتالية للنّظام من أجل الدّفع بالعمليّة السياسيّة في سوريا، والضّربة الأخيرة كانت فقط لحفظ ماء الوجه بعد استخدام الأسد للسّلاح الكيميائي.
– في مقال لكم اعتبرتم أن الحل الوحيد في سوريا ممكن فقط وفق نموذج كوسوفو، أي الدفع بالمسار السياسي من خلال مواصلة الضربات العسكرية التي تعرضت لها القوات اليوغسلافية حينها، بالمقابل فإن المشهد في سوريا مغاير تماماً (الضربات محدودة العدد) لذلك الذي مهد إلى الحل في كوسوفو، وهذا يعطينا انطباع بأنه لا حل في سوريا إلا على الطريقة الروسية – الأسدية، أليس كذلك؟.
نموذج الحل الذي تبنته الدول الغربية خارج نطاق مجلس الأمن هو الحل الأنجع لما يجري في سوريا، آخذين بعين الاعتبار الفوضى على الأرض السورية التي تحتاج إلى إدارة من قبل الأمم المتحدة لفترة مؤقتة.
في كوسوفو كان هناك ضربات متواصلة للقوات أدت إلى حل سياسي هناك، وهذه هي الطريقة الوحيدة لإرغام الأسد على القبول بالحل السياسي.
ما ذكرته في المقال لم يكن رأي الولايات المتحدة، وهو ليس أكثر من توصيات لصانع القرار الأمريكي، الذي يتوهم بأنه وعبر ضرباته المحدودة سيؤثر على المسار السياسي في سوريا، بينما استمرار بقاء الأسد هو المشكلة، ويعني عدم مساهمة الدول الغربية بإعادة الإعمار.
وللأسف أقول بأن الأمور في سوريا قد تستمر على ما هي عليه إلى خمس سنوات قادمة.
– في شأن متصل، مراقبون يتحدثون عن بداية مواجهة إيرانية- روسية في سوريا، لا سيما وأن تسريبات تتردد عن رغبة دولية بإقصاء إيران مقابل مباركة الحل السياسي في سوريا، برأيكم هل تستطيع روسيا إقصاء إيران ومن شأن ذلك أن يقصي الأسد؟.
باعتقادي، لا يمكننا الحديث عن خلافات روسية- إيرانية كبيرة، بل على العكس هي خلافات محدودة وبالحد الأدنى، بسبب الهدف الاستراتيجي لكل من طهران وموسكو، وهو تمكين الأسد في حكم سوريا.
أي هما يستطيعان إدارة خلافاتهما المحدودة بسبب هدفهما المشترك أو القريب على أقل تقدير في سوريا.
المشكلة الرئيسة تكمن في امتلاكهما لأجندة قائمة على الجرائم ضد الإنسانية، وبالتالي هما وضعا كل الثقل في تمكين الأسد منعاً من المحاسبة على تلك الجرائم، بالمقابل فإن دور الدول التي تسمي نفسها “صديقة الشعب السوري” كان رمزياً ومحدوداً في دعم المعارضة السورية.
أما الحديث عن صفقة وما شابه تخص الوجود الإيراني، فلا أعتقد بأن الأمور تجري في هذا الإطار، الدول الغربية قامت بهذه الضربة فقط لحفظ ماء وجهها، فبعد أن تحدثوا وأكدوا استخدام الأسد للسلاح الكيمياوي الذي يستوجب رد عسكري.
وأبعد من ذلك، أستطيع أن أقول أن ليس لدى الدول التي نفذت الضربات خطة استراتيجية لمواجهة الأسد أو لإنهاء الحرب.
الصّراع الإيراني الرّوسي في سورية صراعٌ محدود والخلافات بينهم صغيرة، الطّرفان يعملان على إنقاذ بشّار الأسد وإبقائه في حكم سوريا.
-أخيراً، وبعيداً عن السياق السياسي وبالانتقال إلى المشهد السوري الداخلي، وتحديدًا إلى ما يجري من عمليات تهجير من الغوطة إلى القلمون الشرقي وصولاً إلى حديث عن مصير مشابه لريف حمص الشمالي، ما هو القادم بعد كل ذلك، وما مستقبل المعارضة؟.
للأسف إن المعارضة السياسية والعسكرية تقريباً وصلت إلى مرحلة شبه الانهيار، فهي لم تستطع إدارة خلافاتها الداخلية، ولا حظنا أنه في الغوطة الشرقية أن الفصائل كانت تتقاتل فيما بينها والأسد على حدودها، وحتى عندما فاوضوا النظام وروسيا لم تكن تلك المفاوضات موحدة، أي فيلق الرحمن فاوض منفرداً، وكذلك جيش الإسلام وغيرها من الفصائل.
لم نتعلم كمعارضة من الدروس للآن، والخلافات ما زالت قائمة والمعارك التي تدور الآن في ريف حماة وإدلب نموذج آخر عن فشل المعارضة المسلحة في إدارة الخلاف الداخلية الذي قادها إلى مصير التهجير.
لم تستطع المعارضة أن توحد بوصلتها في محاربة الأسد، والحروب الصغيرة أنهتها رويداً رويداً على الأرض.
أما عن القادم، فنستطيع القول أن التشاؤم يلف نظرتنا حوله، والوضع يزداد سوءاً، لكن بالمقابل، فأنا على ثقة بأن الأسد لن يستطيع أن يستمر في حكم سوريا، أو ما تبقى منها، ولن تكون لديه القدرة للحصول على أموال إعادة الإعمار، بينما النازحون لن يكون لديهم أي أمل بالعودة إلى سوريا في حال استمرار الأسد بالحكم.
ودعني أختم، بأن المعركة ستكون مستمرة، وهذا يعطي مؤشر بأن الثورة أيضاً يجب أن تكون مستمرة.
إيران تركيا رضوان زيادة باحث في المركز العربي بواشنطن روسيا سورية واشنطن 2018-04-24
شاهد أيضاً
رأى المحلل الاستراتيجي، العقيد خالد المطلق، أن لدى الروس تصور واضح لمستقبل اتفاق إدلب، محذرا …
عد الكاتب والإعلامي السوري، الدكتور أحمد الهواس، أي اتفاق توقعه روسيا في سوريا بأنه “اتفاق …