الرئيسية / سياسي / ميداني / مواد محلية مختارة / المعابر التجاريّة بين مناطق النظام والمعارضة.. تعاون غير رسمي لتحقيق مكاسب متبادلة

المعابر التجاريّة بين مناطق النظام والمعارضة.. تعاون غير رسمي لتحقيق مكاسب متبادلة

صدى الشام- يزن شهداوي/

تحوّلت بعض النقاط الفاصلة بين مناطق سيطرة النظام ومناطق المعارضة في عموم سوريا إلى معابر تجارية غير رسميّة يحقق من خلالها كلا الطرفين مصالح اقتصادية معينة.

ويشرف على هذه النقاط قوات النظام وميليشياته وعناصره الأمنية من جهة، فيما يشرف على الطرف الآخر عناصر من فصائل “الجيش الحر” و”هيئة تحرير الشام”.

وضمن اتفاقات تكاد تكون أقرب للسريّة بين الطرفين، يعمل النظام على غض النظر عن الطريق الواصل إلى تلك المعابر، بإخلاء بعض تلك الطرقات من حواجز التفتيش أو إعطاء أوامر بالتجاهل، وتوجيه تلك الحواجز بضرورة تسيير أمور البضائع من وإلى المعابر، وكذلك فصائل المعارضة التي تعمل على تسهيل عبور الحافلات من وإلى المعابر الحدودية التي تصل مناطقها بمناطق النظام.

ومن أهم تلك الطرقات والمعابر الاقتصادية والتي تعد طريق التهريب الأكبر بين تركيا وسوريا في العموم، هو الطريق الواصل بين حماة وإدلب، ويشهد هذا المعبر أكبر حركة تجارية يومية بين الطرفين، من خلال عبور عشرات الحافلات بالاتجاهين.

تسهيلات

يقول ناشط ميداني في حماة، فضّل عدم الكشف عن هويّته لدواعٍ أمنيّة، إن اتصال حماة مع مناطق المعارضة يتمّ عبر طريقين تجارييّن يتبادل من خلالهما الطرفان المصالح التجارية، ومن أهم تلك الطرق طريق “حماة-أبو دالي”، وتقع قرية أبو دالي بريف حماة الشرقي وكانت تسيطر عليها عشائر موالية للنظام تتبع لعضو مجلس الشعب “أحمد درويش”، لكن بعد تقدم المعارضة الأخير في المنطقة منذ شهور توقّف عمل هذا الطريق بشكل تام.

وكان معبر أبو دالي بمثابة شريان تجاري كبير للمهربيّن والتجار من مدينتي حماة وإدلب، حيث تتواجد حواجز قليلة للنظام على الطريق الواصل من حماة إلى المعبر، ويوضح الناشط لـ “صدى الشام” أن “هذه الحواجز تعمل تحت توصية من النظام بعدم اعتراض أي حافلة أو بضاعة ستنقل عبر المعبر إلى ريف إدلب، وكذلك الأمر بالنسبة لحواجز المعارضة التي تسهّل وصول البضائع التجارية إلى إدلب.

 

دون مساءلة

ومن المعابر التجارية المهمة أيضاً والتي نشطت الحركة عبرها خصوصاً عقب توقف معبر أبو دالي، هناك طريق قلعة المضيق التي تقع في مدخل سهل الغاب غربي مدينة حماة، وتعد خاصرة لمنطقة جبل شحشبو التي تمتد نحو منطقة جبل الزاوية بريف إدلب، لذلك فإن هذا الطريق يعدّ معبراً يصل مناطق النظام الموالية كالسقيلبية وسلحب بتلك الواقعة تحت سيطرة المعارضة.

يقول أبو هاني، أحد تجار ريف حماة والذي يعمل على نقل بضاعته عبر هذا المعبر، إن الكثير من المواد الغذائية وقطع تبديل السيارات والدهانات والألواح الخشبية يتم نقلها من مدينة حماة إلى مناطق ريف إدلب عبر هذا الطريق، ومن مميزات هذا الطريق سهولة إيصال البضائع التجارية عبره دون مساءلة قانونية من قبل النظام، وكذلك سهولة عبور البضائع إلى مناطق المعارضة من جبل الزاوية إلى مدينة إدلب.

ويشير التاجر إلى أن “الأتاوات والخوّات لا بدّ من دفعها على بعض حواجز النظام المتواجدة في بداية الطريق الواصل بين حماة وقلعة المضيق، خصوصاً عند مرورها في مناطق السقيلبية وسلحب التي تعد من أكبر مراكز عصابات التشبيح في ريف حماة، وقد تصل تلك الأتاوات إلى أكثر من مئتي ألف ليرة سورية مقابل الحافلة الواحدة”.

لكن رغم هذه التكلفة الكبيرة فقد لفت التاجر الآخر في المنطقة ويدعى أبو محمد، إلى أنه رغم قيمتها فهي تُقابل بالرضا من قبلهم كتجّار كونها تسهّل نقل ما يريدون.

وتحدّث أبو محمد عن أسباب حركة الشراء الكبيرة من قبل المقيمين في مناطق المعارضة للبضائع التي تاتي من جهة النظام رغم غلائها، مشيراً إلى أن “البضاعة السورية المحلية ورغم غلاء سعرها جراء تراكم مصاريف النقل والأتاوات وربح التاجر إلّا إنها أرخص بكثير من تلك التركيّة التي يتم استيرادها لمناطق المعارضة عبر الحدود”، وأضاف

أن فرق عمليات البيع والشراء بين السوريين بالليرة السورية يبقى ذو عائد ربحي أفضل من العمليات التجارية مع التجار الأتراك بالدولار الأمريكي.

مكاسب

“يشكّل نقل البضائع بين مناطق المعارضة والنظام فائدة لكلا الطرفين، إذ أنهما يجدان أنهما مرغمان على قبول نقل البضائع فيما بنيهم”، ويوضّح التاجر أبو حسن من مدينة إدلب، أن عمليات البيع والشراء وحركة السوق التجارية والاقتصادية في إدلب هي ذات فائدة كبيرة للمعارضة ومصدر تمويل لها، فالفصائل فرضت رسوماً جمركيّة رسميّة على البضاعة المستوردة من مناطق النظام، وكذلك على تلك المصدّرة إليها، حتى لو كانت ذات منشأ تركي، وتتضمن تلك الرسوم حماية البضاعة منذ لحطة دخولها لمناطق المعارضة حتى وصولها إلى هدفها، وتحسب كلفة الجمركة حسب وزن البضاعة ونوعها، ويشرف على ذلك لجان متخصصة من الفصائل المشرفة على المعبر، وتعود أرباح تلك المعابر على الفصائل لوحدها”.

وبالمقابل قام النظام بالأمر ذاته، فعقب فرض الرسوم الجمركية من قبل المعارضة، بدأ هو الآخر بفرض رسوم ممائلة على البضائع التركية وتلك الواردة من مناطق المعارضة”.

ولا تستوجب هذه الرسوم تعهّداً بحماية البضاعة عقب دخولها مناطق النظام، لتخضع البضائع إثر نقلها عبر حواجز النظام في مدينة حماة وباقي المحافظات لعشرات الخوّات والأتاوات لتسهيل عبورها، علاوةً عن الأتاوات الواجب دفعها لعناصر دوريات الترفيق التي ترافق تلك البضائع إضافة إلى ما يجب دفعه لكل حاجز من حواجز الفرقة الرابعة على حِدَتِه والتي باتت تشرف على معظم الطرقات التجارية خاصة في حماة وحمص والساحل السوري، لكن هذه الرسوم في الوقت ذاته تضمن عدم الملاحقة والمساءلة القانونية من قبل مديرية الجمارك في حماة وعدم مصادرة البضائع.

ومن الناحية الإقتصادية، فعمليات الاستيراد والتصدير عبر هذه المعابر السوريّة- السورية تعود على النظام بفوائد كبيرة منها تصدير الإنتاج المحلي إلى مناطق المعارضة ومنها إلى تركيا، وخاصة أن أسواق النظام ومع دخول العام السابع للثورة السورية لم تعد تحتمل كميات الإنتاج المنتجة محلياً لضعف الاقتصاد السوري، كما أن عمليات التبادل ترفع سعر الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي.

يؤكّد مصدر محلي من ريف حماة أن هذه الاتفاقيات التجارية انعكست بشكل إيجابي كبير على بعض المناطق المحاصرة من قبل النظام، فمع هذه الاتفاقيات اضطر النظام لفك الحصار ولو بشكل جزئي عن بعض المناطق المحاصرة كما هو الحال في ريف حمص الشمالي ومناطق بمحافظة درعا.

وكان النظام قد حرص على نقل تجربة المعابر بين حماة وإدلب، إلى اماكن أخرى كمعبر الغاصبية جنوبي الدار الكبيرة بريف حمص الشمالي، ومعبر السمعليل في الجنوب الشرقي لمنطقة الحولة، ومعبر تقسيس بريف حماة الجنوبي والواصل بين حماة وريف حمص الشمالي، فضلاً عن معابر درعا مع مدينة السويداء القابعة تحت سيطرة النظام كمعبر أبو كاسر، ومعبر “المليحة -الخربا”.

شاهد أيضاً

قتيلان من قوات النظام السوري بهجوم لـ”داعش” بين الرقة ودير الزور

قتل عنصران من قوات النظام السوري وجرح ثالث في هجوم لتنظيم “داعش” الإرهابي ليل الجمعة …

ثاني عصيان داخل سجون “قسد” في الرقة خلال أسبوع

شهد سجن الأحداث الذي أنشأته “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، شريكة قوات “التحالف الدولي” بقيادة الولايات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *