تحقيق- محمد الخطيب وأحمد حاج حمدو/
فقدَ الثلاثيني “طلال” عملهُ جراء الحرب في سوريا، بعد تدمير ورشة تصليح السيارات التي كان يعمل بها قرب حلب. لجأ للعمل كتاجر ينقل الأدوات الالكترونيّة والمواد الغذائيّة بين القرى والمحافظات مستخدماً شاحنته “كيا إنتر” ذات اللون الأبيض.
يتنقّل “طلال” (اسم مستعار) بين ريفي حلب وإدلب بشكلٍ يومي، ويُضطرّ كلّ مرّة إلى دفع رسوم للمعابر رغم أنه يمرّ في أراضٍ سوريّة من بداية رحلته حتى نهايتها.
مزّقت الحرب في سوريا البلاد إلى مناطق عدّة تسيطر عليها قوى عسكريّة متصارعة، تفتح الحواجز أمام حركة التجارة والسكّان من خلال “معابر” تحصل منها على أتاوات، يقول مراقبون إنها تستخدم جزئيّاً في تغذية الإنفاق على الحرب.
تبرز محافظة حلب كأكثر المحافظات تعقيداً، كونها تحتوي على خمسة معابر، هي الخيار الوحيد لنقل البضائع والسكان بين مناطق السيطرة المختلفة: “الإدارة الذاتيّة الكرديّة، قوات “درع الفرات” المعارضة المدعومة من تركيا، “هيئة تحرير الشام”، وقوات النظام”.
تتسبّب رسوم العبور التي تفرضها القوى العسكريّة والميليشيات في رفع أسعار السلع لما قد يصل إلى 90% حسب عدد المعابر التي تمرّ عليها، وهو ما تتبعه هذا التحقيق في مناطق سيطرة المعارضة.
اتّفقنا مع طلال على متابعة رحلة له، قام بها مروراً بمعابر تسيطر عليها فصائل من “المعارضة السورية” و”وحدات حماية الشعب الكردية” بين ريفي حلب وإدلب.
في الثامنة من صباح 12 آب/أغسطس الماضي، كان طلال يتّجه بشاحنته للمرور من منطقة تابعة للادارة الذاتيّة الكردية إلى منطقة تابعة لـ “هيئة تحرير الشام” المعارضة. كانت الشاحنة تحمل خزّان وقود فارغاً سعة 5 آلاف لتر، ومولّداً كهربائياً متنقّلاً متوسّطة الحجم، وحرّاقة لتكرير النفط الخام من نوع “ثلاثة رؤوس”.
عند مدخل قطمة الواقعة في ريف حلب الشمالي كانت توجد نقطة عسكرية تتبع “وحدات حماية الشعب الكردية”. دفع طلال الرسوم بعد فحص محتويات السيارة.
أظهرت نسخة من وثيقة الضريبة أنها صادرة عن “إدارة الجمارك التابعة للهيئة الماليّة في مقاطعة عفرين التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية”، وجاء فيها: “اسم الضريبة ورقمها وتاريخها واسم السائق ونوع السيارة والحمولة”. قدّرت الجهة المسؤولة عن النقطة العسكريّة عند المعبر قيمة الحمولة بمبلغ 3500 دولار أمريكي رغم أن تكلفتها في منطقة المنشأ 1500 دولار فقط بحسب تجّار. وتفرض النقطة العسكريّة على السائق دفع رسوم عبور بنسبة 10% من قيمة البضائع أي 350 دولار.
استغرقت هذه العمليّة نحو ساعة بسبب زحام السيارات. بعد مسيرٍ لنحو ساعة ونصف وصلت شاحنة “طلال” إلى معبر الشيخ عقيل الواقع قرب بلدة دير سمعان بين ريف حلب الغربي وريف إدلب الشرقي، والذي تسيطر عليه عناصر من “هيئة تحرير الشام”. قيمة الضريبة هنا بلغت 450 دولاراً.
دفعَ طلال إجمالا 750 دولار كرسوم عن بضائع بقيمة 1500 دولار، أي نصف قيمة البضائع. ويقول إنّه لا يوجد تقدير موحّد للإتاوات حيث يقدِّر كلّ معبر البضائع والضريبة وفقاً لرؤيته.
ما حدث مع شحنة “طلال” يتكرّر مع سلع أساسيّة للمواطنين مثل النفط والغاز والأسمنت والحديد. احتاج الأمر إلى الذهاب أبعد من أعزاز باتجاه الشرق لتتبع رحلة هذه السلع.
حركة لا تهدأ.. والدفع أولّاً
في ريف حلب الشرقي، وعلى مسافة 20 كيلومتراً شمال غربي مدينة منبج، تقع بلدة الحمران التي يوجد عندها معبر يحمل اسمها، ويمثّل نقطة الدخول الشرقيّة إلى منطقة قوات “درع الفرات” التي تقع عند طرفها الغربي مدينة إعزاز حيث بداية رحلة “طلال”.
حركة المرور لا تهدأ للبضائع عند معبر الحمران ولاسيما شحنات النفط والغاز، القادمة من حقول النفط في شرقي سوريا، والتي تهيمن عليها الإدارة الذاتيّة الكرديّة، لتمر إلى مناطق المعارضة. وفي الاتجاه العكسي، تمر شاحنات محمّلة بالأسمنت والحديد.
في ساحة واسعة، يحيط بها سور ترابي تصطفّ العشرات من صهاريج النفط بانتظار الدخول لكي يسدّد السائقون الرسوم في غرفة صغيرة، عند مدخل الساحة، ويحصلوا على إيصالات من موظفين تابعين للمعارضة المسلحة.
قال سائق أربعيني، عرّف عن نفسه باسم أبو أحمد إنه “بدون هذا الإيصال لا يمكننا العبور، أو التنقل.”
ويقول أبو أحمد الذي يعمل في شحن النفط إنّ فصائل المعارضة تحصّل دولارين عن كل برميل للنفط الخام (الفيول) يدخل من هنا. ولا تحصّل الإدارة الذاتيّة الكرديّة – التي تسيطر على آبار النفط – أيّة رسوم (عند معبر الحمران) باعتبار أنها هي التي تتحكّم بسعر النفط.
ويبلغ سعر برميل النفط الخام في منبج الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتيّة الكرديّة، 47 دولاراً، حسبما أبلغنا التاجر أبو خالد.
وتمتلك الإدارة الذاتيّة الكرديّة حصّة الأسد من حقول النفط والغاز في سوريا، بعد طردها تنظيم “داعش” من مساحات واسعة في دير الزور والرقة والحسكة.
وبعد المرور من معبر الحمران إلى منطقة “درع الفرات” المتاخمة للحدود التركيّة والخاضعة لسيطرة معارضة مدعومة من تركيا، تتّجه بعض صهاريج الفيول لإفراغ حمولتها في الحرّاقات، وهي مصافي نفط بدائيّة تعتمد على تسخين الخام لاستخراج المشتقات النفطيّة: الديزل، والكيروسين، والبنزين. لكنّ النسبة الأكبر من الصهاريج تتابع طريقها إلى معبر “الشط”، غربي مدينة اعزاز لتمرّ إلى مقاطعة عفرين التي كانت تسيطر عليها الإدارة الذاتيّة الكرديّة، ثم تدخل إلى مناطق تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام” المعارضة في غربي حلب.
وعند معبر “الشط” الذي تسيطر عليه القوّات المعارضة، يصطفّ رتل الشاحنات والصهاريج على امتداد مئات الأمتار، بينما يقوم موظّفون بعمليات الفحص والتحقّق من الحمولة والوزن بواسطة قبّان أرضي لتقدير الرسوم وتحصيلها.
اللائحة السعرية لمعبر “الشط”
وقال محمد كوسا (اسم مستعار)، وهو سائق صهريج نفط خام، إنه يدفع الرسوم عن كل برميل حتى وصوله لإدلب ” 2 دولار للمعارضة عند حاجز الشط، وعشرة دولارات للإدارة الذاتيّة الكرديّة في عفرين، وكذلك 2 دولار لحاجز المعارضة في معبر الشيخ عقيل”. هذه الأرقام أكّدها سائق صهريج مازوت آخر قابلناه في المعبر، وقال إن إدارة المعبر تأخذ الإيصالات من السائقين لحظة الخروج.
وبالنتيجة فإن سعر برميل الفيول يصبح 63 دولاراً، بإغفال تكاليف الشحن وأرباح التجّار. بمعنى آخر، فإن سعر الفيول يتضاعف 36% أثناء مروره على المعابر حتى يصل مدينة دارة عزة غربي حلب.
ويوضح الجدول التالي أسعاراً حصل عليها مركز حلب الإعلامي (مركز يديره مجموعة صحفيين وناشطين سورييّن) استناداً إلى تجّار ومواطنين،لبعض المحروقات في مناطق متفرقة من محافظة حلب (ديسمبر 2017):
لقد خلقت المعابر مع مرور الزمن، وضعاً اقتصادياً خاصاً لكل منطقة سيطرة، يختلف عن المناطق الأخرى، ويعكس ذلك، الفرق الواضح في أسعار المواد التي يبيّنها الجدول السابق.
لغة المصالح تكسب
تعمل المعابر وفق آلية المنفعة المتبادلة، فكل منطقة تنتج مواد معيّنة لا توجد في منطقة أخرى، وبينما تُصدّر مناطق الإدارة الذاتيّة الكرديّة النفط والغاز إلى المعارضة، فإنها تحصل على الإسمنت والحديد والملابس والمواد الغذائية تركيّة المنشأ.
وجميع المعابر التركيّة – السورية مغلقة، باستثناء تلك التي تسيطر عليها المعارضة وهي: “جرابلس، وباب السلامة، وباب الهوى”، وبالتالي لا توجد معابر بريّة لمناطق النظام أو للإدارة الذاتيّة الكرديّة مع تركيا.
يقول أ.س، وهو تاجر مواد بناء في مدينة جرابلس، شمال شرقي منطقة “درع الفرات”، إنه يستورد الإسمنت والحديد من تركيا، ويوزعه في مختلف مدن شمال سوريا، حيث ازداد الطلب على مواد البناء مؤخراً بسبب تراجع أعمال العنف في البلاد وحدوث استقرار في بعض المناطق.
وأوضح في حديث معه عبر تطبيق “واتس آب”، طالباً عدم نشر اسمه، أنّ عمليّة نقل طن واحد من الإسمنت الأسود من تركيا إلى مدينة منبج تكلّف 17 دولاراً كضرائب معابر فقط، علماً أن سعر طن الإسمنت في تركيا يبلغ 50 دولاراً تقريباً، وتأتي الرسوم كالتالي: معبر باب السلامة 5 دولارات، معبر الحمران 7 دولارات للمعارضة 5 دولارات للإدارة الذاتيّة الكرديّة.
وبذلك فإنّ ضرائب المعابر تتسبّب بارتفاع سعر الاسمنت حتى وصوله إلى مدينة منبج بـنسبة 34%، فضلاً عن تكاليف النقل وأرباح التجار.
وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ عمليّة نقل طن واحد (حديد بيتون) من تركيا إلى مدينة منبج تكلّف 20 دولاراّ ضرائب معابر فقط، بحسب أ.س، علماً أن سعر الطن من تركيا 500 دولار. وتتوزع الرسوم وفق التالي: معبر باب السلامة 8 دولارات، معبر الحمران 7 دولارات للمعارضة، 5 دولار للإدارة الذاتيّة الكرديّة.
أي أن ضرائب المعابر تتسبّب بارتفاع سعر الحديد حتى وصوله مدينة منبج بنسبة 4%، فضلاً عن تكاليف النقل وأرباح التجار.
وفي نيسان/أبريل عممت إدارة معبر باب السلامة لائحة بقيمة الجمارك التي تفرضها على المواد التي تدخل إلى المعبر من تركيا، وهي تتضمن ذات القيمة التي ذكرها أ.س.
وفي مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا (إدلب وغرب حلب)، فإن المصدر الأساسي للإسمنت والحديد هو تركيا عن طريق معبر باب الهوى. ومع إغلاق السلطات التركيّة للمعبر (باستثناء المواد الغذائية) في 10 آب/أغسطس فإن معبر باب السلامة الواقع في منطقة “درع الفرات” بات الخيار الوحيد.
وحتى تصل الشاحنة من باب السلامة إلى إدلب فهي تمرّ على أربعة معابر، هي: السلامة والشط وعفرين والشيخ عقيل، ما جعل أسعار الاسمنت والحديد تتضاعف بشكل جنوني في إدلب والمدن حولها.
اللائحة الجمركيّة التي تفرضها الإدارة الذاتية
وباتت ضرائب المعابر لنقل طن واحد إسمنت (أسود) من معبر باب السلامة إلى إدلب تساوي سعره تقريباً (بتضخّم 90%) حيث يأخذ معبر باب السلامة 5 دولارات، ومعبر الشط 10 دولار، و”الإدارة الذاتيّة” في عفرين 20 دولاراً، ومعبر “الشيخ عقيل” 10 دولارات، وذلك وفق ما أكّده لنا أ.س، وبيّنته جداول حصل عليها مركز حلب الإعلامي للضرائب التي يفرضها معبر الشط، وسلطات “الإدارة الذاتيّة” في عفرين.
وتُجبى الرسوم عن نقل طن (حديد بيتون) من باب السلامة إلى إدلب، على النحو التالي: معبر باب السلامة 7 دولارات، حاجز الشط 10 دولارات، وعند عفرين 20 دولاراً، وعند معبر “الشيخ عقيل” 10 دولارات.
أي أن ضرائب المعابر تتسبّب بارتفاع سعر الحديد لدى وصوله إلى غربي حلب بنسبة 10%، فضلاً عن تكاليف النقل وأرباح التجار.
وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر أعادت السلطات التركية فتح معبر باب الهوى، الأمر الذي أدى إلى هبوط أسعار الاسمنت والحديد في إدلب من جديد، ويوضح ذلك الجدول التالي الذي حصل عليه مركز حلب الإعلامي من تجّار أسعار مواد بناء في مناطق متفرقة من محافظة حلب في كانون الأول/ديسمبر.
أين تذهب الإيرادات؟
تحصيل رسوم على المعابر ليس له أثر ظاهر على تطوير الخدمات العامّة والبنية التحتيّة.
يقول صهيب البوشي، عضو نقابة الاقتصاديين السوريين إنّ “الضريبة هي التزام نقدي، تفرضه الدولة على المواطنين بنسب مختلفة من أجل المشاركة في النفقات العامّة للدولة. وفي وضعنا الحالي، سوريا انقسمت إلى دويلات، وكل فصيل أو ميليشيا تفرض ضرائب، لكنّ هذه الضرائب لا تذهب لتحقيق مصلحة عامة وإنما لتمويل الفصيل بحد ذاته أو لجيوب أشخاص حتى”.
وأضاف “الضريبة تفرضها الدولة حتى تعيد توزيع الثروات. تُأخذ من الغني وتُعطى للفقير، وتحافظ على مستوى الأسعار. لكن المعابر هنا تعمل بآلية معاكسة تماماً، فهي تأخذ الضرائب من الفقير والمعدَم والمحاصر لتذهب إلى جيوب التجار، وأمراء الحرب”.
اقتتال
تمثّل المعابر بهذه الوضعيّة مصدر تمويل مستدام للفصائل المتناحرة في سوريا على عكس أي دعم خارجي غير مضمون.
وعند معبر الحمران في ريف حلب الشرقي والفاصل بين منطقة الادارة الذاتيّة الكرديّة و منطقة قوات “درع الفرات” المعارضة، اقتتل فصيلان معارضان في تشرين الأول/ اكتوبر للسيطرة على المعبر.
وأشارت بيانات لفصائل وشهادات من السكّان إلى اقتتال جرى بين فصيلي “الجبهة الشامية” و”كتلة السلطان مراد” وهما تابعان لـقوات “درع الفرات” التي حصلت على دعم تركي لطرد تنظيم “داعش” من ريف حلب الشمالي.
وذكر سكّان أن قرية “أم جلود “القريبة من المعبر، والتي وقع بها الاقتتال يومي 13 و14 تشرين الأول 2017، شهدت حالة حظر تجوّل للمدنييّن في هذين اليومين بسبب شراسة المعارك بين الفصيلين.
وفي يوم 15 تشرين الأول، صدر بيان عن وزارة الدفاع التابعة للحكومة السوريّة المؤقّتة (حكومة تابعة للمعارضة تأسست بدعم تركي في 2013)، طالبَ فصيلي “الجبهة الشاميّة” و”السلطان مراد” بـ “تحكيم العقل والابتعاد عن لغة السلاح الذي يجب أن يوجّه إلى صدور الأعداء”، ودعا البيان كلا الطرفين إلى “اجتماع تحت مظلّة وزارة الدفاع لإنهاء التوتّر الحاصل”.
وفي يوم 17 تشرين الأول اجتمع الطرفان، وتمّ حلّ الخلاف، بعد اتفاق من أربعة بنود، وهي “تثبيت وقف إطلاق النار وسحب المظاهر المسلّحة، وإطلاق سراح المعتقلين من الطرفين فوراً، وتسليم إدارة كافة المعابر الحالية وأي معبر يتم إنشاؤه لاحقاً إلى الحكومة المؤقّتة، وتشكيل لجنة قضائية للبتّ في حقوق الطرفين”.
وفي ظل الحساسيّة الأمنيّة حيال هذا الأمر، لم يتسنَّ لنا الحصول من الجهات المسيطرة على المعابر على أيّة بيانات تكشف كيفية إنفاق وتوزيع الإيرادات.
عائدات المعابر عند الجهات الثلاثة لا تذهب لخدمة الصالح العام، وفق ما قال البوشي، وإنما لتمويل الميليشيات والفصائل، وأضاف “يجب أن يكون هناك شفافيّة ووضوح”.
وريثما ينتهي وجود هذه المعابر التي أمسكت بعصب الأراضي السورية، لا يزال “طلال” يضطرّ إلى كتم ضيقه خلال دفعه للأتاوات على كل معبرٍ يمرُّ به في الطرقات السورية، لأنّه لا يستطيع فعل أي شيء أمام قوّة السلاح.
ويقول “طلال” وهو أب لأربعة أبناء، “في كثيرٍ من الأيام أعود إلى المنزل بعد سفرٍ طويل دون أن أتمكّن من تحقيق أي ربح بسبب كثرة الاتاوات التي أدفعها على المعابر.”
أُنجز هذا التحقيق من خلال برنامج “سوريا بعمق” Syria in Depth المدعوم من “الجارديان” البريطانية و “IMS” الدنمركية وشبكة “أريج”.