الرئيسية / سياسي / ميداني / مواد محلية مختارة / في مناطق النظام .. إنهاء “الأزمة” يمرّ من بوابة مهرجانات التسوّق

في مناطق النظام .. إنهاء “الأزمة” يمرّ من بوابة مهرجانات التسوّق

صدى الشام- يزن شهداوي/

أقرّ محافظ مدينة حماة محمد الحزوري، بداية الشهر الجاري قرار مجلس المدينة بإعادة “مهرجان الربيع” إلى أسواق مدينة حماة في أواخر شهر نيسان القادم، وذلك بهدف إظهار المدينة على أنها باتت آمنة بشكل كامل تحت سيطرة النظام، و”كهديّة أمام تضحيات الجيش” حسب وصف وكالة سانا.

يأتي هذا القرار بعد توقف “مهرجان الربيع” الذي كانت تشتهر به مدينة حماة لمدة سبعة أعوام، وذلك عقب اقتحام قوات النظام للمدينة للمرة الأولى في أواخر عام 2011. وكان المهرجان يقام في منطقة القلعة والتي كانت تمثّل مقصداً سياحيّاً في المدينة للسوريين من مختلف المحافظات.

 

مصدر رعب

يقول محمد العابد، وهو شاب ثلاثيني من أهالي حماة، إن المهرجان توقّف في عام 2011 مع سيطرة النظام الكاملة على المدينة وفرض عناصر من قوات النظام من الفرقة الثالثة وفرع الأمن العسكري والجوي سيطرتهم على القلعة بشكل كامل بما يقارب حوالي 800 عنصر منتشرين في أرجاء القلعة، ومعهم أسلحة وصواريخ موجهة نحو أحياء المدينة من أجل قمع أي حراك عسكري قد ينشأ داخل أي حيّ ليتم القصف من أسوار القلعة بالاستفادة من موقعها الجغرافي وإشرافها على كامل المدينة.

وإضافة إلى ذلك تمّ تحويل قلعة حماة الأثريّة من منطقة سياحيّة إلى معتقل كبير للمدنيين، ومكاناً لدفن المختطفين والمعتقلين من قبل ميليشيات النظام نظراً للمساحات الكبيرة المتواجدة داخل القلعة، فضلاً عن وجود ملهى ليلي للعناصر وفقاً لشهادات السكان في المنطقة. كل ذلك حوّل قلعة حماة من منطقة سياحيّة إلى منطقة يتجنّبها المدنيون حتى اليوم، كما أدّت عمليات التفتيش الدائمة للمارّة حول القلعة أو قرب أحيائها من قبل الحواجز الأمنية الطيّارة الدائمة إى جعل المنطقة مصدر رعب لشباب المدينة.

وكانت منطقة القلعة شهدت مقتل عشرات المدنيين أيضاً من أهالي الأحياء المحيطة جراء استهدافهم بالقناصات الموجودة في المنطقة.

جميع هذه الأسباب القائمة حتى اليوم دفعت بالمدنيين إلى رفض فكرة إقامة “مهرجان الربيع” بسبب حالة العسكرة التي ما تزالت تعيشها المدينة (رغم إزالة بعض مظاهرها) وبخاصة منطقة القلعة التي من المقرر إقامة المهرجان فيها كالمعتاد.

تلك المقدّمات كما يقول يوسف الأحمد، الناشط الميداني في حماة، ستجعل من إقامة “مهرجان الربيع” نوعاً من العناد من قبل النظام الذي يسعى جاهداً لإعادة هذه الفعالية رغم أن عدد المشاركين لم يتجاوز الثلاثين محلاً تجارياً بعد، مع أنّ الإعلان عن المهرجان مضى عليه فترة لا بأس بها، وهذا دليل واضح على خوف التجار ورؤوس الأموال في حماة من المشاركة بهذا المهرجان الذي يقف أهالي حماة ضدّ إقامته في مدينتهم وسط الحالة العسكرية التي تشهدها.

ويرى ناشطون أن النظام يسعى لإعادة مدينة حماة إلى ما قبل بداية الثورة السورية ليثبت بأنه أنهى معالم هذه الثورة وأنه دفنها بشكل كامل وإلى الأبد، وقام بإعادة الحياة إلى طبيعتها، ولكنه هذا الأمر لا يمكن مع وجود مظاهر عسكريّة وأمنيّة من حواجز رفضت إدارة أفرعها بإزالتها من المدينة، ومئات العناصر المنتشرين في أرجاء المدينة والذين تمتلىء بهم الأسواق، بالإضافة إلى حالة التسلط التي يفرضها هؤلاء على المحال التجارية والتجار وبخاصة تجار الألبسة والكهربائيات والمواد الغذائيّة، والأهم من ذلك خوف الشبّان من النزول إلى هذه المهرجانات والذين يعدّون صيداً ثميناً للنظام لسوقهم للخدمة الإلزامية والاحتياطيّة، كما يفعل النظام كعادته في كل تجمع مدني.

 

 

الحال ذاته

بالتزامن مع ما يجري في حماة، يدرس مجلس مدينة حمص كذلك إقامة مهرجان تسوق لأهالي المدينة في شارع الدبلان وسط المدينة، بحسب عامر الحمصي (اسم مستعار) الشاب العشريني من حمص، إلّا أن الأهالي أبدوا تعجبهم من هذا القرار ومن المكان المقرّر لإقامة المهرجان فيه، إذ أن هناك محالاً تجاريّة في شارع الدبلان ما تزال إلى اليوم مهدّمة عن بكرة أبيها جراء قذائف النظام وصواريخه، كما أنّ عشرات التجار لم يعودوا بعد إلى العمل هناك بسبب نزوحهم واستقرارهم خارج حمص، لتبقى تلك المحال مغلقة إلى اليوم. وبالنتيجة فإنّ فشارع الدبلان الذي كان من أكثر الشوارع في سورية ازدحاماً وحركة تجاريّة، أصبح حاله كحال أي شارع لا يحمل أي طابع تجاري.

لكن وبالمقابل يطالب أهالي المناطق الموالية في مدينة حمص مثل :الحضارة والزهراء وعكرمة ووادي الذهب، بإقامة هذا المهرجان في مناطقهم التي لم تشهد دماراً أبداً، علاوةً على أنها محميّة بمئات العناصر من قوات النظام وأفرعه الأمنيّة، وباتت مع الوقت منطقة تجارية تشهد حركة في الصباح والمساء. غير أنّ هذا الأمر قوبل بالرفض من أهالي مدينة حمص خصوصاً من خارج المناطق الموالية والذين يخشون الاقتراب من تلك الأماكن خوفاً من الاعتقال أو الخطف.

وبالتالي فإنه حتى لو أقيم المهرجان فسيكون حكراً على الموالين للنظام، ولن يستطيع أهالي حمص من المناطق الأخرى التسوق فيه بسبب الحواجز الموجودة على مداخل ومخارج كل حي هناك، والتي تقوم بالتفتيش والتدقيق وتحديداً بحقّ أبناء المناطق الثائرة على النظام سابقاً كأحياء حمص القديمة وحي الوعر.

 

 

مظاهر.. وحسبْ

أسباب عديدة إذاً تؤكّد عدم قدرة النظام فعلياً على إعادة الحياة في مناطق سيطرته إلى ما كانت عليه، رغم المهرجانات التي يستعجل إقامتها، فمع العسكرة في مدينة حماة والمناخ الطائفي والأمني في حمص يصبح الحرص على إطلاق الفعاليات السياحية ضرباً من الاستعراض والمكابرة، وفقاً لنشطاء.

لكنّ هذه الجهود التي تظهر حاليّاً تبقى مفهومة في إطار المحاولات الحثيثية لإشاعة فكرة انتهاء “الأزمة” وتخفيف الاحتقان الذي تعيشه أوساط الموالين نتيجة الظروف المعيشية السيئة وتسلّط الميليشيات والفساد.

شاهد أيضاً

قتيلان من قوات النظام السوري بهجوم لـ”داعش” بين الرقة ودير الزور

قتل عنصران من قوات النظام السوري وجرح ثالث في هجوم لتنظيم “داعش” الإرهابي ليل الجمعة …

ثاني عصيان داخل سجون “قسد” في الرقة خلال أسبوع

شهد سجن الأحداث الذي أنشأته “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، شريكة قوات “التحالف الدولي” بقيادة الولايات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *