الرئيسية / ترجمات / الأسد تحت الوصاية .. فايننشال تايمز: لا رابح في “الحرب” السوريّة

الأسد تحت الوصاية .. فايننشال تايمز: لا رابح في “الحرب” السوريّة

صدى الشام /

لم تخرج مؤشرات فعلية حتى اليوم على قرب انتهاء “الحرب” في سوريا، لكن وبالمقابل تصرّ دوائر القرار الغربية خصوصاً على التعاطي مع الواقع السوري على أساس وصول الأوضاع العسكرية إلى خواتيمها. وعلى هذا الأساس نجد حالة من الفرز القائم على حسابات الربح والخسارة مع وجود أكثر من حليف وطرف خارجي يسعى لإيجاد موطىء قدم دائمة في سوريا، لكن ومن وجهة نظر الكاتب ديفيد غاردنر، فإن ما يصطلح الإعلام الغربي على تسميه بـ “الحرب” السورية لم تنته بعد، وأي حديث عن وجود رابح- إذا ما استثنينا اللاعبين الدوليين- لا يمت للواقع بصلة، بل إن الجميع خاسرون.

وفي مقال له بصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية يشير غاردنر إلى أن الشعب السوري هو أكبر الخاسرين في هذا الصراع؛ حيث تفيد التقديرات بمقتل حوالي نصف مليون سوري فضلاً عن نزوح أكثر من 11 مليون نسمة (أي نصف السكان البالغ عددهم قبل الثورة 23 مليون نسمة)، ولا تزال أعداد القتلى والنازحين في تزايد مستمر بسبب استمرار قصف نظام الأسد للمستشفيات والأسواق في إدلب، إضافة إلى استخدام السلاح الكيميائي في الغوطة الشرقية بالقرب من دمشق.

 

بركة من الدماء

ويعتبر غاردنر أن قوات المعارضة هي ثاني أكبر الخاسرين، فقد تحولت الانتفاضة المدنية التي بدأت قبل سبع سنوات بشكل سريع إلى حرب بمجرد أن قرر الديكتاتور بشار الأسد تحويلها إلى بركة من الدماء، وتأجيج الصراع الطائفي.

ويضيف الكاتب أنه وبمرور الوقت “سيطر جهاديون على تيارات بالمعارضة، وللأسف ساعدت الولايات المتحدة ودول أوروبا على حدوث هذا التحول من خلال رفض تسليح المعارضة المعتدلة بالوسائل اللازمة للإطاحة بنظام الأسد، واعتمد الغرب على مصادر خارجية مثل قطر وتركيا لدعم المعارضة”، وأسفر ذلك عن خلق فراغ ملأته جماعات مثل “داعش” و”القاعدة”.

ويشير غاردنر إلى أن نظام الأسد، الذي كان على وشك الانهيار مرات عدة، تم إنقاذه بفضل التدخل العسكري الروسي (الجوي والبري) إلى جانب القوات البرية والميليشيات الشيعية التي وفّرتها إيران، وعلى رغم أن بشار الأسد يبدو فائزاً فإنه لا يزال تحت وصاية قوّتين: روسيا وإيران، ويرأس دولة “عاجزة” مقسمة بسن عصابات شبه عسكرية وجيوش خاصة، والواقع أن نفوذه محدود حتى مع هزيمة “داعش”.

أدوار غير مكتملة

ويتابع الكاتب أنه ومن الناحية الظاهرية “يبدو أن الأكراد السوريين استفادوا من الفوضى، حيث استولت وحدات الشعب الكردية على ربع البلاد تقريباً، بدعم من القوات الجوية الأمريكية، ولكن تركيا تدخلت بتنفيذ عملية في منطقة عفرين الواقعة تحت سيطرة الوحدات الكردية؛ من أجل إحباط الطموحات ببناء منطقة للحكم الذاتي في شمال سوريا، وذلك خشية إشعال التمرد الكردي في جنوب شرقي تركيا.

ويوضح غاردنر أن الأكراد السوريين ربما يبالغون في تقدير مدى استعداد إدارة ترامب لدعم طموحاتهم؛ حيث تفتقر الولايات المتحدة إلى وجود سياسة متماسكة إزاء سوريا، ومنذ النتائج الكارثية لغزو العراق في 2003، فقَدَت الولايات المتحدة معظم قدرتها على تشكيل الأحداث في منطقة الشرق الأوسط.

أما تركيا، فلا يمكن اعتبارها فائزة، بحسب غاردنر، إذ يصبّ التدخل العسكري التركي بشمال غربي سوريا في صالح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ حيث إن روسيا تسيطر على هذا المجال الجوي.

ويلفت غاردنر إلى أن بوتين استخدم سوريا كنقطة انطلاق لعودة موسكو كقوة عالمية بعد تراجع دور الولايات المتحدة في المنطقة.

وفي حين أن هذا الأمر يشكل فوزاً لروسيا، فإن آفاق وجودها في سوريا لا تبدو ورديّة، وخلال الأسبوع الماضي، أسقطت فصائل المعارضة في إدلب طائرة حربية روسية، وفي ما يتعلق بالقوات البرية، ينبغي على موسكو الاعتماد على الحرس الثوري الإيراني و”حزب الله” والميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية المدعومة من إيران.

ماذا عن إيران؟

وقبل أكثر من أسبوع، استضافت روسيا مؤتمراً سوريًّا للحوار في سوتشي، ولكنها لم تحقق شيئاً إزاء تشكيل مرحلة انتقالية، والتي من دونها سيكون من الصعب إعادة بناء سوريا، حيث يرفض الاتحاد الأوروبي المشاركة في العملية من دون التوصل إلى تسوية سياسية والاتفاق على مصير الأسد.

وبحسب غاردنر يبدو أن إيران تحقق مكاسب في هذا الصراع، وبخاصة في ظل استراتيجيتها الواضحة لتثبيت محور الشيعة من خلال العراق وسوريا إلى لبنان والبحر المتوسط، ومن خلال قوات الحرس الثوري الإيراني المنتشرة داخل إيران وخارجها، وقد جعلت إيران المنطقة تُدار وفق مصالحها، بيدَ أنها أيضاً خسرت الفرصة لجعل جيرانها يشعرون بالراحة إزاء صعودها كقوة إقليمية، فضلاً عن تصاعد الخلاف مع السعودية والدول العربية السنية.

ويختتم غاردنر بالتأكيد على أنه من الصعب تحديد أي فائز في كابوس “الحرب” السورية التي لا يستفيد منها سوى أمراء الحرب.

شاهد أيضاً

بلجيكا تحتجز فتاة قاصر سورية لمدّة يومين في مطار بروكسل الدولي

صدى الشام احتجزت السلطات البلجيكية، فتاة سورية قاصر تبلغ من العمر 17 عامًا، بعد وصولها …

أمضى أربع سنوات - رويترز

صحيفة: “دي مستورا” دخل في مأزق بعد إعلان استقالته

“ستيفان دي ميستورا دخل في مأزق” بحسب مقال كتبته الصحفية الروسية “ماريانا بيلينكايا ويلينا تشيرنينكو”، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *