الرئيسية / سياسي / سياسة / حوارات / السياسي الكردي صلاح بدر الدين: ينبغي عقد مؤتمر وطني جامع لمواجهة سوتشي

السياسي الكردي صلاح بدر الدين: ينبغي عقد مؤتمر وطني جامع لمواجهة سوتشي

صدى الشام _ حاوره- مصطفى محمد/

مع اقتراب انعقاد مؤتمر سوتشي، بدأت الضغوط الروسية تزداد وضوحاً على المعارضة سياسياً وعسكرياً، الأمر الذي انعكس سلباً على أداء المعارضة، وسط حديث عن انقسامات جديدة أحدثها الموقف من حضور المؤتمر.

وكما هو الحال لدى المعارضة عموماً، لا يبدو الشارع الكردي السوري بعيداً عن الانقسام في ظل منافسة بين قطبيه؛ “حزب الاتحاد الديمقراطي” و”المجلس الوطني الكردي” على تمثيل الأكراد في سوتشي.

وبالتزامن مع هذه المعطيات جاء التصعيد العسكري في محيط إدلب ليعبّر عن جانب آخر يتعلّق بالخلافات التركية- الروسية ومدى عمقها، وليعيد خلط الأوراق في مسائل عدة، من بينها العملية العسكرية التركية في عفرين، وكذلك احتمال حضور “حزب الاتحاد الديمقراطي” في سوتشي.

وفي هذا الصدد، اعتبر الكاتب السياسي الكردي صلاح بدر الدين أن عدم رغبة الأطراف الإقليمية والدولية بالتوقف عن التعامل مع المعارضة السياسية ومع الأحزاب الكردية التقليدية يجعل من صوت الشارع السوري مغيباً.

وبدر الدين الذي يترأس جمعية “الصداقة الكردية العربية” هو مؤلف وسياسي كردي معروف، تركَ العمل الحزبي منذ العام 2003، بعد أن شغل مناصب عدة في النشاط المعارض لنظام الأسد.

وفي حوار خاص مع “صدى الشام” دعا بدر الدين إلى عقد مؤتمر وطني جامع لإجراء مراجعات نقدية شاملة، بدلاً عن مواصلة حضور الاجتماعات الدولية التي لا تهدف إلّا إلى تأهيل الأسد من جديد.

وإلى نص الحوار:

– وضعَ إعلان “حزب الاتحاد الديمقراطي” عن تشكيل “جيش شمال سوريا” مؤخراً مستقبل “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على المحك، ما هي الدوافع من وراء هذا الإعلان، وهل ترون أنه بمثابة الرصاصة الأخيرة على مشروع “قسد”؟ وهل من رابط بين الإعلان عن هذا التشكيل وبين ملامح الحل في سوريا التي يتم التحضير لها في سوتشي؟

حضور”ب ي د”وانتقال القسم الأكبر من أعضائه ومناصريه ومسلحيه من خارج سوريا منذ العام الثاني لاندلاع الانتفاضة السورية كان بحسب تفاهمات مع نظام الأسد ودعم من فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني ووساطات من طرف كردي عراقي لم يكن بالحسبان، وكان حدثاً جديداً وطارئاً في الساحة الكردية السورية وقلب معادلة الوضع الكردي السوري على أعقابه، وحاول المس بمسلمات حركتنا وتقاليدها الوطنية والديموقراطية المستندة إلى وحدة النضال المشترك ضد نظام الاستبداد وإجراء التغيير من أجل سوريا تعددية تشاركية جديدة.

 انتهج ” ب ي د” نفس طريق الحزب الأم حزب العمال الكردستاني “ب ك ك” في أساليبه العنفية العسكرتارية والشمولية برفض الآخر المختلف وتخوينه والالتزام سياسياً بتحالفات إقليمية مع إيران ونظام الأسد وهما العدوان الرئيسان للشعب السوري ومن ضمنه الحركة الكردية السورية، وقد تبين أن الهّم الأول لهذا الحزب هو خدمة أجندة “ب ك ك” وتقزيم القضية الكردية في سوريا بتحويلها إلى مسألة صراع مع تركيا، أي التضحية بقضايانا في سبيل مصالح قيادة “قنديل” العسكرية الموالية لنظام إيران، وفي هذا المسار القلق البعيد عن الاستراتيجية القومية والوطنية لكرد سوريا دخل في التطبيقات التجريبية وانتقل من تسمية إلى أخرى تارة  الأمة الديموقراطية وأخرى الإدارة الذاتية وتالية “قسد” وأخيراً وليس آخراً  فيدرالية الشمال.

 طبعاً كل هذه التنقلات السريعة دليل فشل ومواجهة الأفق المسدود وتنفيذ رغبات الجهات الخارجية لقاء وعود لإشراكه في مؤتمر سوتشي بعد منعه مراراً وتكراراً من حضور جنيف.

– اعتبرتم في لقاء مع موقع “عربي21”  أن الحضور في سوتشي ليس من صالح أكراد سوريا، بالنظر إلى عدم اتفاق المكونات السورية على شكل الحل، ما هي ملامح الحل كما يراها الأستاذ صلاح بدر الدين، ولماذا لا ترون في الحضور مصلحة للأكراد؟

نحن نعتبر أن مسار سوتشي يتحكم فيه طرف معادٍ ومحتلٌ لبلادنا ولا يريد الخير للسوريين وهو من ساند نظام الاستبداد طوال السنوات الماضية وأقصد الطغمة الحاكمة في روسيا.

وباعتبارنا جزءٌ من الشعب السوري فما يسري عليه يشملنا أيضاً، ومن جهة أخرى لا بد من توحد الطرف الكردي السوري واتفاقه على تصور مشترك حول مستقبل سوريا ومصير الكرد وحقوقهم وهذا الشرط لم يتحقق حتى الآن.

 الكرد في سوريا بغالبيتهم وخاصة المستقلون والحراك الشبابي توصّلوا منذ مدة طويلة إلى قناعة أن الأحزاب الكردية السورية بمختلف مسمياتها لا تمثل الطموحات الكردية ولا تحمل المشروع القومي والوطني لذلك من العبث حضورها في أي محفل.

– طالما أن الأحزاب الكلاسيكية الكردية لا تمثل الأغلبية الكردية السورية، لماذا إذاً لم نشاهد تحركات من هذه الأغلبية، وأين دور هذه الأغلبية، وما هو دوركم بعد هذه القناعة التي توصلتم إليها؟

حالنا كحال كل السوريين، رغم فشل المعارضة بكياناتها المعروفة في تمثيل الثورة والتمسك بمبادئها وأهدافها لا نجد أية رغبة من الأطراف الإقليمية والدولية في الكف عنها أو التعامل مع بدلائها، لأنها تلبي مصالحهم وتنفذ رغباتهم.

وبالمناسبة القوى المحسوبة على أنها صديقة للشعب السوري ليست مع انتصار الثورة السورية منذ البداية ولا مصلحة لها في تحقيق أهداف الثورة وهي تتمسك علناً بالنظام بكل مؤسساته، بل تحرص عليها ماعدا الكلام اللفظي ضد شخص الأسد أحياناً.

وعلى الصعيد الكردي هناك الغالبية الوطنية تتمسك بالثورة والتغيير الديموقراطي وهي من المستقلين والشباب ومنظمات المجتمع المدني ومنذ أعوام هناك تحرك واسع ومحاولات جارية لإعادة البناء، ومن أهمها “بزاف” لإعادة بناء الحركة الوطنية الكردية السورية التي تنشط في الداخل والشتات وتدعو إلى عقد مؤتمر كردي جامع.

– يرى مراقبون أنه من دون حضور الولايات المتحدة لا يمكن بحث الملف الكردي السوري بتعقيداته الحالية، وخصوصاً أن النظام ومن خلفه روسيا لا يملكان أوراقاً كافية لمناقشة هذا الملف، وهنا نسأل ما هو سبب إصرار روسيا على دعوة “حزب الاتحاد الديمقراطي” إلى المؤتمر بالرغم من معارضة أنقرة لذلك؟

إن روسيا كراعية لمؤتمر سوتشي من مصلحتها حضور ممثلي أمريكا وأوروبا والأمم المتحدة وكل الأطراف الإقليمية المعنية وذلك لإنجاحه تحت غطاء دولي.

ومن جهة أخرى ما يربط روسيا بتركيا، أو بالعكس، ليست مبادئ واستراتيجيات ثابتة بل مصالح وقتية، لذلك نجد علاقة الطرفين هشة ويمكن أن تتعرض في أي وقت إلى التردي والتراجع.

وعلى ذلك لا أستبعد حدوث صفقات جانبية وثنائية، وبالنسبة للأحزاب الكردية الفاشلة والباحثة عن دور لها فهي مستعدة للتجاوب بأي شكل كان فهي سهلة المنال والانقياد كونها غير مقبولة داخلياً وتبحث عن مضادات حيوية خارجية.

– قلتَ إن العلاقة التركية- الروسية ليست نتاج استراتيجيات ثابتة، وهذا يدفعنا إلى  التساؤل عن التصور الأمريكي لإدارة المناطق التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية”، وهل من الممكن أن يؤدي هذا التصور إلى صدام دائم مع تركيا؟

تركيا ترتبط حتى اللحظة بعلاقات تحالف عبر حلف الناتو بأمريكا، إضافة إلى المصالح الاقتصادية الهائلة بين البلدين، وبالنسبة للإدارة الذاتية  أعتقد أن الأمريكان وجدوا فيها وفي “ب ي د” ضالتهم لإيجاد وتثبيت موطئ قدم رغم الاختلاف في المفاهيم السياسية، ونتذكر كيف أن الأمريكان تعاونوا مع قاسم سليماني وما زالوا في العراق لمواجهة “داعش”، وهناك مصالح متبادلة بين الطرفين الأمريكي و “ب ي د” قد تكون على الأغلب وقتية ومحدودة الأجل، إضافة أن الروس والأمريكان على تفاهم بهذا الخصوص ولهما علاقات في الوقت ذاته مع الطرف ذاته.

– قبل أيام قال نصر الحريري إن “الهيئة العليا للمفاوضات” لم تحسم بعد أمر مشاركتها في سوتشي، برأيكم لماذا هذا التردد للآن، وما هي النتائج التي ستجنيها المعارضة في حال المشاركة، وما الخسائر التي قد تترتب على عدم المشاركة؟

عوّدتنا معارضتنا من المجلس إلى الائتلاف إلى الهيئة التفاوضية على اللف والدوران والتراجع، وفقدت مصداقيتها واحترامها ليس لدى شعبنا فحسب بل حتى لدى أطراف إقليمية ودولية، وهي متورطة بإفشال الثورة وعدم تمثيلها والتخلي عن أهدافها منذ أن وافقت على اتفاقيات وقرارات فيينا وجنيف، ومنذ أن قبلت بوجود مؤسسات النظام والتحاور معه والمشاركة في مؤسساته – إن قبل هو- وفوق كل ذلك رفضها إجراء مراجعة نقدية والعودة إلى الشعب عبر مؤتمر وطني سوري جامع.

– يُجمع مراقبون على القول إن سوتشي لن يساهم في الحل الذي يريده الشعب السوري وخصوصاً المطالب بالحرية والكرامة، بالمقابل يبدو أن مسار جنيف لن يحقق شيئاً هو الآخر، برأيكم ما الذي على المعارضة فعله حتى تتجنب أفخاخ سوتشي، وهل من الواجب اليوم الدعوة إلى عقد مؤتمر جامع؟

نعم، الحل البديل هو العودة للشعب والاتفاق على تشكيل لجنة تحضيرية نزيهة ومستقلة تمثل المكونات والتيارات الوطنية للإعداد لعقد المؤتمر الوطني السوري الجامع لمراجعة ما حصل وصياغة البرنامج السياسي التوافقي وانتخاب مجلس سياسي-عسكري لمواجهة تحديات السلم والمقاومة، خاصة إذا علمنا أن مشاريع المؤتمرات التي تقف من ورائها قوى محتلة وأطراف خارجية لا تريد الخير للسوريين وتبحث عن حصص لإعمار ما خربته لن ينتج عنها أي حل للقضية السورية كما يريدها الشعب السوري.

– برأيك هل هناك توافق ضمني دولي على إطلاق يد النظام إلى الحدّ الأقصى، ومنحه الفرص الأكبر من خلال المؤتمرات المتتالية، حتى يتمكن من السيطرة على كل المناطق الخارجة عن سيطرته؟

كما ذكرت سابقاً ليس في نية المجتمع الدولي تغيير النظام، والمحتل الروسي يصرّ على إعادة تسويقه وتأهيله لأنه يشكل الضامن للنفوذ الروسي بسوريا، ولا أستبعد أن يستمر النظام في ارتكاب المجازر والتدمير حتى يسيطر على كل المناطق.

– بالانتقال إلى شأن ميداني، تبدو المعارك اليوم التي تشهدها مناطق متعددة في محيط إدلب وكأنها تعكس خلافاً إقليمياً بين الدول الضامنة لاتفاق “خفض التصعيد”، وهنا نسأل كيف تنظرون إلى التحركات الأخيرة وخصوصا فيما يتعلق بدعم المعارضة، برأيكم هل تسعى تركيا لتدارك موقفها الضعيف كما يبدو، أو أن تحركها يأتي ضمن صفقة متعلقة بعفرين وغيرها؟

ما يجري في إدلب إضافة إلى أنه يستهدف من بقي حياً من السوريين فإنه انعكاس لصراع إقليمي دولي وفضيحة للأطراف الموقّعة على قرارات أستانا، وخطط “خفض التصعيد” وتعرية لاتفاقات مصلحية وقتية كما ذكرت آنفاً، وكما أرى فان الخاسر الأكبر هو الشعب السوري يليه الطرف التركي الذي يبدو أن سيخرج من المولد بدون حمص بسبب انشغاله بأمور جانبية وترك المجال لروسيا وإيران والنظام لتنفيذ خططهم، وبسبب تلك الانشغالات التركية غير المفهومة ضاعت حلب وإدلب على الطريق.

– قبل التصعيد الأخير أكدت وسائل إعلام أن تركيا بصدد وضع اللمسات الأخيرة على خطط دخول عفرين، هل تعتبرون أن معارك إدلب والتصعيد الأخير وما يظهر من خلاف تركي روسي قد قطع الطريق على سيناريوهات تركيّة عسكرية في سوريا؟

تركيا لن تستطيع احتلال أي جزء من سوريا وخاصة عفرين فهي تختلف من حيث القوة العسكرية والدور والحوافز والأسباب والإرادة الدولية والتغطية عن روسيا كدولة محتلة، ودخول عفرين لن يفيد تركيا بل سيسيء إلى الشعب الكردي وسيعمق العداء، وأهل عفرين المسالمين غير مسؤولين عن مواقف وتصرفات الأحزاب الكردية وبينها “ب ي د”؛ هذا إن كان هناك فعلاً عداء تركي مع هذا الحزب، ثم إنه هناك تضخيم غير مبرر لمسألة الانفصال الكردي والوصول إلى البحر، وغير ذلك من الأوهام.

شاهد أيضاً

لماذا سخر المغردون من احتفال نظام الأسد بيوم جلاء المستعمر الفرنسي؟

احتفل النظام السوري -أمس الأربعاء- بالذكرى رقم 78 لـ يوم الجلاء، والذي يوافق 17 أبريل/نيسان …

أي مستقبل لـ”تحرير الشام” والتيار الجهادي في سورية؟

مع أفول تنظيم داعش بسقوط آخر معاقله في بلدة الباغوز، شرقي سورية، في مارس/آذار 2019، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *