الجزيرة/
بمزيج من الدهشة والاستغراب تناولت الصحف الفرنسية ما جرى في السعودية أمس من اعتقالات، فطفقت تصفه بــ”المدهش” و”المذهل” و”التطهير” و”التنظيف بالمكنسة الكهربائية” الذي وصل مستويات “لا تصدق”، فيما أرجعت إحداها سبب موجة الاعتقالات تلك إلى خطة مبيتة “للإطاحة بالرؤوس المزعجة”.
ففي صحيفة لوفيغارو قال الصحفي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط جورج مالبرينو إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان شرع في تنظيف هائل طال أمراء فاسدين من عائلة آل سعود كما شمل معارضين سياسيين محتملين لطموحات بن سلمان.
وأضاف أن ما حصل لم يسبق له مثيل في تاريخ آل سعود، إذ كانوا يؤثرون إبرام الصفقات على استخدام العصا، لكن يبدو أن “بن سلمان جعل حدا لتلك الرأفة”.
وينقل مالبرينو عن رجل أعمال فرنسي -على دراية بالشؤون السعودية- لم يفق بعد من هول الصدمة قوله “لقد طال الاعتقال كل أصحاب الثروات العظيمة بالمملكة.. فبن سلمان هو في الواقع بوتين السعودية في تحطيمه للقلة القليلة التي يمكن أن تقف في وجهه”.
وتوقع الكاتب أن يكون هذا هو آخر عمل كبير يقوم به بن سلمان قبل تسلمه السلطة بشكل رسمي، غير أن مفاجئات بن سلمان قد لا تقتصر على ذلك.
التنظيف بالمكنسة الكهربائية:
ودفعت سرعة وشمولية هذه الاعتقالات صحيفة ليبراسيون إلى وصف ما جرى بــ”التنظيف بالمكنسة الكهربائية” و”الصاعقة المدوية في سماء بلد لم يعتد العواصف الرعدية”.
مما يعني أن المفاجأة كانت كبيرة جدا وهو ما عبر عنه الأخصائي في شؤون المملكة العربية السعودية والأستاذ في جامعة سيانس بو المرموقة ستيفان لاكروا بقوله: “لقد أخذ النظام السعودي برمته على حين غرة بسرعة وعنف تصرفاته، فلا شيء يقف أمامه، إذ استطاع في أقل من عامين أن يقضي على كل البؤر في العائلة المالكة وخارجها.”
فوتيرة الاضطرابات، حسب الصحيفة، في عهد هذا الرجل مذهلة، ولا يمر أسبوع بدون إعلان رئيسي يهز الاقتصاد أو المجتمع، ناهيك عن الحرب في اليمن أو الأزمة مع قطر، “مما ترك المجتمع السعودي، الذي لم يعتد التغييرات المفاجئة، في حالة صدمة، ففي مملكة النوم العميق لا يكاد يقع أي حدث سياسي يذكر، اللهم إلا موت ملك عجوز وتولي آخر مكانه”. حسب رجل أعمال عربي بالرياض اشترط عدم ذكر اسمه.
ولا ترى صحيفة لاتريبيون فيما أقدم عليه بن سلمان سوى مسعى لخنق النزاعات الداخلية قبل أي نقل رسمي للسلطة إليه من قبل والده الملك سلمان البالغ من العمر 81 عاما.
وقارن الدبلوماسي ميشل فوشية في صحيفة ليزيكو بين ما جرى في السعودية وما شهدته الصين من قبل في نفس الإطار قائلا إن “الغرض منه هو القضاء على المنافسين والمعارضين”.
وهو ما عبرت عنه صحيفة لاكروا بقولها “السعودية تقضي على الرؤوس المزعجة”، وأوردت في هذا الصدد تعليقا للأستاذ بجامعة سيانس بو المرموقة بباريس ستيفان لاكروا على بن سلمان حيث يقول: “محمد بن سلمان يحلم بأن يصبح مستبدا مستنيرا، في الوقت الراهن هو مستبد، والدهر كفيل بجعله يظهر إن كان مستنيرا أم لا”.
وقدوة الرياض في ذلك، حسب الأستاذ هو دولة الإمارات العربية المتحدة، التي يرى لاكروا أنها “في الوقت نفسه البلد الأكثر انفتاحا، والأكثر كفاءة من الناحية الاقتصادية ولكنه أيضا الأكثر استبدادا”.