الرئيسية / منوعات / رياضة / كيف حوّل “الفيلسوف” مان سيتي إلى فريق مرعب؟

كيف حوّل “الفيلسوف” مان سيتي إلى فريق مرعب؟

صدى الشام- مثنى الأحمد/

عندما قررت إدارة مانشستر سيتي التعاقد مع “بيب غوارديولا” لم يكن هدفها التأهل إلى دوري أبطال أوروبا لأن ذلك كان يحصل موسماً تلو الآخر مع “مانويل بيليغريني”، كما أن الحصول على الألقاب المحلية لم يَعُد يشغل تفكيرها نظراً لأن هذا الهدف تحقق مع “روبيرتو مانشيني”، لكن الهدف الرئيس كان يتعلق بصنع شخصية وحضور للفريق داخل المستطيل الأخضر محليًا وأوروبيًا، وعبر هذا الطريق يقبض الفريق على البطولات.

وكان مسؤولو سيتي يرون أن تضافر عبقرية “غوارديولا” في مجال التدريب مع الدعم المالي الهائل الذي سيُوَفّر له، من شأنه أن ينتج فريقاً يثير الرعب لدى بقية الأندية داخل إنجلترا وخارجها، إلا أن البداية كانت مخيبة للآمال إلى حدٍ ما، فما حققه الفريق السماوي خلال الموسم الماضي لم يرتقِ لمستوى التوقعات، وذلك بعد احتلاله المركز الثالث في الدوري الممتاز والخروج من الدور الثاني في مسابقة دوري الأبطال.

هذه النتائج فتحت باب الانتقادات والتشكيك بقدرة المدرب الإسباني على تحقيق الهدف الذي تصبو إليه إدارة السيتي، على اعتبار أن “غوارديولا” لم يُبدِ أية مرونة في أسلوب لعبه الذي لا يلائم الخطط الإنجليزية المعتمدة على اللعب السريع والهجوم المباشر، بدلاً من الاستحواذ على الكرة والوقوع تحت رحمة نجاعة المهاجم أمام المرمى كما هو الحال مع خطط “بيب”.

رد “غوارديولا” على التشكيك لم يتأخر كثيرًا وجاء بشكل أبهر المنتقدين له قبل المحبين لأسلوبه، فسيتي هذا الموسم بدا وكأنه الفريق الذي لا يقهر ولا يرحم شباك خصومه التي اتخمها بـ 32 هدفًا بعد تسع جولات فقط في الدوري الإنجليزي، إضافةً إلى 8 أهداف أحرزها في شباك منافسيه الأوروبيين خلال ثلاث جولات من دوري أبطال أوروبا، الأمر الذي جعل الفريق يحتل الصدارة محلياً وأوروبياً إلى جانب أداء لافت يذكّرنا بشكل أو بآخر بالفترة التي قضاها “بيب” مدربًا لبرشلونة في 2008 و2009.

هذه الانطلاقة القوية – التي حقق خلالها فريق “غوارديولا” عشرة انتصارات وتعادلاً وحيداً دون خسارة في جميع المسابقات- تجعلنا نرى في سيتي دون شك المرشح الأول للظفر بجميع الألقاب نهاية الموسم، وفي الوقت ذاته يدفعنا ذلك إلى رصد أبرز النقاط التي عمل عليها “الفيلسوف” حتى أحدث انقلاباً في حال فريقه مقارنة بما كان عليه الموسم الماضي.

 

التعلم من الأخطاء

رغم كل ما أنجزه في عالم التدريب إلا أنه يعاب على “غوارديولا” عناده وتشدده في تطبيق أفكاره على العشب الأخضر دون أي تغيير، الأمر الذي كان يجعل من فِرقه وكأنها تسير على حافة جبل شاهق ليصبح الوصول إلى القمة ذروة النجاح، والسقوط كارثةً حقيقية.

هذا العناد جعلنا نشاهد سيتي يبهر ويحقق انتصارات عريضة على فرق ليست سهلة تارةً، وتارةً أخرى يسقط بنتائج كارثية كالتي حصلت أمام إيفرتون حينما هزمه برباعية، وهذه النتيجة تكررت أمام ليستر سيتي أيضًا، في حين أقصاه موناكو الفرنسي بثلاثية في “تشامبيونزليغ”.

في الموسم الفائت كان “غوارديولا” يُصر على التكتيك المعروف نفسه والذي يدير به كل مباراة يلعبها حتى أمام الفرق التي استطاعت حينها التغلب على هذا التكتيك دون أن يُحاول تغييره لاستدراك الموقف، الأمر الذي جعل من سيتي متذبذب النتائج وليفقد الكثير من النقاط.

خلال مباريات الموسم الحالي تبدّل الوضع ولاحظنا أن “غوارديولا” نجح في تغيير رؤيته، مركزًا على  تسجيل الأهداف من خلال تطوير الفكر الجماعي للفريق بالاعتماد على الاستحواذ الناجح الذي يوفر أفضل الوضعيات للمهاجمين لهزّ شباك الخصم، لكنّ ذلك لم يكن ليتحقق لولا اتباع “بيب” فلسفة جديدة تجعل عملية التهديف للقادمين من الخلف أكثر سهولة ويُسر، بعكس ما كان يحدث في الموسم الماضي باللعب على الاستحواذ وحسب الذي دفع الفريق ثمنه غالياً في أكثر من مباراة.

 

 

التركيز على نقاط الضعف

لم يغب عن “غوارديولا” حجم الخلل الذي يعانيه فريقه في خطه الخلفي، ومن هنا بدأت الانطلاقة الحقيقية للمدرب في تعديل مسار الفريق نحو نتائج وأداء أفضل، بالاعتماد أولاً على تطوير أداء قلبي الدفاع “جون ستونز” و”أوتامندي”، والتعاقد مع أسماء كبيرة تلعب على الأطراف ثانيًا.

ومما ساهم في تطوير أداء الفريق، تعاقد سيتي مع البرازيلي “دانييلو” والفرنسي “بنجامين ميندي” فضلاً عن وجود الإنجليزيين “كايل والكر” والصاعد “إريك بالمر براون”، والاعتماد على لاعب ارتكاز قوي بقيمة “فيرناندينيو”.

ولا ننسى أيضًا استقدام “غوارديولا” للحارس البرازيلي المتميز “إيدرسون مورايس” الذي يقدم مستوى مميز توّجه بالتصدي لعدة ركلات جزاء كان آخرها لـ “دريس ميرتينز” مهاجم نابولي في الجولة الثالثة من دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا، ليأخذ مكانه أساسيًا في الفريق عوضًا عن “كلاوديو برافو” الذي سبق وتسبب بخسارة سيتي للعديد من المباريات في الموسم الماضي نتيجة أخطائه الكارثية.

الشكل الحالي لخط دفاع السيتي جعل من الفريق صاحب أقوى دفاع بالدوري الإنجليزي بتلقيه 4 أهداف في ثماني جولات وذلك بالتساوي مع مانشستر يونايتد، كما أنه لم يدخل في مرمى السيتي أوروبيًا سوى هدف وحيد جاء في الجولة الأخيرة بقدم “أمادو دياوارا” لاعب نابولي الإيطالي.

وإذا ما استمر الأداء الدفاعي للسيتي بهذا المستوى فبالتأكيد سيكون لذلك نتائجه في نهاية الموسم، على عكس ما حدث الموسم الماضي، الذي تلقى فيه “برافو” 39 هدفًا في 38 مباراة بالدوري.

 

رؤية هجومية جديدة

في نقطة أخرى تؤكد تغيير “غوارديولا” فلسفته التدريبية، بدأنا نشاهد المدرب الإسباني يلعب بمهاجمَين اثنين هما الأرجنتيني “سيرجيو أغويرو” والبرازيلي الشاب “غابريل خيسوس”، وهذا ما لم يعودنا عليه “بيب” سابقًا إذ كان دائمًا يفضل اللعب بمهاجم واحد مثلما فعل خلال فترة تدريبه لبايرن ميونخ واعتماده على البولندي “روبرت ليفاندوفيسكي” وحيدًا في المقدمة، أو اللعب دون مهاجم صريح أساساً كما هو الحال مع برشلونة.

وحتى في الموسم الفائت مع سيتي كانت خطط “غوارديولا” تعتمد على مهاجم وحيد هو “أغويرو” في البداية، ثم “خيسوس” لاحقاً.

هذا التحوّل بأسلوب لعب الخط الأمامي جعل سيتي يتواجد بشكل مكثف أكثر في منطقة دفاع الخصم، مع مساندة فعالة من الأجنحة ولاعبي خط الوسط الذين أصبحت خياراتهم في تمرير الكرة كثيرة مع وجود لاعبين اثنين في المقدمة، هذا إلى جانب الانسجام الكبير بين المهاجمين وتبادلهم للمراكز باستمرار مما يصعب مهمة الخصم في السيطرة عليهم. وبالمحصلة استطاع سيتي أن يبني قوة هجومية ضاربة قادرة على دك أكثر خطوط الدفاع صلابةً في أوروبا.

 

دماء شابّة

من أهم نقاط قوة سيتي هذا الموسم اللياقة العالية التي ظهر عليها عناصر الفريق في مبارياته، إذ لم نعد نشاهد في الفريق لاعباً متعباً وفاقداً لقوته البدنية مع اقتراب المباراة من نهايتها (مع الأخذ بالاعتبار أن هذه الناحية تبقى محل تقييم كون الموسم ما زال في بدايته)، وباتت حيوية اللاعبين والرغبة بتسجيل الأهداف لآخر ثانية علامةً واضحة لدى الفريق.

ويرى الفنيون والمراقبون للدوري الإنجليزي وأنديته أن السبب في ظهور سيتي بهذه الحالة الأكثر حيوية يعود إلى عمل “غوارديولا” على خفض معدل أعمار اللاعبين بالفريق، إذ كان سيتي يعاني في الموسم الماضي من تجاوز معدل أعمار لاعبيه لسن الـ 29 عاماً، وهو المعدل الأعلى بين الأندية العشرة الأولى في أوروبا بحسب صحيفة “ميرور” البريطانية.

وبما أن العامل البدني هو المؤثر الأول على الجانب الذهني للاعبين والفريق ككل، فقد قام “غوارديولا” بالاستغناء عن عدة لاعبين ممن تجاوزت أعمارهم 30 عاماً كالظهيرين “كولاروف” و”بابلو زاباليتا”  والجناح “خيسوس نافاس” والمدافع الآخر “باكاري سانيا” ومواطنه “غايل كليشي”، واستبدالهم بلاعبين أصغر سناً وأكثر حيوية.

 

الحلم يكبُر

استطاع سيتي في آخر مباراة خاضها بالدوري الإنجليزي الممتاز أن يهزم بيرنلي بثلاثية نظيفة بعد أن كان قد فاز على ستوك سيتي بسباعية، وقبله كان واتفورد الضحية بسداسية نظيفة، كما انتصر في وقت سابق على ليفربول بخماسية، مسجلاً حتى الآن 32 هدفاً في الدوري، وهو أعلى معدل تهديفي للفريق منذ 123 عاماً.

كل النقاط السابقة تبشر أنصار مانشستر سيتي بلقب خامس في الدوري المحلي، بعدما أن كان قد توج به في موسم 1936-1937 وذلك لأول مرة في تاريخه، أما المرة الأخيرة التي حققه فيها فكان في موسم 2013-2014، واليوم يكبر الحلم بتحقيق الإنجاز المنتظر ألا وهو الفوز بدوري أبطال أوروبا، تحت قيادة فيلسوف الكرة الحديثة “بيب غوارديولا”.

شاهد أيضاً

كاد يموت بسبب التنس.. حازم ناو لاعب سوري فر من الحرب فتألق في ألمانيا

تمثل لعبة التنس للسوري حازم ناو أهمية كبيرة لدرجة أنه اقترب من الموت بسببها، فعندما …

الهلال السعودي يتعاقد مع نجم وسط لاتسيو

أبرم نادي الهلال السعودي اتفًاقا لضمّ لاعب وسط لاتسيو الإيطالي، الصربي سيرغي ميلينكوفيتش-سافيتش حتى العام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *