الرئيسية / سياسي / سياسة / مَن يتواطأ مع “داعش”؟

مَن يتواطأ مع “داعش”؟

صدى الشام _ عدنان علي/

طويت صفحة معركة الرقة أو تكاد، باستسلام من تبقى من مقاتلي تنظيم “داعش” والقضاء على من رفض الاستسلام منهم من المقاتلين الأجانب، في حين يتواصل التنافس بين القوى المتحاربة على ما تبقى من تركة التنظيم وخاصة حقول النفط ومناطق الحدود ومراكز المدن.

وفي آخر معاركها بالرقة، أطلقت قيادة “غرفة عمليات غضب الفرات” التابعة لميليشيات “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) معركة جديدة ضد تنظيم “داعش” في الأحياء المتبقية بيد التنظيم وهي: الأكراد، القطار ، حي البريد (الحرية)، السخاني، البدو، الأندلس والمطحنة.

وقالت القيادة في بيانها إنها تسيطر حالياً (لحظة إعداد التقرير) على 90% من مساحة مدينة الرقة، معلنة بدء “معركة الشهيد عدنان أبو أمجد” التي تستهدف إنهاء وجود التنظيم داخل المدينة، بعد أن نجحت جهود مجلس الرقة المدني ووجهاء وشيوخ المحافظة في إجلاء المدنيين المتبقين من المدينة، وضمان استسلام ٢٧٥ من عناصر التنظيم مع عائلاتهم، وقال البيان إن المعركة سوف تستمر “حتى تطهير كامل المدينة من الإرهابيين الذين رفضوا الاستسلام، ومن بينهم الإرهابيون الأجانب، ممن أصروا على الاستمرار في قتالهم اليائس”.

أكثر من رواية

 وجاء إعلان “قسد” عن تواصل المعركة ضد المقاتلين الأجانب في “داعش” في المدينة متضارباً مع أنباء عن خروج عدد من هؤلاء المقاتلين من الرقة بموجب اتفاق سابق تم التوصل إليه، وبحسب المسؤول في مجلس الرقة المحلي عمر علوش، فإن “قسماً من الأجانب خرجوا”، لكنه لم يكن بوسعه تأكيد عدد المقاتلين الذين تم إجلاؤهم ولا الوجهة التي نقلوا إليها، مشيراً إلى أن الذين بقوا لا يريدون الاستسلام .

من جهته توقع الكولونيل رايان ديلون، المتحدث باسم التحالف “قتالاً صعباً في المدينة خلال الأيام المقبلة، ما يجعل من الصعب تحديد موعد نهائي لهزيمة داعش التامة في الرقة”.

وبحسب مصادر محلية، فإن الاتفاق مع “داعش”  قضى بالسماح لعناصر التنظيم السوريين بالخروج مع عائلاتهم إلى ريف دير الزور الشمالي، بينما رفضت العناصر الأجنبية المقدر عددهم بين 150 و200 عنصر  الاستسلام، وطالبوا بتأمين نقلهم إلى مناطق سيطرة التنظيم في ريف دير الزور.

وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان، أنَّ مسلحي تنظيم “داعش” الأجانب في مدينة الرقة، لم يخرجوا إلى الآن من المدينة، وما يُعيق خروجهم هو وجود المُخطِّط لهجمات العاصمة الفرنسية باريس، داخل المدينة، ورفض المخابرات الفرنسية لخروجه، مشيراً إلى أنَّ مسلحي التنظيم المحليين خرجوا من مدينة الرقة مع عوائلهم ومن تبقى من المدنيين.

وتشن “قسد” بدعم من التحالف الدولي منذ السادس من حزيران الماضي عملية عسكرية ضد تنظيم “داعش” في مدينة الرقة، تسببت أيضاً في تدمير معظم أحياء المدينة ومقتل وتهجير آلاف المدنيين، وما يزال هناك بضعة آلاف من المدنيين محاصرين داخل المناطق التي يسيطر عليها “داعش”، ويتخذهم التنظيم دروعاً بشرية.

المعارك شرقاً

في غضون ذلك، سيطرت قوات النظام على مدخل مدينة دير الزور الشمالي وقرية الحسينية شمال غربي المدينة غربي نهر الفرات، ما يسهم في إطباق الحصار على عناصر “داعش” داخل أحياء المدينة الخاضعة للتنظيم، وذلك بعد أن استهدفت قوات النظام تلك الأحياء بعشرات القذائف المدفعية والصاروخية في محاولة منها للتقدم إليها، فيما شنّت مقاتلات نظام الأسد عشرات الغارات الجوية على مناطق متفرقة في آخر معاقل التنظيم بريف دير الزور الشرقي، ما تسبب بسقوط مزيد من القتلى في صفوف المدنيين، وشهدت بلدات “محكان وشحيل والقورية” حركة نزوح كبيرة في الأيام القليلة الماضية نتيجة اقتراب العمليات العسكرية منها، وغارات النظام وروسيا على المنطقة، حيث ذكرت مصادر محلية أنها باتت خالية تقريباً من المدنيين.

وكانت قوات النظام سيطرت في وقت سابق على مدينة الميادين شرقي مدينة دير الزور عقب اشتباكات مع تنظيم “داعش”، ورغم استمرار العمليات العسكرية في أطراف مدينة الميادين الشمالية بالقرب من ضفاف الفرات، إلا أن قوات النظام ومصادر إعلام روسية أعلنت سيطرتها الكاملة على المدينة، ورجّحت مصادر عسكرية في قوات نظام الأسد أن تتوجه الأخيرة بعدها إلى مدينة البوكمال في أقصى شرقي دير الزور على الحدود العراقية.

ومع هذه التطورات، انحسر التنظيم في ريف دير الزور الشرقي في مساحة لا تتجاوز 14 ألف كم مربع، حيث تعد البوكمال والعشارة أكبر معاقل التنظيم حالياً في سوريا.

مزاعم وحقائق

في الأثناء، تصاعدت الاتهامات بين الأطراف المختلفة بالتواطؤ مع تنظيم “داعش”، واتهمت وزارة الدفاع الروسية الجانب الأمريكي مجدداً بالتواطؤ مع “داعش” وتسهيل مرور مقاتليه إلى مناطق سيطرة قوات نظام الأسد، بينما تدور شبهات حول تواطؤ مماثل لقوات النظام مع عناصر التنظيم، وتسهيل مرورهم إلى مناطق سيطرة المعارضة في ريف حماة الشرقي.

وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، إن “قاعدة التنف الواقعة على الحدود السورية الأردنية باتت عائقاً أمام القضاء على تنظيم داعش، وأنها تحوّلت إلى ثقب أسود”.

وأضاف في بيان له أن نحو 600 مسلح خرجوا على متن سيارات رباعية الدفع، أمام أعين العسكريين الأمريكيين، من منطقة التنف باتجاه غرب سوريا إضافة إلى قافلتي معدات طبية.

ورأى المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية أن الجانب الأميركي يحاول إفشال الهدنة في منطقة خفض التصعيد الجنوبية في سوريا، محذراً من أن مسؤولية تخريب العملية السلمية في سوريا سيتحملها الطرف الأمريكي فقط.

ومقابل، هذه الاتهامات الروسية، تحدثت مصادر محلية عن ملابسات وصول تنظيم “داعش” في الآونة الأخيرة، إلى مدينة القريتين بريف حمص الشرقي.

وأوضحت المصادر أن التنظيم سيّر رتلاً يضم دبابات وعربات ثقيلة من أطراف مدينة السخنة، وحتى مدينة القريتين شرقي حمص، دون أية ضربات للطيران الروسي، أو معارك مع قوات النظام، لمسافة تمتد لنحو 150 كم، ولفتت المصادر إلى أنه بالتوازي مع ذلك، نشطت خلايا نائمة للتنظيم في المدينة وأطرافها ما مكَّنَ التنظيم من طرد قوات النظام بشكل كامل من المدينة.

ويؤكد ناشطون تواطؤ قوات النظام مع عناصر التنظيم من خلال السماح بمرورهم الآمن من المناطق التي تحاصرهم فيها في عقيربات شرقي حماة إلى منطقة الرهجان في الشمال السوري والواقعة تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام” وأكثر من عشرة قرى محيطة بها.

وفي السياق، تحدث تقرير نشرته “رويترز” عن تعاون وثيق بين “داعش” ونظام الأسد لتسويق محصول القمح في الجزيرة السورية، ونقلت الوكالة عن مزارعين قولهم إن تجاراً يعملون لحساب رجل الأعمال وعضو مجلس الشعب التابع للنظام حسام قاطرجي، كانوا يشترون القمح من المزارعين في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم وينقلونه إلى دمشق، وسمح ذلك للتنظيم بأخذ حصة من القمح.

عملية إدلب وعفرين

وفي الشمال السوري، ثبّتت القوات التركية نقاط مراقبة في محيط إدلب في إطار الإشراف على تطبيق اتفاق “خفض التصعيد” الذي أقرته اجتماعات أستانا، وذلك بعد دخول وحدات من الجيش التركي إلى المنطقة.

وبحسب بيان لرئاسة الأركان التركية فإن عناصر القوات المسلحة التركية بدأت بتشكيل نقاط مراقبة في منطقة “خفض التصعيد” في إدلب بهدف تهيئة ظروف مناسبة من أجل ضمان وقف إطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين وإعادة النازحين.

وقالت مصادر محلية إن “هيئة تحرير الشام” سلمت ثلاث نقاط للجيش التركي في محيط عفرين، بموجب اتفاق بين الطرفين.

ويحظى جبل الشيخ بركات بموقع استراتيجي غربي حلب، حيث يطل على ريفي حلب الغربي والشمالي الشرقي، ويكشف مدينة عفرين التي تخضع لسيطرة القوات الكردية، إضافةً إلى بلدتي نبل والزهراء اللتين يسيطر عليهما نظام الأسد.

وأوضحت المصادر أن الجيش التركي انتشر حتى الآن على طول خط المواجهة مع القوات الكردية، متوقعة أن ينتشر أيضاً في مناطق الراشدين وخان طومان والطامورة في ريف حلب الغربي.

ويرى المراقبون أن نقاط المراقبة التي أقامتها القوات التركية في تلك المنطقة تُمكنها من التحكم بمرور القوافل العسكرية والتجارية في منطقة شاسعة تصل إلى المناطق الكردية وسهول عفرين، وتَحوْل دون تمدد الميليشيات الكردية باتجاه ريف حلب الغربي وريف إدلب المجاور.

 من جهته، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الأمور تسير في إدلب على ما يرام، مؤكداً أن تركيا أحكمت سيطرتها في محيط مدينة عفرين، وقال أردوغان أن بلاده لن تتسامح مع أي خطأ صادر من عفرين وستتخذ الخطوات اللازمة في عفرين ومنبج إذا لزم الأمر، في إشارة إلى المدينة الأخرى التي سيطرت عليها الوحدات الكردية بريف حلب الشرقي في وقت سابق.

وقال مراقبون في الشمال السوري إن الخطوات التركية الأخيرة تركت بعض الارتياح في المنطقة بعد أيام وأسابيع من الحذر والقلق عاشتها مناطق الشمال بشأن طبيعة العملية العسكرية التركية في إدلب، وما إذا كانت ستشتمل على تصادم عسكري مع “هيئة تحرير الشام” القوة المسيطرة في إدلب، مع ما يعني ذلك من عمليات قصف وتهجير.

وفيما تقول تركيا إن نشر قواتها في الشمال السوري يأتي في إطار الإشراف على تطبيق اتفاق “خفض التصعيد”، شككت مصادر نظام الأسد بذلك، معتبرة أن لتركيا أهدافاً خاصة بها، بعيداً عن اتفاق أستانا.

وفي هذا السياق، اعتبر وزير خارجية النظام وليد المعلم في تصريحات أدلى بها قبل يومين عقب اجتماعه مع نظيريه الروسي سيرغي لافروف، أن ما يجري في إدلب هو “جزء من تسوية الأوضاع بين تركيا وأدواتها، ونحن ما زلنا وسنظل نعتبر الوجود التركي في سوريا غير شرعي”، وأضاف المعلم: “الأتراك يقولون إن وجودهم يجري في ظل أستانا، ولكن أنا فهمت اليوم أنه لا علاقة لأستانا بهذا العمل التركي، ولذلك فإن أي إجراء لا ينسق مع الحكومة السورية هو إجراء عدواني ولا نعترف بشرعيته”.

ويرى مراقبون أنه إضافة إلى المساهمة في الإشراف على تطبيق اتفاق “خفض التصعيد” وفق مقررات أستانا، فإن تركيا تراقب باهتمام كبير محاولات التمدد الكردية على حدودها الجنوبية، لجهة محاولة إنشاء كيان مستقل أو محاولة الوصول إلى البحر المتوسط.

شاهد أيضاً

لماذا سخر المغردون من احتفال نظام الأسد بيوم جلاء المستعمر الفرنسي؟

احتفل النظام السوري -أمس الأربعاء- بالذكرى رقم 78 لـ يوم الجلاء، والذي يوافق 17 أبريل/نيسان …

أي مستقبل لـ”تحرير الشام” والتيار الجهادي في سورية؟

مع أفول تنظيم داعش بسقوط آخر معاقله في بلدة الباغوز، شرقي سورية، في مارس/آذار 2019، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *