صدى الشام /
لم تستطع التصريحات التركية التي رافقت الإعلان عن بدء التحرك العسكري نحو إدلب أن تحيط بالصورة كاملةً، بسبب التركيز على الخطوط العريضة المرتبطة بهواجس أنقرة وطموحاتها من جهة، بالإضافة لعوامل تتعلق بطبيعة العملية وتعقيداتها من جهة ثانية.
هذا الواقع أبقى مجموعة من التفاصيل خارج التداول العام، فحاول الكاتب الصحفي التركي محمد آجيد، وضع النقاط على الحروف، عبر الإجابة على عشرة أسئلة تخصّ عملية إدلب.
إشارة الانطلاق
استهلّ الكاتب مقاله المنشور في صحيفة يني شفق، والذي ترجمته “صدى الشام”، بالعودة إلى السبب الفعلي المباشر الذي أفضى إلى اتخاذ القرار بالتحرك، وجواباً على السؤال: “متى خرجت فكرة عملية إدلب؟” قال آجيد إن المسألة تعود إلى نهاية شهر تموز الماضي عندما صرح المبعوث الأميركي إلى التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” بريت ماكغورك، أن أنقرة تغض النظر عن تنظيم “القاعدة” في إدلب، وفي ذلك اليوم خرجت فكرة التدخل في إدلب.
وكان ماكغورك قد اتهم تركيا بأنها “شكلت ممراً لعبور مئات الأجانب إلى سوريا بهدف الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية” وذلك خلال ندوة في معهد الشرق الأوسط للأبحاث في واشنطن.
بناءً على ذلك هل تقوم تركيا بالتحرك بتأثير من كلام ماكغورك؟ “نعم بالطبع” يجيب الكاتب، مضيفاً: “إذا سألتم لماذا، فلأنّ هذا التصريح كان بمثابة الإشارة لأنقرة، لأن الولايات المتحدة كانت ستكرر الشيء نفسه الذي تفعله في كل منطقة، وذلك بدفع “قوات سوريا الديمقراطية” الموجودة في عفرين إلى محافظة إدلب تحت مسمى محاربة الاٍرهاب، ولو حدث مثل هذا الاحتمال فكان سيشكل خطراً كبيراً على أمن تركيا”.
ماذا لو..؟
ويتوقف آجيد، عند مصطلح “الخطر الكبير” موضحاً أنه “لو حدث مثل هذا الأمر لكانت ستسقط آخر قلعة قوية من قلاع المعارضة السورية المدعومة من تركيا”، وعلاوةً على ذلك كان سيأتي إلى تركيا أكثر من مليوني لاجىء مما سيشكل تهديداً أمنياً كبيراً للحدود الجنوبية لتركيا، وكان سيستطيع حزب العمال الكردستاني المتمثل بجناحه السوري (وحدات حماية الشعب) استكمال خطته وإنشاء ممر للإرهاب على حدودنا الجنوبية، وكانت المناطق التي تمت السيطرة عليها بعملية درع الفرات ستدخل في خطر”، يقول الكاتب.
في هذه الحالة ماذا كان سيحصل؟ يجيب آجيد: ” كانت أنقرة ستدخل في مفاوضات مع الروس من أجل منطقة مثل درع الفرات، لماذا؟ لأنك لو جلست مع الولايات المتحدة على طاولة واحده فما كنت لتحصل على شيء، بينما روسيا كانت ستقبل بتقاسم جزء من الكعكة”.
وعن الأطراف المشاركة بالاتفاق ودور الإيرانيين فيه، لم يقدّم الكاتب إجابة حاسمة تبيّن آفاق العملية على المدى البعيد، واقتصر على التأكيد أن أنقرة “لم تقبل بدور عسكري لإيران في هذه المسألة، وقد دخلت في مفاوضات صعبة مع الروس من أجل هذا”.
التهديد الفعلي
ومن بين الأسلة العشرة يتطرق الكاتب إلى احتمالات حدوث تماس بين القوات التركية وقوات نظام الأسد، وفيما إذا كان يمكن أو يجب أن يحصل ذلك؟ ويجيب بالقول إنه “لا يوجد حاجة أبداً لحدوث تماس مع قوات نظام الأسد”، ويضيف: “نظام الأسد مستسلم تماماً لروسيا، ولا يجرؤ على التحرك ميليمتر واحد من دون الروس، وعندما يصل الأمر لهذه الدرجة فإنه لا يوجد حاجة لإرسال حتى خطاب لدمشق بهذا الشأن، اجلس مع الروس واتفق وافعل ما تريد، الأسد نائم وحيداً في دمشق، هكذا تمت عملية درع الفرات وهكذا ستتم عملية إدلب”.
أما بخصوص احتمال دخول عفرين بعد إدلب، فيشير إلى أن “الهدف الأول هو منع تمدد المشروع الكردي خارج عفرين، بمعنى آخر فإن مخططات وحدات الحماية الكردية الموجودة في عفرين للتحرك نحو إدلب والوصول للبحر المتوسط ستنتهي، ومع عملية إدلب سيكون الرد فورياً على أي تهديد من قبل هذه الوحدات لكن الخطة الحالية هي شلّ منطقة عفرين”.
ضدّ من؟
بعد كل هذه المقدمات يصل الكاتب إلى السؤال الأبرز:”ضدّ من عملية إدلب؟ ويجيب بأنها ضدّ ذراع القاعدة هناك المسمى “هيئة تحرير الشام” وسابقاً “جبهة النصرة”، ويردف: “لم يحدث سابقاً أي اشتباك بين الهيئة وأنقرة التي تحاول إنهاء الأمر دون مشاكل، ولكن هناك احتمال وقوع اشتباك”.
لكنّ العملية بهذه الطريقة غير موجهة لـ “هيئة تحرير الشام” بشكل مباشر، فلماذا تقوم أنقرة بهذه العملية؟، يورد آجيد هذا السؤال، معتبراً أنه “توجد الكثير من الأسباب للقيام بهذه الخطوة؛ أوّلها “أنه إذا لم تتفق تركيا مع الروس، ولم تأخذ بزمام المبادرة فسيتكرر سيناريو حلب في إدلب، وهذه المدينة التي يعيش فيها مليونا نسمة ستكون معرضة لغارات الطيران الأميركي والروسي وهجمات قوات النظام وميليشيات إيران والوحدات الكردية”، ويتابع: “المبادرة التركية سوف تحمي حياة مليوني شخص وتحمي المدينة من الخراب، فإذا اختارت “هيئة تحرير الشام” الحرب فإنها ستكون أكبر خيانة للشعب السوري”.
وفي السؤال الأخير يتوقف الكاتب التركي عند مخاطر عملية إدلب والتي تتمثل حسب قوله بموقف الهيئة من الدخول التركي واختيارها الحرب “مع أنها ليست بقوة داعش”، كما يقول.