الرئيسية / منوعات / ميديا / فضائيات / الدراما السورية “تآمرت” على نفسها

الدراما السورية “تآمرت” على نفسها

صدى الشام/

وأخيراً انتهى الموسم الدرامي الرمضاني لعام 2017، كأسوء موسمٍ ربما عرفه السوريون، وذلك باعتراف نجوم الدراما أنفسهم، فقد قدّمت الدراما السورية هذا العام أكثر من 13 عملًا لم تحقّق نجاحاً يذكر، فقد كان لكل مسلسل عيوبه، مع تراجعٍ واضح سواء على صعيد النصوص القوية أو حضور الممثّلين والممثّلات اللاتي بتنَ يقدمن أوراق اعتمادهن في عالم التمثيل من خلال الحرص على المظهر وحسب، وأصبح نجاحهن مرهوناً بحقن “البوتوكس” إلى حد بعيد.

وفضلاً عن ذلك كان واضحاً ذلك الاستهتار الكبير في صنع المحتوى الدرامي، دون احترام لعقل المشاهد، الذي بات يستطيع التمييز بين الغث والسمين.

وتبقى الإيجابية الوحيدة ربما هي صعود حالة نقدية سورية جديدة بدا وأنها تتحول إلى “سلطة” إعلامية تدريجياً، وهو ما من شانه أن يجعل أهل الدراما يراجعون أنفسهم.

 

أيمن رضا: أعتذر

 

قبل أيام، أعرب الممثل أيمن رضا عن أسفه للجمهور، بسبب سوء معظم الأعمال التلفزيونية السوريّة في موسم 2017، مرجعاً السبب في ذلك إلى ما وصفه لـ “الأزمة” التي تشهدها البلاد.

وقال رضا، في حديثٍ صحفي: “إن غياب النصوص الجيّدة، هو سبب تدني سوية “بقعة ضوء” في أجزائه الأخيرة”، ومن ضمنها الجزء الـ13 الذي يشارك فيه رضا.

وعزا رضا تدنّي مستوى “بقعة ضوء” أيضاً إلى ما أسماه “الفهم الخاطئ” لهذا المشروع الذي بدأ قبل 18 عاماً، كمشروع “كاتب وممثل”.

وعبّر رضا عن أسفه لخروج مسلسل “سايكو” من منافسات الموسم الرمضاني 2017، بسبب وجود “حالة من الاستبعاد لبعض الأعمال السورية على المحطات العربية” حسب قوله.

ويعتبر رضا أن “سايكو” أهم من كل الأعمال الكوميدية التي عرضت في رمضان، ويجسد فيه دور “أبو النور” زوج إحدى الشخصيات الخمسة التي تؤديها مؤلفة وبطلة العمل، أمل عرفة.

 

تَشي بعض التصريحات التي تصدر عن عاملين في الدراما السورية بالبحث عن مبررات وأعذار لما شاهده الجمهور في رمضان، كالحديث المتكرر عن خروج بعض الأعمال السورية الجيدة من السباق الرمضاني وتأجيل عرضها.

 

ليس “استبعاداً”

 

فيما يرى العاملون في مجال الدراما أن المسلسلات التي عرضت كانت ذات مستوى سيء، فإنهم أيضاً يشيرون إلى جودة تلك التي لم تُعرض.

لكن التذرع بـ “استبعاد” أعمال سورية والإيحاء بأنه هناك مؤامرة تنفيه المعطيات المتوفرة، إذ تشير مصادر إعلامية مقرّبة من دائرة منتجي “سايكو”  إلى  أن عرض المسلسل توقّف بعد مفاوضاتٍ مع محطتين عربيّتين كبيرتين، حيث بينت المصادر أن العمل سيؤجل بسبب جدول القناتين المزدحم، لأن عمليّة تسويق المسلسل للمحطات قد تأخرت.

وكانت بطلة العمل وكاتبته أمل عرفة، قالت في تعليق على صفحتها الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي”فيسبوك”: “إن مسلسل سايكو خارج رمضان، لأنّنا لم نتلقَّ العرض اللائق بالمستوى الفنيّ والإنتاجي، الذي عملنا عليه في تنفيذ المسلسل بأعلى المستويات التمثيليّة والإخراجيّة والإنتاجية”.

وأضافت عرفة: “العروض كثيرة لمن يريد أن يصطاد في الماء العكر، تختلف فقط أساليب الطرح ما بين تاجر شنطة، وبين فن متعوب عليه، ويليق بالدراما السوريّة التي تحترم نفسها”.

لكن “سايكو” ليس وحده الذي غاب عن الشاشة، فهناك 8 مسلسلات سورية لم تُعرض هذا الموسم، ومنها مسلسل “شبابيك” من إخراج سامر برقاوي، الذي خرج من السباق الرمضاني لهذا الموسم لأسباب تعود لضعف التسويق أيضاً.

ومن ضمن الأعمال التي خرجت من المنافسة مسلسل “هواجس عابرة ” للمخرج مهنّد قطيش، الذي أعلن أن “سبب تأجيل العرض لما بعد شهر رمضان المبارك، هو تأخير تصوير القسم الأخير من العمل، ما أدى إلى التأخير بتسويقه بالشكل المناسب”.

أما مسلسل “الغريب” للمخرج محمد زهير رجب، فهو الآخر كان خارج السباق الرمضاني، بسبب عدم تلقيه العروض المناسبة، بالإضافة لـ “آخر محل ورد” للمخرج ماهر صليبي الذي تأخر تصويره، ولم يعد هناك الوقت الكافي للتسويق .

ومن هنا نلاحظ أن معظم الأعمال التي لم تُعرض لم تكن مستبعدة، بل عابها ضعف التسويق وعدم وجود العرض المناسب، وهو ما يعطي احتمالين؛ فإما أن هذه المسلسلات التي لم تُعرض هي سيئة فعلاً ولا ترقى للمستوى المطلوب، أو أن هناك خللاً كبيراً في الجانب التسويقي لهذه المسلسلات.

 

معظم الأعمال التي لم تُعرض في رمضان عانت من ضعف التسويق وتأخر التصوير، وهو ما ينسف الكلام الصريح والتلميحي عن تآمر جهات ما على الدراما السورية، ويؤكد أن العلة كانت فيها قبل كل شيء.

 

أعمال عُرضت ولكن..

 

بعيداً عن المسلسلات التي لم يتم بيعها بسبب ضعف التسويق وعدم الحصول على المقابل المناسب من القنوات العربية، فإن تلك التي عُرضت أظهرت نتائج سلبية.

ومن أكثر الأعمال التي برزت هناك “خاتون، باب الحارة، بقعة ضوء، الهيبة”، حيث كانت تلك الأعمال الأربعة هي ما يمكن أن نطلق عليه بالعامية “وجه السحارة” لموسم رمضان 2017.

فبالنسبة لـ “خاتون” فقد كان صاحب الحبكة الدرامية الأنجح على الإطلاق، وحقّق النسبة الأعلى من المشاهدة، لكن على الرغم من ذلك فإن المسلسل تعتريه العديد من المشاكل، ومنها الضعف الإخراجي خصوصاً تصوير مشاهد المعارك بين “الثوار” والفرنسيين”، إضافةً إلى وجود أخطاء متفرّقة داخل العمل، وبالتالي أساء الإخراج الضعيف إلى النص القوي ولم يعطه حقه.

أما مسلسل “باب الحارة” فلعل أصدق ما قيل عنه هو ما نشره الفنان مصطفى الخاني قبل أيام، حيث قال الخاني في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” مقالةً بعنوان “مصطفى الخاني أنقذ باب الحارة من الانهيار”، وتتجلّى صحّة هذه الجملة ليس بقوّة الدور الذي قدّمه “النمس” وإنما بسبب خواء المسلسل وفقدانه لأي عناصر ملفتة، وترهّل النص وعدم وجود حبكة أو أساس يبرر عرض هذا المسلسل.

ولم يكن مسلسل “بقعة ضوء” بجزئه الثالث عشر أفضل حالاً من غيره، حيث أظهر انحداراً كبيراً، بعد أن كان يقدّم لوحاتٍ رائعة لا مثيل لها من النقد وتسليط الضوء على كل ما هو سلبي في المجتمع في أجزائه السابقة.

ويمكن القول أن جزءه الثالث عشر خيّب آمال المشاهدين، كما خيّب هو الحال في أجزائه الثلاثة السابقة بعد أن باتت الأفكار مستهلكة ومكرّرة ومستوحاة من واقع لا وجود له.

وأخيراً هناك مسلسل “الهيبة” الذي وعلى الرغم من المشاهدات الكبيرة له، إلّا أن أبرز مشاكله كانت الاستنساخ أو التجميع اعتماداً على محتوى أعمال أخرى.

كما أنه يروّج لفكرة المجرم “الطيب” تاجر المخدّرات والأسلحة النبيل ما أوقع العمل في مشكلة أخلاقية تتعلق بالتعاطف مع هذه النماذج واقعياً، ولا سيما أنه يحاكي شخصية المجرم اللبناني “نوح زعيتر” الموالي لحزب الله والمطلوب رقم 1 للأجهزة الأمنية اللبنانية.

 

يمكن اعتبار “خاتون” من أنجح مسلسلات هذا الموسم الرمضاني فقد حقّق النسبة الأعلى من المشاهدة، لكنه عانى من ضعف الإخراج خصوصاً تصوير مشاهد المعارك بين “الثوار” و”الفرنسيين”.

 

سُلطة الإعلام

 

لم يقف الإعلام مكتوف الأيدي أمام كل ذلك التلوّث البصري من الإنتاج الدرامي السيء، والذي هبط بالدراما السورية إلى الحضيض، وراحت تنتشر برامج ناقدة تتخصص بكشف الأخطاء حتى أصبح لهذه البرامج متابعون أكثر من متابعي المسلسلات نفسها.

ولعلَّ من أبرز هذه البرامج “حمصوود” الذي تولّى المهمّة في هذا الموسم، كما هو الحال في مواسم سابقة وكان له دور كبير في نقد المسلسلات الدرامية.

ويقوم برنامج “حمصوود” على تفكيك مضمون المسلسلات والإشارة لمواقع الخلل والتعليق عليها بطريقةٍ ساخرة.

وهناك البرنامج الآخر الذي يُشبه في الشكل والعرض لكن أسلوبه مختلف نوعاً ما وهو “دراماللي” الذي أطلقته الإعلامية السورية “نور حدّاد” على منصّة “تيلي أورينت”.

شاهد أيضاً

مستقبل التعليم بين إمكانات الذكاء الاصطناعي وتحديات تطبيقه

ميسون محمد يشهد عالمنا اليوم ثورة تكنولوجية هائلة بفضل التقدم المتسارع في مجال تكنولوجيا المعلومات …

مفهوم الشك وعلاقته بالحياة البشرية

الشك هو حالة عدم اليقين أو الريبة التي يشعر بها الشخص تجاه شيء ما، يُعتبر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *