صدى الشام- مثنى الأحمد/
انتهى موسم 2016 / 2017 وأُسدل الستار معه على عام كروي آخر شهد العديد من النقاط السلبية والإيجابية للفرق الكبرى في الدوريات الأوروبية، فبعضها عرف نجاحاً منقطع النظير وكتب اسمه في سجلات التاريخ، وبعضها الآخر خيّب الآمال المعلقة عليه بشكل كبير، فخرج إما خالي الوفاض أو بإنجاز صغير لا يلبي الطموحات ولا يعبر عن حجم استعداداته التي سبقت بداية الموسم.
ففي الوقت الذي شاهدنا فيه نادي كـ ميلان يعود إلى الواجهة القارية بعد غياب ليس بالقصير بفريق أغلبه من الشباب، فقد وضع ريال مدريد يده على عرش أوروبا للمرة الثانية عشر في تاريخه والثانية على التوالي، في حين لاحظنا في الوقت ذاته كيف أخفقت أندية بتحقيق أهدافها وخططها التي حددتها قبل صافرة البداية، وجعلتنا نتساءل عن أسباب هذا الفشل ونحلل العوامل التي أدت إليه.
في السطور التالية سنتناول الأندية التي فشلت هذا الموسم، مع الأخذ بعين الاعتبار قيمة ومكانة هذه الأندية وحجم الاستعدادات والأموال التي صرفتها قبل أن تخوض غمار المنافسة.
الأكثر فشلاً
عدد كبير من الخبراء والمحللين الكرويين صنفوا إنتر ميلان كأكثر النوادي إخفاقاً في القارة العجوز، وهذا ليس غريباً، فيكفي أن نعرف أن إدارة النادي الإيطالي صرفت ما يقارب الـ 150 مليون يورو وأجرت تعاقدات ضخمة جلبت من خلالها لاعبين مميزين ليحتل الفريق في النهاية المركز السابع بالدوري، دون أن يضمن له مقعدًا في المسابقات الأوروبية.
كما قدّم الرفيق صورة سيئة عن الأندية الإيطالية في الدوري الأوروبي، إذ خرج من الدور الأول بشكل مخزٍ بعد تذيله ترتيب مجموعته بـ 6 نقاط من فوزين وأربع هزائم تلقاها من فرق أقل منه مستوى مثل هبوعيل بئر السبع الصهيوني الذي نجح بالفوز على إنتر ذهابًا وإيابًا.
غير أن اللاعبين لم يكونوا سبب الموسم السيء للإنتر، فهو كما ذكرنا قام بميركاتو مميز كما أنه يضم العديد من النجوم، لكن الخطأ الذي أصاب النادي في مقتل هو عدم إدارة الفريق بالشكل الصحيح، إذ لا يكفي صرف الأموال وتكديس اللاعبين فقط لتحقيق النتائج.
فقدت إدارة الإنتر “روبرتو مانشيني” قبل أيام قليلة من بداية الدوري، وجاءت بـ “فرانك دي بور” الناجح مع إياكس والغريب عن أجواء كالتشيو، وطالبته بالتميز وجلب النتائج سريعًا على اعتبار أنها وفرت له كل ما يحتاجه من لاعبين، محملة إياهُ ضغطًا كبيرًا، نقله بدوره إلى اللاعبين حتى أخذ الفريق بالانهيار رويدًا رويدًا ليسقط إلى المراكز الأخيرة.
مسؤولو الإنتر حاولوا تصحيح مسار الفريق أو بالأحرى تصحيح خطئهم بإقالة “دي بور” من منصبه وجلب مدرب خبير بالكرة الإيطالية هو “ستيفانو بيولي” لينجح بانتشال النادي من المراكز الدنيا إلى المتقدمة في ظرف 10 جولات، إلا أن النهاية لم تكن سعيدة أيضًا، لأن الإدارة لم تحترم عمل “بيولي” الملفت، وبقيت تبحث عن مدرب آخر “كبير” يقود الفريق في الموسم التالي، حتى فقد “بيولي” الدوافع التي تجعله يعمل للمستقبل، لتتوالى الخسارات وفقدان النقاط، وتتم إقالة المدرب قبل نهاية الموسم بثلاث جولات.
وبالتأكيد فإن هذا الموسم يعتبر نقطة سوداء في تاريخ الإنتر رغم الأموال الطائلة التي أُنفقت لتعزيز الفريق، لكن من الممكن له أن يعوض في الموسم القادم، فكل ما يحتاجه هو الوقت من أجل الانسجام والهدوء من الناحية الفنية، والاعتماد على مدرب من الدرجة الأولى يبدأ عمله منذ بداية الفترة التحضيرية من أجل ترسيخ أفكاره في عقول لاعبيه.
ظهرت الاستثمارات وغابت المتعة
على الرغم من أن باريس سان جيرمان حصل على لقب كأس فرنسا وكأس الرابطة إلا أن موسمه هذا يعتبر من أفشل المواسم التي لعبها بعدما أصبح مملوكًا من قبل شركة قطر للاستثمار الرياضي، فإذا ما نظرنا إلى الأموال المصروفة على اللاعبين في سوق الانتقالات، والتي بلغت قرابة 200 مليون يورو، فإن إخفاق النادي يبدو جلياً بعد الحصول على بطولتين لا تحظيان باهتمام كبير في فرنسا ومركز ثانٍ في بطولة الدوري.
وما يؤخذ على النادي الباريسي أنه سقط مع ظهور أول منافس حقيقي له محليًا، حيث كان هذا الأمر غائباَ في السنوات الأخيرة، رغم وجود بعض الأندية المنافسة بدرجة ما، إلى أن جاء موناكو ليكشف سان جيرمان على حقيقته ويسبقه لنيل لقب الدوري.
ولعل الفشل الأكبر للنادي هو عدم قدرته للسنة الرابعة على التوالي على تجاوز الدور ربع النهائي من دوري الأبطال، لا بل دخل التاريخ بعدما أصبح أول نادٍ في المسابقة يفشل بالتأهل من الأدوار الإقصائية وهو فائز بالذهاب بأربعة أهداف نظيفة!.
وتمثل الإخفاق الثالث في أن النادي فقد أسلوب اللعب الجميل، وأصبح فريقًا مملاً لا يحظى أداؤه بالإعجاب، رغم أن إدارته سعت إلى تحقيق عكس ذلك بتعيين “أوناي إيمري” على رأس الجهاز الفني، لكنّ شيئاً لم يتحسن مع المدرب الإسباني، بل على العكس ظهرَ بالأرقام والإنجازات أن سان جيرمان مع “لوران بلان” المدرب السابق كان أفضل وأمتع.
مشكلة باريس سان جيرمان وخصوصًا على الصعيد الأوروبي ليست بمدربه أو لاعبيه أو إدارته، وإنما تعود بالدرجة الأولى إلى ضعف المسابقات المحلية التي يلعب فيها النادي، فمن الواضح أن هناك فرقاً شاسعاً بين مستوى أندية الدوري الفرنسي ونظرائهم في الدوريات الكبرى الأخرى (الإسباني، الإنجليزي، الإيطالي، الألماني)، والأكيد أن هذا التباين بالمستوى يخفض من رتم وأداء الفريق الباريسي، فالاعتياد على مواجهة أندية ضعيفة ومتوسطة يجعلك تلاقي صعوبة بالغة في مواجهة الفرق القوية، وهذا ما يضع سان جيرمان أمام مشكلة كبيرة ليس حلها بيده وإنما بيد أصحاب القرار في الكرة الفرنسية.
لقب يتيم
بعد أن خرج من دوري الأبطال كان ينتظر الفريق الكتالوني سيناريو أسوأ وهو خسارة “ليغا” وهذا ما حدث في النهاية، ليكون تقييم موسم برشلونة سيئاً للغاية، وكان سيصبح كارثياً لو أن النادي لم يفز بكأس الملك أمام منافس ضعيف هو ديبورتيفو آلافيس.
الجميع في كتالونيا متفقون على أن موسم فريقهم هذا من بين المواسم التي يجب دفنها في كتب النسيان، ليس لأن النادي لم ينافس على لقب الـ “شامبيونز ليغ” كما تعود في السنوات الماضية، أو لخسارته للقب الدوري لصالح غريمه الريال، بل للمستوى المترنح الذي ظهر به الفريق، وغياب المتعة التي دائمًا ما تكون مطلبًا للجمهور الكتالوني.
ولكن أخطر ما في الموسم كان فقدان برشلونة لهويته، وغياب الاستراتيجية للتخطيط للمستقبل، وإهمال أبناء النادي على حساب إجراء صفقات خارجية لا تخدم النادي، وبعيدة كل البعد عن خصوصية النادي، وباستثناء مباراة الـ “ريمونتادا” الشهيرة ضد باريس سان جيرمان ولقاء الذهاب في الدوري ضد ريال مدريد فقد غابت اللحمة بين اللاعبين، وبانت قدرتهم الضعيفة على التواصل فيما بينهم.
وكان ظهور هذه السلبيات كارثة بالنسبة للمشجع الكتالوني، لأنها أصابت عناصر قوة وفخر الفريق، وعندما نتحدث عن فشل صفقات وغياب استراتيجيات أدت إلى فقدان الألقاب، فالمتهم الأول هنا هو مدرب الفريق، ومن بعده الإدارة.
ومن بين المظاهر السلبية هذا الموسم غياب أبناء مدرسة النادي الشهيرة “لاماسيا” الذين اعتدنا لعبهم لأدوار أساسية في الفريق، فهناك مجموعة من المواهب كانت جديرة بأن توضع في الاعتبار، مثل لاعب الوسط “كارليس آلينا” الذي أعطاه “أنريكي” فرصة للمشاركة ولكنه قام بتهميشه بعد ذلك، وكذلك “أليكس كاربونيل” و”ويلفريد كابتوم”، إضافة لتخليه عن “آداما تراوري” الذي تم بيعه، وإعادة إعارة “آلين هاليلوفيتش”.
هؤلاء جميعًا أسماء رشحتها الصحافة للدخول ضمن مخططات المدرب، ولكن ذلك لم يتم، وبجردة سريعة يتبيّن أنه منذ عام 2014 لم يثق “إنريكي” في أي لاعب من الـ “لاماسيا”، ولم يقم بتصعيد أحد منهم للفريق الأول بصورة دائمة.
ويبدو حل مشكلة البرسا في يد إدارته التي تخلت عن الهوية الكتالونية في مواسمها الماضية، وهو الأمر الذي يجب تداركه بأسرع وقت للعودة إلى زمن الإبداع، فريال مدريد الفريق المنافس في إسبانيا وأوروبا أصبح يمتلك فريقين كاملين، وبدلاء ينافسون الأساسيين بالجودة.
الملايين لم تفعل شيئاً
هل يكفي خروج مانشستر سيتي من دون أي لقب، واكتفاؤه بالمركز الثالث في دوري بلاده حتى يقال عن موسمه أنه فاشل؟ لو علمنا أن النادي صرف 203 ملايين يورو، واستقدم “بيب غوارديولا” لإدارة الفريق فنيًا من أجل تطويره، وفي النهاية خرج من دوري الأبطال أمام موناكو لتأكدنا أن موسمه كان كارثياً.
الإنجاز الوحيد الذي حققه السيتي مع نهاية موسم 2016 / 2017 هو احتلاله مقعداً في دوري أبطال أوروبا الموسم القادم، وغير ذلك لا يوجد شيء، حتى لو تكلمنا عن أهداف مستقبلية حققها النادي فهذا غير واضح، فباستثناء صفقة البرازيلي “جيسوس” فإن جميع تعاقدات النادي أثبتت فشلها في موسمها الأول ابتداءً من الحارس “برافو” مرورًا بـ “غوندوغان” في الوسط انتهاءً بالمدافع “جون ستونز” وغيرها من الصفقات التي أجريت لتكون حجر الأساس لبناء فريق قوي ينافس على جميع البطولات.
ولم يظهر سيتي كفريق له رهبة مثلما تعوّد الجميع رؤية الفرق التي يدربها “غوارديولا”، كما لاحظ متابعو الـ “بريميرليغ” أن الذي صنع الفارق وخدم الفريق هم لاعبوه القدامى “أغويرو” و “دي بروين” و “سيلفا” و “توريه”، والدليل على ذلك تجديد عقد الأخير بعد أن كان مرشحًا لترك النادي الصيف الماضي، لكن أداءه على أرض الملعب جعل المدرب الإسباني ينسى خلافه القديم مع اللاعب الإيفواري ويعطي الضوء الأخضر للإدارة لتجديد عقده.
ويبقى التحدي الكبير الذي يواجه النادي و”غوارديولا” في المواسم القادمة لتحقيق نقلة فعلية، هو إقناع اللاعبين ونجوم الكرة بأن يكون هدفهم من قدومهم لمانشستر سيتي هو الطموح بتحقيق الألقاب لا حبّ المال.