صدى الشام موقع يهتم بما وراء الحدث
صدى الشام _ جلال بكور/
هل تتجه سوريا نحو التقسيم؟ إذا نظرنا إلى الواقع فهو يقول بأن سوريا تتجه نحو التقسيم بشكل متسارع، لكن ما هي نوعية التقسيم الذي يتم العمل عليه في سوريا؟ هل هو وفق صيغة فيدراليّة أم دول أم مناطق نفوذ وحدود ضمن اتفاقات وقف إطلاق نار وقوات حفظ سلام دولية أو أممية.
شمالي شرقي سوريا يُعد منطقة نفوذ للولايات المتحدة الأمريكية تقوم فيها على تمكين حكم الأكراد على حساب العرب، عبر مدهم بالسلاح وتدريبهم والتغطية على انتهاكاتهم ضد القوميات والإثنيات الأخرى تحت راية محاربة الإرهاب المتمثل بتنظيم “الدولة الإسلامية” “داعش” والذي يغلب عليها المكوّن “العربي السنّي”.
منطقة الساحل والوسط السوري “الدولة المفيدة” هي منطقة النفوذ الروسي التي تمثلها “حماة، حمص، مدن الساحل”، وقد تم تثبيت قواعد روسية فيها ودعمها بقوات برية مدعومة بدورها بالبارجات الروسية في المتوسط والأساطيل الحربيّة والسفن الاستراتيجية، ويغلب على تلك المنطقة المكون العلوي والعربي السنّي المؤيّد لنظام الأسد.
منطقة دمشق (دمشق وريفها الشرقي والغربي مع منطقة القلمون) تمثل النفوذ الإيراني والذي ثبّت وجوده بميليشيات طائفية سورية ولبنانية وعراقية وأفغانية وغيرها، وعبر قيامه بعمليات تهجير وتغيير ديموغرافي وشراء أملاك في قلب دمشق القديمة واستثمارات بمليارات الدولارات، ويغلب على تلك المنطقة المكون الشيعي.
شمالي سوريا الأوسط (جزء من حلب وجزء من الرقة) يكون النفوذ فيه لتركيا عبر دعم مجموعات من “الجيش السوري الحر” ذات الطابع المعتدل إضافة للمكون العربي والتركماني، بما يضمن عدم اتصال الكانتونات الكردية ببعضها بعضاً، وتأمين مناطق تضم المهجرين المعارضين لنظام الأسد من دمشق وحمص.
منطقة إدلب وتضم معظم أجزاء محافظة إدلب وجزءاً من حلب وآخر من حماة، وتكون تحت النفوذ القطري وذلك عبر دعم مجموعات من المعارضة السورية المسلّحة ذات الطابع الإسلامي، ويغلب على تلك المنطقة المكون السني المعارض لنظام الأسد.
منطقة الجنوب السوري وتقسم إلى قسمين “درعا والسويداء” وتقع تحت النفوذ البريطاني الأردني السعودي، عبر فتح معارك تحت مسمى محاربة الإرهاب، وتثبيت قوات بريطانية – أردنية – سعودية، وتدريب مجموعات مسلحة معارضة لنظام الأسد وأخرى موالية ودمجها مع بعضها في جبهة واحدة لتمكينها في المنطقة التي تتشكل من العشائر العربية وطائفة الموحدين الدروز.
منطقة القنيطرة وتشمل كامل محافظة القنيطرة مع جزء من سهول حوران الغربية وسهول الحرمون بريف دمشق الغربي، وتقع تحت نفوذ إسرائيلي أو توافق دولي ترضى عنه إسرائيل مع الحفاظ على الهدوء في المنطقة الحدودية من القنيطرة مع الأراضي المحتلة، وتكون حدود تلك المنطقة مقابلة للحدود مع منطقة النفوذ البريطاني الأردني.
مناطق النفوذ المذكورة تم تثبيت جزء منها بينما يتم العمل على تثبيت بقية الأجزاء عبر افتعال المعارك تارة تحت شعار محاربة الإرهاب، وتارة تحت شعارات أخرى فضلاً عن عمليات التهجير، ومن المتوقع أن يتم استنزاف جميع القوى في مناطق النفوذ للسيطرة عليها وفرض وقف إطلاق النار، وتثبيت قوات ردع ومراقبة بقرار وإجماع دولي.
ربما أخطأت في تصوري وربما قاربت شيئاً من الصواب وفق تحليلي للواقع السوري الحالي وتسارع الأحداث، مع مراعاة النظرة الأمريكية للملف السوري والتي تقول بعدم وجوب انتصار أي طرف على الآخر في سوريا، والتعامل مع الجميع على أنه عدو بما يحقق المصلحة الأمريكية ومشروعها في المنطقة.
هناك عدّة مشاريع تتضارب مع المشروع الأمريكي ومنها مشروع روسيا ومشروع إيران ومشاريع أخرى، لكنها تلتقي في بعض الأهداف، ما يشير إلى وجود حرب عالمية في الساحة السورية لكنها ستنتهي بتثبيت جبهات النزاع وفق اتفاقات واعتبارات لأصحاب المشاريع دون الوصول بها إلى مرحلة الدول، مع بناء مناطق وإبقاء أخرى مدمرة.
