صدى الشام _ جلال بكور/
في كل مكان تحرز فيه قوات الأسد تقدّماً على حساب المعارضة السورية تبرز الميليشيات الطائفية وخاصة المرتبطة بإيران وحزب الله اللبناني، مع شعائرها الطائفية وتحظى تلك المليشيات بدعم إعلامي لايخفى على أحد، كما يظهر القادة العسكريين لتلك الميليشيات في الأماكن التي يسيطر عليها النظام.
في حلب برزت الشعائر الطائفية للميليشيات قبل السيطرة حيث بدأ بعض رجال الدين بإلقاء الخطب التحفيزية للميليشيات في المساجد المتواجدة في الأحياء الشرقية.
ومع انتهاء المعارك تقريباً زار زعيم الميليشيات الإيرانية في سوريا الجنرال قاسم سليماني حلب وقام بجولة في عدد من الأحياء والمواقع ومن بينها القلعة والجامع الأموي الكبير، تزامناً مع حملة إعلامية كبيرة على وسائل الإعلام الموالية لإيران من أجل تمجيد النصر في حلب دون أن يخفى ذلك النفس الطائفي لدى الكثير من تلك الوسائل.
بعد عقد الاتفاق الذي نص على تهجير أهالي مدينة حلب ومقاتلي المعارضة السورية كانت العقبة الكبرى هي الميليشيات الإيرانية التي فرضت لاحقاً شروطها على الاتفاق الذي تم بين تركيا وروسيا ليتحول من اتفاق ثنائي إلى ثلاثي.
علامات تدل على نفوذ إيران مع أن روسيا مثّلت محور قيادة المعركة، وكانت العامل الأكبر في سقوط حلب عبر إدخال استخدام الأساطيل الجوية والبحرية التابعة لها.
بالتأكيد هناك صراع نفوذ بين روسيا وإيران في سوريا، كما أن روسيا دولة عظمى وإيران دولة تملك قوة صاعدة ولابد من حدوث صدامات بين القوتين الآن أو مستقبلاً في سوريا، لكن المؤكد أن النفوذ الإيراني في سوريا أكبر من نفوذ الأسد، كما أن المناطق التي أخلتها الميليشيات الإيرانية لصالح النظام وروسيا قد سقطت مؤخراً بيد تنظيم “الدولة الإسلامية” “داعش” وتحديداً في تدمر.
للتّنويه الكلام هنا لا يعني أن ميليشيات إيران تحارب الإرهاب، لكن الكلام يؤكد أن أذرع إيران هي الفاعلة بقوة على الأرض، وحتى في الإعلام يتم تشويه صورة ميليشيات النظام واتهامها بالخيانة والسرقة من قبل الإعلام التابع لطهران تحديداً، حيث ظهر مؤخراً مراسلو القنوات التلفزيونية الناطقة بالعربية لصالح ما يسمى بـ”حلف المقاومة” و تحدثوا صراحة عن عمليات السرقة التي تقوم بها ميليشيات تابعة لعائلة الأسد.
النّفوذ الإيراني في سوريا بات كبيراً ويكبر كل يوم وهو يأتي متصادماً مع مشروع روسيا، ومن الممكن أن يؤدي التصادم لاحقا إلى تغيّر في الموقف الروسي تجاه التعاطي مع خصوم نظام الأسد حيث تود روسيا المحافظة على شكل النظام ولا تريد الحفاظ على بشار تحديداً لكي تُبقي الساحل السوري تحت نفوذها، بينما تريد إيران إحداث تغيير ديموغرافي على أساس عقائدي في سوريا يمكّنها من بسط سيطرتها على كامل البلاد وتحديداً المدن الكبيرة دمشق وحمص وحلب مع الاحتفاظ بخط النفوذ من العراق إلى لبنان عبر سوريا.
ومع أن حلب هي الواجهة حالياً لكننا لا ننسى أنه في دمشق تبرز هيمنة ميليشيات إيران على العديد من جوانب الحياة، ومن بينها سيطرتها على معظم طريق مطار دمشق الدولي إضافة للمطار الذي يعتبر المحطة الأولى لقوافل الميليشيات القادمة من إيران إلى سوريا. فإلى أين سيصل الحضور الإيراني على حساب وجه سوريا الذي ضاع كرمى لبقاء الأسد في الحكم؟