الرئيسية / رأي / خسارة الأيقونات في سورية
رئيس التحرير : عبسي سميسم

خسارة الأيقونات في سورية

عبسي سميسم _ العربي الجديد/

تُظهر الطريقة التي تم فيها اغتيال الناشط الإعلامي السوري، المصوّر خالد العيسى مجموعة حقائق يعي جمهور الثورة بعضها، فيما يغضّ الطرف عن بعضها الآخر. ولعلّ أهم تلك الحقائق على الإطلاق هي أنّ هناك مجموعة من التنظيمات المتشددة التي تتغلغل ضمن مفاصل الثورة، وهي عدوة لها ولا يوجد أي تقاطع بينها وبين الثورة التي خرج من أجلها السوريون، وأن هذه التنظيمات أصبحت تشكل خطراً حقيقياً يهدّد الثورة وجمهورها، وناشطيها بالتهديد ذاته الذي يشكّله النظام. وفي بعض الحالات، ربما يكون خطرها أكبر بسبب موقعها ضمن المناطق التي يتواجد فيها ناشطو الثورة، وبالتالي قدرتها على التأثير على عملهم بدءا من التضييق عليهم ومنعهم من ممارسة نشاطهم وصولاً إلى استهدافهم وقتلهم.

كما تؤكد طريقة الاغتيال أن العمل الصحافي والتوثيقي لما يجري من جرائم ضد الثورة السورية هو العدو الأول ليس للنظام فحسب، بل لكل أشكال الاستبداد التي يأتي في مقدمتها النظام، والتنظيمات المتشددة، وأمراء الحرب الذين شكلوا مناطق نفوذ خاصة بهم. لذلك نجد أن تلك التنظيمات تقوم بالدور الذي يعجز عنه النظام في محاربة العمل الإعلامي. فالناشطون الذين عجز النظام أو فشل في استهدافهم تقوم تلك التنظيمات بالنيابة عنه بمهمة تصفيتهم.

والعمل الصحافي والإعلامي الذي يقوم على نقل معاناة الشعب السوري للرأي العام العالمي، والذي عجز النظام عن منعه تقوم تلك التنظيمات بمنعه أو حرفه. كما أن العمل الإعلامي المنحاز للشعب السوري والذي يستهدف الجمهور السوري برؤية تختلف عن كذبة النظام ولم يستطع النظام منعه، تقوم تلك التنظيمات، وبكل ما أوتيت من قدرة، على تشويهه ومنعه كلما تسنّى لها ذلك.

لكن على الرغم من كل المخاطر التي تهدّد النشاط الثوري في الداخل السوري، استطاعت الثورة أن تنجب أبطالاً تحوّلوا إلى أيقونات ورموز للشعب السوري، لا يزالون مؤمنين بالمبادئ التي خرجت من أجلها الثورة، ومستعدين لبذل دمائهم في سبيل تحقيقها، إلا أن الحقيقة الأشد قسوة هي أننا نخسر تلك الأيقونات الواحدة تلو الأخرى.

شاهد أيضاً

المقاومة وقداستها

عبد العزيز المصطفى تذكرُ كتبُ الأساطيرِ أنّ ملكًا استدعى أحد مستشاريه في ساعة متأخرة من …

فلنختار ظرف ومكان موتنا

عبد العزيز المصطفى خلال الحرب العالمية الثّانية كان الشغلُ الشاغل لهتلر هو كيفية القضاء على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *