الرئيسية / سياسي / سياسة / تحليلات / بدأ تصنيف الفصائل لتصفية الثورة.. هل من جواب؟؟

بدأ تصنيف الفصائل لتصفية الثورة.. هل من جواب؟؟

نبيل شبيب

“أنتم
تقصفون الجيش الحر والمدنيين بدلا من داعش”، هذا جوهر ما دارت حوله اعتراضات
أمريكية وغربية بصدد الغزو الجوي الروسي.. ويعني ذلك لا بأس في قصف الفصائل
الأخرى، ولكن تجنبوا “الجيش الحر”.

الجواب الروسي: التحول من السؤال:
“الجيش الحر مجرد وهم.. أين هو؟” إلى: “نحن على استعداد للحوار مع
الجيش الحر” ثم “نحن نتعاون مع الجيش الحر”.

لا يخفى أن هذا السجال بين الطرفين يشوه
سمعة الجيش الحر.. ولا يليق بالمهمة التي نشأ من أجلها، ولكن ليس هذا موضع الحديث
هنا.

بعد أيام معدودات، يعلن الطرف الروسي عن
طلب رسمي من ديمستورا أن تصنف الأمم المتحدة من يندرج تحت عنوان “معارضة
مسلحة معتدلة” وتحت عنوان “مجموعات إرهابية”.

ومن وراء ما يثار من ضباب كلامي مع غبار
القصف الجوي وأنين ضحايا المذابح الجديدة، بدأ الكشف عن خلافات روسية إيرانية بشأن
مصير ربيبهما المشترك على رأس بقايا النظام في سورية.. وما كان الخلاف ليصل إلى
العلن، لولا أن رأس بقايا النظام استمع في موسكو مؤخرا بعض ما لا يحب سماعه
فاستنجد بسيده الثاني.

ولكن هل ينبغي لنا أن نختزل معالم المرحلة
الراهنة في حقيقة هذا الخلاف ومداه؟

بدأت مع الغزو
الروسي مرحلة التصنيف والتصفية والاستئصال بتوافق دولي ضمني أو كحصيلة معالجة
خلافات روسية-غربية، تمهيدا لما يسمونه “حلا سياسيا”

المشهد أوسع من ذلك، وفيه ما هو أهم بكثير
من هذا الخلاف. وهنا لا تكفي متابعة “التصريحات” لرؤية المشهد بكامله،
بل ينبغي الربط بين ما يقال “سياسيا” وما يصنع “عدوانيا” في
ميادين المواجهة..

إنما يمكن التأكيد مبدئيا: بدأت مع الغزو
الروسي مرحلة التصنيف والتصفية والاستئصال بتوافق دولي ضمني أو كحصيلة معالجة
خلافات روسية-غربية، تمهيدا لما يسمونه “حلا سياسيا”، وهو وفق المعطيات
الراهنة “تصفية الثورة مقابل تغييرات طفيفة في بنية ما بقي من النظام”.

ليس المستهدف دوليا داعش وحدها، بل هي -إن
استهدفت- آخر الأطراف في “بنك الأهداف”.. بانتظار أن يكتمل -قدر
الإمكان- الدور الذي تؤديه منذ ظهرت في سورية لإضعاف الثورة، كما شهدت سنتها
الرابعة.

وليس المستهدف أيضا النصرة علاوة على
داعش، وإن كان مما يلفت النظر حاليا تجديد أسباب النزاع ومظاهره بينها وبين فصائل
ثورية ذات توجه إسلامي.

أول من يستهدف بالتصنيف وبالتالي بجهود
التصفية هو “الثورة”.

وتتمثل الثورة في الدرجة الأولى في
الفصائل الثورية الكبرى، وهي ذات الاتجاه الإسلامي، دون إغفال سواها ودوره
وارتباطه بالشعب والوطن.

بالمقابل: التركيز مجددا على التعامل مع
“الجيش الحر” ودعمه بالسلاح لا يعني إعادة الاعتبار إليه كما نشأ في
بداية الثورة، قبل أن يتلقى السهام من كل صوب، بل المطلوب أن يستخدم عنوانه في هذه
المرحلة الفاصلة من أجل التوصل لصيغة ما لتجميع عدد من الفصائل العاملة على الأرض،
التي لم يسبق أن أعلنت عن نهج إسلامي، أو أبدت استعدادا للقبول بسواه.. وسيان هل
هي كبيرة أو صغيرة، فالمطروح في نهاية المطاف هو دمجها أفرادا وقيادات وتسلحا في “كيان
عسكري ما” مع بقايا المقاتلين تحت راية النظام وما أنشأه الإيرانيون من
ميليشيات.

علاوة على اختيار أطراف من الميدان
ودعمهم، واختيار آخرين وقصفهم، تعتمد عملية التصنيف والتصفية على بذل جهود أخرى
لتتصدع “التجمعات الفصائلية” الأكبر من سواها، لا سيما تلك التي سجلت
مؤخرا وتسجل حاليا انتصارات ميدانية ملحوظة. وتتلاقى هذه الجهود الخارجية، عبر
قنوات الدعم مثلا، مع تصرفات تصدر عن بعض مكونات هذه التجمعات، تساهم في تصدعها،
أو تسهل عملية تصديعها، بغض النظر عن النوايا، فكلمة نوايا جيدة في مثل هذه
القضايا لا تقبل عذرا لأحد.

بعد إخفاق النظام وحلفائه ميدانيا، وإخفاق
ما يسمى المجتمع الدولي سياسيا، تمر الثورة الشعبية في سورية حاليا بمرحلة فاصلة
سيترتب عليها مراحل حاسمة تالية بشأن مصير الأهداف الشعبية المشروعة للثورة، وليس
بشأن مصير هذا الفصيل أو ذاك فحسب، فجميع من يتحرك ميدانيا وعلى الأصعدة الأخرى،
هو “وسيلة” لتحقيق تلك الأهداف، ويأتي توجيه الضربات للوسائل، من أجل
تحويل الأهداف إلى “أماني”.. دون طاقة ثورية متفجرة لتحقيقها.

السؤال المحوري هو ما اعتاد الإعلاميون
على طرحه في حوارات مباشرة على الهواء:

ماذا أنتم فاعلون؟

هذا سؤال موجه إلى أحرار الشام، وأجناد
الشام، وجيش الشام، وجيش الفتح، وجيش اليرموك، وجيش الإسلام.. وكذلك ما ينطوي تحت
عنوان الجيش الحر من فصائل وكتائب وألوية وجبهات، وإلى ‎سوى ذلك من أسماء كبيرة
وصغيرة، يعرفها مسار الثورة..

الثورة هي “الأكبر” من جميع
التشكيلات الثورية مع بعضها بعضا، والشعب الثائر هو الأهم، من حيث مصير ثورته، من
أي طرف آخر.

ماذا أنتم فاعلون وأنتم تعلمون:

الثورة هي “الأكبر” من جميع
التشكيلات الثورية مع بعضها بعضا، والشعب الثائر هو الأهم من حيث مصير ثورته من أي
طرف آخر، من الأطراف القيادية والفصائلية وغيرها.

في المرحلة الراهنة، لم تعد المسألة
الحاسمة مسألة معركة الساحل أم ريف حماة، ولا مسألة السيادة المحلية المحاصرة في
بلدات الغوطة، ولا حجم ارتباط فريق في الجنوب أو الشمال بقوى داعمة في “غرف
الدعم المغلقة”.. المسألة الحاسمة الآن هي “مصير الثورة”، فإن تقرر
عبر خطوات فصائلية جريئة عملية بحيث يستمر العمل ويتطور في اتجاه تحقيق الأهداف
الشعبية الكبرى -وليس الفصائلية المتعددة- ستبقى تلك الفصائل وسائل فاعلة، أما إن
لم تتقرر تلك الخطوات الفصائلية الجريئة العملية، فقد يتحقق ما تريده الجهود
الخارجية للتصنيف والتصفية، وتبقى تلك الجهود دون جواب ثوري، ويتم الاستحواذ
الأجنبي على الثورة ومسارها حتى تتم تصفيتها تحت عنوان “حل سياسي” لا
يختلف واقعيا عن “انقلاب عسكري” كما كان في مصر.. وآنذاك سيكون مصير
جميع الفصائل، وجميع الكيانات السياسية وشبه السياسية، وكذلك سائر الخلافات
والاختلافات فيما بينها، أمرا جانبيا، يقتصر على ذكرها وربما الإشادة بها مع
الشهداء والضحايا والبطولات.. في بضعه سطور في كتب التاريخ، أما عالم الواقع
فسيصنعه سواها.. بعد تغييبها، وأما بناء صرح المستقبل فسيشيده من يقيضهم الله لهذه
المهمة الجليلة، وما ذلك على الله بعزيز.

شاهد أيضاً

“قسد” تواصل الانتهاكات في مناطق سيطرتها شمال شرقي سورية

اعتقلت “قوات سورية الديمقراطية” “قسد” أمس ثلاثة أشخاص بينهم أحد شيوخ قبيلة العقيدات في الرقة …

سجال أميركي روسي في مجلس الأمن بشأن دورهما بسوريا والأمم المتحدة تطالب بإجلاء الأطفال المحاصرين في سجن الحسكة

تبادلت روسيا والولايات المتحدة الاتهامات -خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي- بشأن أحداث مدينة الحسكة شمال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *