الرئيسية / رأي / حصار الجوع

حصار الجوع

مرهف دويدري

الإعلانالأخير لبرنامج الغذاء العالمي عن وقف المساعدات
الغذائية للاجئين السوريين في مخيمات دول الجوار هو عار على المنظمات الإنسانية
التي تعمل من أجل الإنسانأو هكذا يفترض إعلامياًأنها تسعى لتحسين ظروف البشر الذين
يعانون من كوارث طبيعية أوأنهم هاربون من الحروب الأهليةأو مجاعات عامة في دولة ما
أو منطقة ما.

وتحاول هذه
المنظمات التي تعمل بمفهوم الجمعيات الخيرية بالحصول على المساعدات المالية لمنحها
للناس الأشد فقراً، ولكن على المستوى العالمي فواجبها تقديم الغذاء الجيد والمنوع
بالحدّالأدنىإلى أن تنتهيالأزمة التي يعانيها هؤلاء اللاجئون دون التمييز بين شعوب
الأرض على أساس اللون أو العرق أو الاتجاه السياسي.

في الأول من تشرين الأول عام 2014 خفّض البرنامج العالمي
للغذاء المساعدات التي يمنحها للاجئين السوريين في دول الجوار 40 % بسبب النقص في
التمويل الذي قدر آنذاك بـ 345 مليون دولار خلال ثلاثة أشهر إلى نهاية عام 2014
وبرر البرنامج خفض المساعدات أن الدول المانحة لا تؤدي التزاماتها تجاه برنامج
الغداء العالمي من أجل مساعدة السوريين، وهذا ما زاد في أعباء البرنامج غير أنالأزمة
لم تُحل حتى وصلتإلى مرحلة وقف المساعدات نهائياً، وهذا ما قد يفاقم الأزمة بشكل
خطير.

لعل ما تعمل عليه عادة المنظمات الدولية التي تقدم
المساعدات الإنسانية وخاصة برنامج الغذاء العالمي ما يسمى “قرع جرس الإنذار”
حيث توجّه نداءً عاجلاً للدول المانحة قبل أن تصل إلىأزمة مالية على اعتبار أن هذه
المنظمات تعرف تماماً حجم التمويل لديها من أجل الضغط على الدول المانحة الكبرى
أمام شعوبها خاصة وأن هذه الدول تعبّر عن نفسها أنها تصون حقوق الإنسان وحق الحصول
على الطعام هو من المبادئ الأساسية لاتفاقيات جنيف الأربع والبرتوكولات الخمسة
التي تؤسس لحقوق الإنسان على المستوى العالمي إلاأن برنامج الغذاء العالمي قرع جرس
الإنذار بعد خفض نسبة الـ 40 % ولم تحصل في الحقيقة على الدعم خلال هذه الأشهر
الثلاثة ما عمّقالأزمة بشكل أكبر ليقف البرنامج عن عمله للاجئين السوريين الذي بلغ
عددهم نحو 1.7 ملايين لاجئ داخل وخارج سوريا بحاجة للمساعدة الفورية.

اكتفى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية
ببيان صحفي على لسان رئيسه “هادي البحرة” الذي أدان وقف المساعدات
الغذائية للاجئين السوريين في دول الجوار والنازحين داخل سوريا دون اتّخاذ موقف
واضح أوإعلان حالة الخطر من أجل اللاجئين السوريين أو طرح هذه المشكلة التي أساساً
ليست طارئة، واكتفى الائتلاف بالخلافات من أجل تشكيل الحكومة والصراعات الإقليمية
وحضور المؤتمرات التي أصبح اللاجئ السوري هو آخر بند في جدول أعمالهاإن وجد أصلاً
ضمن هذه الجداول حيث وصلت تكاليف الاجتماعات من أجل الحكومة بين إقالة وتشكيل وصراع
نحو مليون دولار ذهبت على الفنادق والسوريين يتلون من الجوع في خيم لا تقي من برد
الشتاء.

من الواضح أن الدول المانحة لا تريد مساعدة اللاجئين
السوريين عبر برنامج الغذاء العالمي الذي من الممكن دعمه خاصة أن حجم المساعدات
السنوية هي أقل من تكاليف عدة طلعات جوية لقوات التحالف من أجل ضرب “تنظيم
الدولة” وعدم قرع جرس الإنذار هو تواطؤ بين البرنامج العالمي للغذاء والدول
المانحة لإرضاخ السوريين للحل السياسي الذي تعمل عليه هذه الدول بمعرفة الائتلاف والحكومة
المؤقتة.

فسياسة حصار
الجوع الذي استخدمها النظام السوري مع بلدات الغوطة الشرقية والغربية في ريف دمشق لإخضاع
السكان والقبول بالهدنة مع النظام وتسليم السلاح وإخراج الناس في شكل من أشكال
التطهير المذهبي الذي استخدمه النظام في حمص استلهمته دول القرار والمنح لإرضاخ
السوريين والضغط على المعارضة السياسية التي تريد فقط أن تخرج مظاهرة واحدة في أي
مكان من سورياأو مخيمات اللجوء تطالب بالحل السياسي وإبقاءالأسدلإنهاء المشكلة حتى
تسارع هذه المعارضة للحل السياسي على اعتبار أنها حصلت على الشرعية وتبرر أن بقاء الأسد
مع حكومة الائتلافية هو الحل الأمثل.

شاهد أيضاً

المقاومة وقداستها

عبد العزيز المصطفى تذكرُ كتبُ الأساطيرِ أنّ ملكًا استدعى أحد مستشاريه في ساعة متأخرة من …

فلنختار ظرف ومكان موتنا

عبد العزيز المصطفى خلال الحرب العالمية الثّانية كان الشغلُ الشاغل لهتلر هو كيفية القضاء على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *