الرئيسية / رأي / رهان خاسر على روحاني

رهان خاسر على روحاني

حمزة المصطفى

باحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

ببراعة نادرة أدار مرشد إيران علي خامنئي دفة الانتخابات الرئاسيّة
الإيرانية التي جرت منتصف شهر حزيران/ يونيو 2013، والتي خرجت بنتائج خالفت توقعات
غالبيّة المختصين والمحليين السياسيين الذين رجحوا فوز المحافظين في هذه
الانتخابات.

مثل فوز المرشح القريب من التيار
الإصلاحي حسن روحاني متنفسًا للنظام
الإيراني لجهة الحاجة إلى شخصية قادرة على التواصل مع الغرب في هذه المرحلة في
ملفات الأمن القومي لاسيما الملف النووي، وأيضًا لجهة خفض التوتر مع الدول
الإقليمية لاسيما المملكة العربيّة السعوديّة التي تسعى حاليًا إلى تغيير معادلة
القوى السياسية في بلدان الثورات العربية بالانقلاب على حركات الإسلام السياسي أو
على الأقل تهميش دورها بغية تصدر المشهد على الساحة العربية والتحكم بمخرجاته.

في الفترة الممتدة ما بين نجاحه وموعد تنصيبه 3 أب/ أغسطس المقبل يعمل
الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني بصمت في كواليس السياسة الدوليّة لإقناع الغرب بأن
تغيرًا هامًا سيطرأ على توجهات إيران في
عهده بشكل يقترب أو يشابه ما كان في عهد الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتميّ. فقد
وجه روحاني ولأول مرة منذ عام نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 دعوة
للولايات المتحدة لحضور حفل تنصيبه، كما أنه يطمح إلى أن يكون التمثيل الخليجي في
هذا الحفل عال المستوى بعد إشارات أرسلها إلى مجلس التعاون الخليجي توحي بأن قطيعة
تامه ستحدث مع سياسة سلفه محمود أحمدي نجاد.

ضمن هذه الترتيبات، يعد الملف السوريّ أحد أبرز نقاط التصادم بين إيران من
جهة، والغرب ودول الخليج من جهة أخرى. يدرك الرئيس الجديد أن مسعاه للانفتاح على
هذه القوى يتطلب مرونة كبيرة والبحث عن نقاط مشتركة لتسريع الحل السياسي في سوريّة
بدلاً من الاستمرار في دعم نظام الأسد سياسيا، وعسكريا، واقتصاديا والمراهنة عليه
في حسم الصراع لصالحه.

في كواليس السياسة الدولية تشير تقارير غربية إلى مباحثات عدة عقدت بين
مسؤولين إيرانيين، وأخرين من فرنسا وبريطانيا كل على حدة حول الملف السوريّ. و قد خرجت
هذه اللقاءات بنتائج تتمثل في موافقة إيران على المساهمة في الحل وفق اتفاق جنيف
بحيث يتم تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات لا مكان للأسد فيها على أن تبدأ المرحلة
الانتقالية بداية عام 2014 بوجود الأسد ” شرفيًا” حتى خروجه تاريخ
انتهاء مدته ” الدستورية” تموز/ يوليو 2014. وبناء عليه وجدنا مرونة في
التصريحات الغربية التي كانت تصر على استبعاد إيران من حضور مؤتمر جنيف2، والاتجاه
إلى ضرورة إشراكها في الحل إذا ما أكدت التزامها ببيان جنيف 1.

إن الرهان الغربي أو الإقليمي على تغير موقف إيران من الثورة السوريّة هو
رهان خاطئ، وخاسر لأسباب عدة أولها: أن مفتاح الملف السوري في إيران هو المرشد
الأعلى وليس الرئيس، ويجب لا ينسى أحد دعوة المرشد أثناء الحملات الانتخابية
الرئاسية المرشحين إلى تجنب الخوض فيه والتركيز على ملفات الداخل، وثانيها: أن
إيران بجميع مؤسساتها تعتبر سورية مسألة أمن قوميّ لها، وأن خساراتها سيلحق
تداعيات على حضور ونفوذ إيران في الإقليم. ويجدر التذكير هنا بالعرض الإيراني قبل
أشهر والذي ربط بين الملف النووي الإيراني وسورية كسلة متكاملة في التفاوض مع
الغرب.

انطلاقًا من ذلك فإن المرونة التي ستطغى على الخطاب السياسي الإيراني في
المرحلة المقبلة ستكون ضمن أدوات إدارة الأزمة بهدف إقناع الدول الغربية بضرورة
التفاوض مع إيران بدلاً من اللجوء إلى خيارات مكلفة مثل تسليح المعارضة السوريّة،
واحتواء الضغوط الغربية على نظام الأسد التي تصاعدت بعد تأكيد الإدارة الأميركية
استخدام النظام للسلاح الكيماوي، وهو ما نجحت فيه إيران حتى الآن. بالمقابل تستمر إيران بإمداد نظام الأسد بمقومات بقاءه لمنع
تدهوره العسكري من خلال إشراك حزب الله، وميليشيات طائفية عراقية في القتال إلى
جانبه لإحداث خلل كامل في الميزان العسكري على الأرض.

شاهد أيضاً

المقاومة وقداستها

عبد العزيز المصطفى تذكرُ كتبُ الأساطيرِ أنّ ملكًا استدعى أحد مستشاريه في ساعة متأخرة من …

فلنختار ظرف ومكان موتنا

عبد العزيز المصطفى خلال الحرب العالمية الثّانية كان الشغلُ الشاغل لهتلر هو كيفية القضاء على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *