الرئيسية / منوعات / منوع / بضائع ثورية مزيفة!

بضائع ثورية مزيفة!

ياسر الأطرش

هي الثورة التي طالت حتى أخرجت كل ما علق في
النفوس من درن، وجعلت الذي كان عيباً وعاراً يصبح سلوكاً يمارسه البعض على رؤوس
الأشهاد .. كان الكثير يطمح إلى سلطة ما، ولو بدرجة خفير أو حارس بلدية، الآن أصبح
المتاح أكثر بكثير، فزعيم عصابة مسلحة سيحظى بما هو أكثر مما اشتهاه يوماً، وولد
أهوج كانت عشيرته تضبضب فضائحه، سيصبح “عمي الشيخ” على سن ورمح،
فالتطابقات والخلافات الإقليمية والدولية والبينية، ذهبت بكل ما هو صالح وألزمت كل
حقيقي أن ينأى، حتى وضعتنا أمام خيارات لم نفكر يوماً أننا سنراها، خيارات تبدو
غريبة جذريا عن المجتمع السوري وطريقة تفكيره، إن كان دينياً أو سياسياً أو
اجتماعياً.. السوريون اليوم غرباء فعلاً عما يُخاط لهم، ويلبسه نيابة عنهم أيضاً –
ممثلون – ما عادوا أكثر من مهرجين مقززين.

الشباب الذين وُصفوا بأنهم مفجرو الثورة
وأصحابها، لم يستطيعوا بالمطلق إفراز قيادات منهم تمثلهم وتحمل صوتهم وتكون ضميرهم
وواجهتهم السياسية، كما في مصر تماماً، هم مطية لا بد منها ولا غنى عنها للساسة
المحنطين، يحكمون باسم ثورة الشباب، قلة الوعي ليست السبب الأكثر جوهرية، فكثير من
الشباب واعٍ ويدرك بالقدر الكافي ما يفعل وما يدور حوله، لعلها الغيرة السياسية،
والدخول الفجائي في عالم لم يكن أكثر من مُتخيل بالنسبة لهم، ما خلق مباشرة نوعاً
من الاستبداد الداخلي، والأنانية التي أوجدت مبرراتها: فأنا من أوائل من شاركوا في
الحراك الثوري، وأنا قدمت بيتي وكل ما أملك فداء للثورة، واستشهد أشخاص من عائلتي،
وعملت في مجال الإغاثة، وأنا شريف لا أسرق، وعادلٌ لا أظلم ، وسياسي محنك أستطيع
التواصل والتفاهم مع الجميع .. !!! وهذه الأنا هي تماماً من أوصلنا إلى أن نفشل
وبشكل متكرر حتى في انتخاب مجلس محلي لقرية! .. نعم الانتخابات في كل المناطق
المحررة فشلت من قمتها إلى قاعها، من كبيرنا إلى صغيرنا لم نقبل لعبة الديمقراطية
ولم نؤمن بحق الآخر بعد .. مجلسهم مزيف ولا يعبر عن الشارع .. وأنتم مجلسكم مدعوم
من الخارج وتستقطبون الناس بالمال السياسي .. وأما الساسة الكبار ، المحنطون، الذين
أُعدوا لنا سلفاً، ويتم استقدامهم من ثلاجات الموتى كلما دعت الحاجة إلى ذلك، فهم
الآن يمارسون دورهم في إطفائنا، بالشراكة مع كل الأطراف، علنية وغير علنية، هؤلاء
الذين استطاعوا وحدهم، وبقوة معارضتهم فقط ، إطالة عمر نظام الأسد، وتمزيق صفوف
الشباب الثوار، وتشتيت رأي المقاتلين الذي هو قبل شجاعة الشجعان، بالمال السياسي
والإعلام وبريق تاريخ كاذب، ركبوا، وأنزلونا من القطار .. نحن نتابع السير على
السكة، بعضنا سقط، والبعض يحاول ما زال، ولكن القطار ذاك الذي يحمل همومنا
وأوجاعنا وثورتنا، ألقوا القبض عليه أيها الناس.. إنه قطار كاذب يحمل بضائع مزورة!

 

 

شاهد أيضاً

لأمعاء صحية وجسم مرتاح.. إليك هذه النصائح

لا شك في أن أمراض المعدة الحساسة باتت الأبرز في عصرنا هذا، لذلك قدم أحد …

“ريزر” تطلق لوحة مفاتيح ميكانيكية لعشاق الألعاب

أطلقت شركة “ريزر” لوحة المفاتيح الميكانيكية “بلاك ويدو في 4 75%” (BlackWidow V4 75%) الجديدة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *