الرئيسية / سياسي / سياسة / حوارات / الرائد عصام الريس لـ”صدى الشام”: درعا تستحق أن يعتذر لها كل من اتهمَها بالتخاذل

الرائد عصام الريس لـ”صدى الشام”: درعا تستحق أن يعتذر لها كل من اتهمَها بالتخاذل

حاوره- مصطفى محمد/

تتعرض الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة بمدينة درعا لهجمات شرسة ومتتالية من قوات نظام الأسد المدعومة بالمليشيات وبالمقاتلات الحربية، في مسعى منها إلى فصل ريف المدينة الشرقي عن الغربي بالدرجة الأولى.

ويجري ذلك بالتزامن مع أنباء عن تخفيف الدعم المقدم للفصائل التي تستميت في الدفاع عن مناطقها، ما اعتبره مراقبون بمثابة التخلي عن المعارضة، وتركها تواجه مصيرها.

لكن الرائد عصام الريس، المتحدث باسم الجبهة الجنوبية، أكد أن المعارضة في موقف جيد، مشيداً بالتنسيق والتكامل فيما بينها، الذي مكنها من صد الهجمات المتتالية وتكبيد قوات النظام والمليشيات الموالية له خسائر فادحة، وفي الوقت ذاته لم يخفِ الريس في حديثه لـ صدى الشام خشيته من استمرار استهداف النظام للمناطق المكتظة بالمدنيين بشتى أنواع الأسلحة.

 

وفيما يلي نص الحوار:

 

– ما هو تقييمكم للوضع العسكري الراهن في جنوبي سوريا حالياً، وماذا يستهدف النظام فعلياً من خلال العمليات المتواصلة على درعا؟

ما زال النظام يمارس سياسة الأرض المحروقة في درعا منذ نحو أربعة أشهر، بكل أنواع الأسلحة وصولاً إلى النابالم مؤخراً، لكن ومع ذلك استعاد الثوار المناطق التي تقدم لها النظام، وتم تكبيده خسائر فادحة في العتاد والأرواح، والوضع العسكري مع كل هذا الضغط الكبير مستقر ولا يزال لصالح الثوار، أما عن أهداف النظام فلها بعد رمزي من خلال إسقاط مدينة درعا ذات الرمزية باعتبارها مهد ومعقل الثورة.

 

– قد يكون هذا واحدًا من الأهداف، ماذا عن الأهداف العسكرية لهذه الحملة؟

يهدف النظام إلى فصل الريف الشرقي عن الغربي في درعا، ويحاول الوصول إلى الحدود الأردنية والسيطرة على معبرالرمثا الحدودي مع الأردن.

 

– سياسة الأرض المحروقة يتبعها النظام فيما تبدي الفصائل تماسكاً وصلابة، ما هي أسباب القوة التي تساعدكم على الصمود ورصّ الصفوف؟

الفصائل تحت قيادة غرفة عمليات واحدة، ولا مشاكل فيما بينها، والجميع يخوض معركة موحدة، والأهم من ذلك التمسك بعدالة القضية، نحن نتحدث عن معركة وجودية في مهد الثورة، أما بالنسبة للدعم لم يكن له أي دور في دعم صمود أهل درعا يوماً، في الجنوب الوضع مختلف لربما عن بقية المناطق، ودرعا الآن تستحق أن يعتذر لها كل من اتهمها بالتخاذل في وقت سابق، وخصوصاً أثناء سقوط مدينة حلب، هناك استراتيجية عسكرية متبعة في الجنوب، وهناك محاولات دائمة لتحصين الجبهات، وعلى سبيل المثال عندما كان جيش النظام يستهدف حلب، فإن درعا تحركت بشكل عاطفي ودون تنظيم لضرب النظام في الجنوب. بالتأكيد لم يكن ذلك ليخفف الضغط الذي كان عن حلب حينذاك، فمن يقاتل هناك ميليشيات أجنبية ومقاتلات روسية.

 

– ما هو دور غرفة “الموك” في المعارك المحتدمة حالياً، وهل لا يزال الدعم يصلكم منها، أم أن الفصائل متروكة لمصيرها؟

الغرفة ليست متوقفة، وتعمل بنفس الآلية السابقة، إن غرفة الموك بالأساس ليست غرفة موجودة فعلياً على الأرض، وإنما هي تعبير عن شيء افتراضي، أي تقديم الدعم من أصدقاء سوريا للشعب السوري في الجبهة الجنوبية المعترف بها دولياً، على أنها جبهة مكونة من فصائل من الجيش الحر، والمجتمع الدولي يعلم تماماً بأن المقاتلين في هذا الجبهة، هم جيش حر لا همَّ لهم إلا الوطن فقط، وليس لهم أجندات سياسية.

 

غرفة “الموك” غير متوقفة، وتعمل بنفس الآلية السابقة، وهذه الغرفة ليست موجودة فعلياً على الأرض، وإنما هي تعبير عن الدعم المقدم من أصدقاء سوريا في الجبهة الجنوبية.

 

– في حال عجز النظام عن تحقيق أهدافه، ما هي السيناريوهات العسكرية التي تتوقعون تطبيقها من قبله، وهل يمكن أن يلجأ لسياسة “القضم التدريجي” كتلك التي لجأ لها في حلب، والتي مهدت لسقوط المدينة بالكامل؟

السيناريوهات مفتوحة، لكن من المستبعد أن يلجأ النظام لهذه السياسة، ليس لأنه لا يريد تطبيقها، لكن لأنه لا يستطيع، إن غرفة العمليات في درعا تحمل اسم “رص الصفوف”، ولها من اسمها نصيب، وهذا باعتراف الجميع.

 

من المستبعد لجوء النظام لسياسة القضم التدريجي لمناطق درعا ليس لأنه لا يريد تطبيقها، بل لأنه لا يستطيع ذلك.

 

– ما هو الشيء المقلق لكم بالدرجة الأولى كجيش حر في الجنوب، هل تتخوفون مثلاً من قطع الأردن حدودها بشكل كامل، أم من توقف الدعم، أم من ماذا؟

الخوف والقلق الأول من دخول النظام إلى المناطق المحررة المكتظة بالسكان المدنيين، والتي تضم مئات الآلاف منهم، الخوف من تعرض أهلنا لمجازر بحق السكان الأبرياء، وهذا غير مستبعد في حال استطاع النظام أن يتوغل داخل المناطق الخاضعة لسيطرتنا، والتي تقدر بنسبة 70% من مجمل مناطق درعا، وهذه المناطق يقطنها بالإضافة إلى أهلها، قسم كبير من النازحين من المناطق التي يحتلها النظام، وهذا هو الشيء المخيف بالنسبة لنا.

 

الريّس: ما يقلقنا هو دخول النظام إلى المناطق المحررة المكتظة بالسكان المدنيين والتي تضم مئات الآلاف منهم، وارتكابه المجازر بحقهم.

 

– من هذا الجانب لربما يمكننا تفسير ضراوة القصف الذي يستهدف المدنيين بدرعا؟

تماماً، النظام يحرص على استهداف القاعدة الشعبية للثوار، وهذه السياسة مشابهة لتلك التي اتبعها في كل المناطق التي حاصرها من قبل، ولكن حتى الآن لم يستطع النظام محاصرة ثوار درعا، ولن يستطيع، ولذلك ليس أمام النظام إلا ضرب المدنيين كعادته في الإرهاب.

 

– على ذكر المدنيين ومعاناتهم، تم في الأسبوع الماضي الإعلان عن هدنة في مدينة درعا لم تدم أكثر من يومين، وبعد ذلك عاد التصعيد من جديد. فعلياً وبعيداً عما يصدر رسمياً في وسائل الإعلام، من هو الطرف الذي فرض هذه الهدنة ومن أعلن عن توقفها؟

تم إعلان الهدنة من طرف النظام، وباعتقادي فإن السبب الأهم للإعلان عن الهدنة من جانب الطرف الروسي يعود إلى محاولة موسكو الظهور أمام المجتمع الدولي على أنها تسطيع فرض هدنة، ولا تزال قادرة على السيطرة على النظام والميليشيات على الأرض، أما النظام فقد أرادها لكي يلتقط أنفاسه، ولتجميع قواته المنهكة في درعا.

الروس يعاتبون دائماً النظام، ويلومون قواته والميليشيات على عدم جدارتها في معركة الجنوب، ولذلك حاول النظام أن يستفيد ما أمكن من هذه الهدنة التي استمرت48 ساعة، وبالتالي أعلن عنها، ثم خرقها منذ ساعاتها الأولى عبر استمرار استقدام التعزيزات العسكرية للمدينة، ونحن غير معنيين بها إلا لصالح المدنيين، وكذلك قام الثوار بإعادة توزيع الجبهات ورص الصفوف من جديد، والدليل على ذلك أنه فور انتهاء الهدنة حاول النظام تنفيذ اقتحامات على بعض الجبهات وذاق ما ذاق، وحتى قبل الهدنة نحن بالأصل كنا في موقف الدفاع وصد الهجوم، وتحرير حي المنشية جاء رداً على انتهاكات النظام الكثيرة للهدنة، وكان لا بد من تحرير الحي بعملية بطولية، وبعد الجولة الأخيرة من أستانا قام النظام بجولة وحشية من القصف لضرب القاعدة الشعبية في درعا ومعاقبة الثوار والجيش الحر من خلال المدنيين.

 

– يذهب بعض المراقبين إلى القول بأن استئناف العمليات العسكرية بعد الهدنة جاء ضمن مهلة منحها الروس لقوات النظام حتى تصل إلى المعبر الحدودي، وتنهي وضع درعا بشكل كامل، هل هذا صحيح؟ خصوصاً قبل الاستحقاقات السياسية المقبلة؟

هذه المهلة سمعنا عنها من خلال وسائل الإعلام فقط، روسيا نفسها غير جادة في تحقيق وقف إطلاق النار، وبالتالي لن يمهلوا النظام بقدر مشاركتهم في المعركة، وأقول هنا أن ثوار درعا استطاعوا صد الهجمة على المدينة في حي المنشية ومخيم درعا، واستطاعوا صد هجوم الفرقة الخامسة، وهم ينتظرون كل القوات والفرق التي يستقدمها النظام لصدها وتدميرها.

 

– بعيداً عن الشق العسكري والميداني، هناك أحاديث إعلامية تشير إلى أن المملكة الأردنية راضية تماماً عن تقدم قوات النظام إلى المنطقة الحدودية، بالرغم من وجود بعض المخاوف لديها من تواجد الميليشيات على الحدود، ما هو تعلقيكم؟ وبرأيكم مع من تتقاطع مصلحة الأردن في الوقت الراهن؟

مصلحة الأردن مصلحة دولة تعاني من الوضع السوري من خلال اللاجئين المتواجدين على أراضيها والذين يشكلون أعباءً اقتصادية واجتماعية لربما عليها، ومصلحة الأردن أن تكون الجبهات هادئة قدر الإمكان، وتواجد الجيش الحر على الحدود لأكثر من عامين لم يعرض الأردن لأي خطر، بالتالي إن مصلحة الأردن بالتأكيد مع المعارضة، ولا أعتقد أن المملكة ستكون مسرورة بتواجد قوات النظام المكونة من ميليشيات في المناطق الحدودية.

 

الريس: لا أعتقد أن المملكة الأردنية ستكون مسرورة بتواجد قوات نظام الأسد المكونة من ميليشيات على حدودها مع سوريا.

 

– كما يبدو فإن هناك مباحثات أردنية روسية أمريكية إسرائيلية حول مستقبل الجنوب السوري بالمجمل، في ظل كل ذلك إلى أين يتجه مصير درعا، وهل أنت مطمئن على مستقبلها؟

مصير درعا يرسمه أبناؤها، وليس الدول الفاعلة، وهذا ليس كلاماً مبالغاً فيه، قد ترسم هذه الدول خرائط درعا، لكن الكلمة الأخيرة للثوار الذين يكتبون بدمائهم مستقبل درعا، أما عن الاطمئنان فثقتنا كبيرة بالثوار الذين سطروا بطولات أبهرت العالم بأجمعه.

 

– لو انتقلنا للحديث عن الوضع العسكري على نطاق أوسع، وأقصد هنا سوريا بشكل عام، بالإضافة لدرعا تعتبر البادية السورية محوراً أساسياً للتحركات حالياً، كيف تقيّم الوضع العسكري فيها من واقع خبرتك؟

الوضع في البادية على الشكل الآتي، هناك محاولات من ميليشيات الحشد العراقي وإيران في سوريا لربط مناطق سيطرتهما ببعضها بعضًا أي من العراق مروراً بسوريا والوصول إلى لبنان، وهذا هو حلم إيران في المنطقة، ورغم كل التحذيرات يقترب النظام من المنطقة الممنوع عليه الاقتراب منها من قبل التحالف في محيط معبر التنف الحدودي لقطع الطريق أمام الثوار والجيش الحر على محاربة تنظيم الدولة، تماماً كما فعل في ريف حلب الشرقي مع درع الفرات عندما فصلت قواته بين قوات “درع الفرات” وتنظيم الدولة في محيط مدينة الباب، حتى يظهر نفسه شريكاً للمجمتمع الدولي في قتال التنظيم، وكي يحظى بالدعم والتقدير الدولي، مقابل حرمان الجيش الحر والثوار من ذلك، علماً بأن الجيش الحر استطاع تحرير مئات الكيلو مترات من مناطق البادية التي كانت خاضعة لسيطرة التنظيم، وهذا الأمر لا يرضي النظام وهو الذي يتغذى على وجود هذا التنظيم.

 

        لماذا توقفت عن المشاركة في مؤتمر أستانا، وهل هذا القرار على المستوى الشخصي أم على مستوى الجبهة الجنوبية ككل؟

كان قراري على المستوى الشخصي وحسب، لقد شاركت في الجولة الأولى من مباحثات أستانا، وبعدها فضلت عدم المشاركة لأسباب أتحفظ على ذكرها، أما الجبهة الجنوبية فهي مشارِكة في المباحثات وفي الجولة الأخيرة.

 

–  ختاماً كيف تنظرون إلى ما يجري من مستجدات عسكرية في الساحة السورية، لا سيما مع إسقاط التحالف لمقاتلة تابعة للنظام في ريف حلب الجنوبي، وأخرى لطيارة بدون طيار، وما هي دلالتها برأيكم؟

أنا أراها تصرفات أحادية، الغاية منها حماية مصالح القوات الأمريكية، وليست مرتبطة بخلفيات سياسية، أي هذه التصرفات لا تؤثر على السياسة الأمريكية في المنطقة، ولا تعني بحال من الأحوال تغيير موقفها في سوريا.

شاهد أيضاً

أي مستقبل لـ”تحرير الشام” والتيار الجهادي في سورية؟

مع أفول تنظيم داعش بسقوط آخر معاقله في بلدة الباغوز، شرقي سورية، في مارس/آذار 2019، …

مآدب إفطار سورية سياسية

وجدت المعارضة السورية، بهيئاتها المختلفة، في شهر رمضان مناسبة جيّدة لجمع عدد من الصحافيين والكتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *